الجلسة الثانية «جماليات الأداء وتناسج ثقافات الفرجة» – النظريات والمستقبل

المصدر : محمد سامي موقع الخشبة

د. خالد أمين : استطاع المشروع -فيما مايقرب من عقد من الزمان- أن يفرز معجما غير مسبوق لـ “فكر عابر للحدود
• فيليبه إبينيه : تحت شعار “نحن نحتفي بالاختلافات الثقافية!”، تتجاوز ورشة الثقافات المؤسسة الثقافية التقليدية .
• هشام بن الهاشمي أشكال المقاومة الأكثر نجاحاً وذيوعاً هي التي حولت الخطاب المهيمن إلى سبيل أسست معه الاختلاف الثقاف “.
• سواجيراه : إيريكا فيشر ليشته من أهم الباحثين المسرحين، الذين كتبوا عن العرض والأدائية باللغة الألمانية
عقدت اليوم 20 سبتمبر بقاعات الندوات الكبرى بالمجلس الأعلى للثقافة .- ضمن المحاور الفكرية المصاحبة لمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي والمعاصر الدورة “24”- الجزء الثاني من المحور الفكري «جماليات الأداء وتناسج ثقافات الفرجة» – النظريات والمستقبل والتي كان يفترض فيه تكريم المنظرة الألمانية إيريكا فيشر- ليشته تحت عنوان «جماليات الأداء وتناسج ثقافات الفرجة» – النظريات والمستقبل،
وتناولت الجلسة الثانية موضوع «تناسج ثقافات الفرجة» ويرأس الجلسة مروة مهدي عبيدو ، ويتحدث فيها د. خالد أمين أستاذ المسرح بجامعة عبد الملك السعدى، طنجة- المغرب، وباحث بمركز الأبحاث الدولي للدراسات المتطورة عن تناسج ثقافات الفرجة ببرلين- ألمانيا ، و فيليبه إبينيه ، مدير مركز ورشة الثقافات (فيركشتات دير كولتورن) برلين- ألمانيا ، هشام بن الهاشمى، باحث مسرحى، جامعة ابن طفيل- المغرب ، ماتجوريتساتا سوجيراه ، أستاذ متفرغ ورئيس قسم دراسات الفرجة، بجامعة ياغولونيا- بولندا .

وقدم الباحث خالد أمين أستاذ المسرح بجامعة عبد الملك السعدي موضوع “حراك الثقافات المسرحية – مناطق الاتصال والاحتكاك”
ويقول خالد أمين : “لم يكن المسرح أبدا أرضا مستقرة، بل هو مجالات متحولة ومتقاطعة، وطرق عابرة للثقافات المتنوعة.لقد تجاوزت الثقافات المسرحية دائما مواقعها الثابتة،لأنها كانت ولا تزال تشكل فضاءات بينية، صنعت من خلال التعاون/ الاحتكاك، وداخل أماكن إلتقاء الثقافات المتحركة. جميع مواقع الأداء/ الفرجة ملوثة بشكل ما، وعابرة للحدود، من داخل الحاضر والماضي. يتكون مسرح العالم من تأثيرات ثقافية وتاريخية متنوعة. “منطق الاحتكاك الثقافي” -وفقا لـ آنا لـ تسينغ- هي “مناطق المشاركة المحرجة”، التي تنتج بين التقