الحكايات العربية القديمة في أول مسرحية استعراضية سعودية

يخصص موسم الرياض في نسخته الثانية مساحة كبيرة للعروض المسرحية التي تقدّم للمرة الأولى على خشبة مسرح بوليفارد رياض سيتي، ومنها مسرحية “كان يا ما كان”، وهي أول مسرحية سعودية استعراضية تمزج بين التمثيل المسرحي التقليدي وعدد من الفنون الأخرى بالإضافة إلى التقنيات السينوغرافية المتطورة، قصد إيجاد “وصفة سحرية” من عوالم ألف ليلة وليلة تكون فعالة في إنجاح العلاقات الزوجية واستمرارها.

الرياض – قدم موسم الرياض في المملكة العربية السعودية مسرحية “كان يا ما كان” لجمهور المهرجان طوال سبعة أيام، وهي تجربة مسرحية فريدة تعدّ الأولى من نوعها سعوديا في مجال المسرح الاستعراضي.

والمسرحية من تأليف جود كريستيان، وإخراج ويل تاكيت، والرؤية الفنية لزينة عاشور، ويشارك في المسرحية أكثر من 80 فنانا سعوديا ما بين ممثلين وفنيين وساعد في إعدادهم مدربون عالميون من بريطانيا، حائزون على جوائز.

استغرق تطوير النص أياما على يد الكاتبة المسرحية السعودية أشواق الروقي، التي قالت إنّها بذلت ساعات لإنجاز العمل وتطوير المحتوى وإعداده ليكون ملائما للبيئة المحلية.

كما بُني المسرح بالكامل في أستوديو تلفزيوني ضخم بغرب لندن، وشُحنت كامل تجهيزات المسرح إلى السعودية في شهر ديسمبر 2021، ليبدأ بعدها التحضير والاستعداد للعرض المسرحي.

ويحتوي العرض على حزمة من اللوحات الفنية التي تمتزج فيها مواهب الإبداع والابتكار بموسيقى متوافقة مع أحداث وتفاصيل العرض المسرحي العالمي الذي استغرق التحضير له أكثر من عامين.

العرض المسرحي يستند على قصص ألف ليلة وليلة والقصة الإطارية فيها التي تنطلق من الحاكم شهريار وزوجته شهرزاد

ويتكون العرض المسرحي من تسعة مشاهد، إضافة إلى أكثر من 100 لوحة فنية وإبداعية، تعرض بتقنيات حديثة؛ لإيصال عدد من الرسائل المحفزة لتحقيق الطموحات والأحلام وسط ضغوط الحياة الراهنة، عبر استخدام الفلسفة الإيجابية والأفكار العقلانية الناضجة.

واستغرق الاستعداد للمسرحية 34 شهرا من التدريب، من بينها شهر ونصف الشهر بالعاصمة البريطانية لندن، إضافة إلى مجموعة من التدريبات في جدة والرياض، ورافق التدريب عدد من الأعمال المتمثلة في ترجمة النصوص وتدقيقها لغويّا.

وتروي المسرحية قصصا خيالية، من خلال عروض الدمى، والألعاب البهلوانية، والرسم في الهواء، والرقص، والموسيقى الحية، في أجواء الحكايات العربية القديمة.

ويجمع العرض الذي تقوم قصصه حول البطلين “سيف” وزوجته “فرات”، بين قصص ألف ليلة وليلة وقصص حب العائلة، والأصدقاء، والحياة.

وفي المسرحية، يحاول الزوجان “سيف وفرات” شق طريق الحياة الماضية، والتقاط إشارات عن مستقبلهما، وفهم إشارات الحاضر وكواليسه عبر استلهام العبر من قصص الماضي وأساطير الحكايات العربية الشهيرة. فهذا الزواج المعاصر، الذي يسعى جاهدا للاهتداء إلى النجاح والسعادة، عبر تقفي أثر الحكمة والشجاعة والالتزام في مواجهة التحديات.

ويستند العرض المسرحي في مجمله على قصص ألف ليلة وليلة والقصة الإطارية فيها التي تنطلق من الحاكم شهريار وزوجته شهرزاد، وقد اجتمعت “فرات” بطلة المسرحية خلال فصول الحكاية مع شهرزاد للبحث عن إجابات للحاضر مستوحاة من حكمة الماضي.

 

هكذا نستلهم العبر من الأساطير
هكذا نستلهم العبر من الأساطير

 

وسرعان ما تتحول “فرات” إلى نسخة جديدة عن شهرزاد، فتروي قصصا خيالية وتاريخية تراجيدية وكوميدية وشعرية، مصحوبة بأحدث التقنيات المرئية وعروض الدمى والألعاب البهلوانية، وفنّ الرسم في الهواء، والرقص، بالإضافة إلى الموسيقى التي تضفي الكثير من التشويق والإثارة على العمل المسرحي الذي صار يسارع الزمن للحفاظ على حياة شهرزاد بطلة حكايات ألف ليلة وليلة، كي يهب حياة كل من فرات وسيف المعنى، ويمنحهما أسرار الاستقرار والسعادة.

وأسقطت المسرحية التحديات الراهنة وأعباءها على حكايات الماضي، تبحث فيها عن ضوء وإجابات، تستنطق الشخصيات الأسطورية التي شغلت حيزا من حكايات الماضي العتيق، لتساعدها في النجاة من قلق الوقت.

وتقود العازفة رنا حجاج الفريق الموسيقي في “كان يا ما كان” الذي عزف موسيقى تعتمد في أغلبها على آلات وترية كالعود والجيتار والقانون بالإضافة إلى آلة الدرامز الإيقاعية، مما مكنهم من صنع خلفية موسيقى إيقاعية تتنوع بتنوع تلوينات السرد المسرحي وتطور نسق الحكاية.

ووظفت تقنيات السينوغرافيا لتنسجم مع الطابع العام للمسرحية المراوح بين الماضي والحاضر، فكانت التصاميم الفنية والتقنية عبارة عن عملية خلق دؤوب لعناصر مشهدية توضح الأبعاد المكانية والزمانية للحضارات التي احتضنت القصص والمواقف العربية والفارسية والهندية والمصرية، مما أضفى انطباعا بواقعية فصول الحكاية.

العرض المسرحي يتكوّن من تسعة مشاهد، إضافة إلى أكثر من مئة لوحة فنية وإبداعية، تعرض بتقنيات حديثة

وبات موسم الرياض يستقطب حفلات وإنتاجات عربية وعالمية كبرى، فيما يراهن على تقديم إنتاجات فنية سعودية رائدة محليا وحتى عربيا، تمزج بين الفنون التقليدية والتقنيات البصرية والسمعية المتطورة.

وموسم الرياض، هو مهرجان ترفيهي عالمي يقام في مدينة الرياض عاصمة المملكة العربية السعودية، ويهدف لتحويلها إلى وجهة ترفيهية سياحية عالمية، وفقا لأهداف برنامج جودة الحياة أحد برامج رؤية السعودية 2030. وانطلق موسم الرياض للمرة الأولى في العام 2019 واستقطب أكثر من 10 ملايين زائر، وانطلق موسمه الثاني في العشرين من أكتوبر 2021 بعد توقفه عام 2020 بسبب جائحة فايروس كورونا المستجد ويتواصل إلى غاية الحادي والثلاثين من مارس المقبل.

ويقدم الموسم الثاني من المهرجان نحو ثلاثمئة وخمسين مسرحية، في حين شهد شهر يناير الماضي عودة عدد كبير من النجوم  إلى خشبة المسرح، ضمن فعاليات النسخة الثانية من موسم الرياض، بعد غياب سنوات طويلة ومن هؤلاء الممثلة المصرية يسرا، التي تعود إلى ممارسة الفن الرابع بعد غياب قارب 20 عاما، بعد آخر أعمالها المسرحية “لما بابا ينام” عام 2002، حيث تستعد لتقديم مسرحية جديدة بعنوان “صافي وناني” وهي من تأليف وإخراج خالد جلال. بالإضافة إلى الممثلين الأخوين مصطفى وحسين فهمي بالإضافة إلى الممثلة المصرية غادة عادل.

وعلى مدار الأشهر الماضية عرضت أعمال مسرحية جديدة من بطولة نجوم الكوميديا المصريين ضمن فعاليات موسم الرياض، وشهد شهر نوفمبر الماضي عرض مجموعة كبيرة من المسرحيات “سلام مربع” لمحمد هنيدي، “اللمبي في زمن الجاهلية” لمحمد سعد، بالإضافة إلى “عائلة تس”، بينما شهد شهر ديسمبر عرض “جوازة معفرتة” بطولة أحمد فهمي وهنا الزاهد، و”عائلة لاسعة جدا” لأحمد زاهر وابنتيه ليلى وملك.

 

 

 

This will close in 5 seconds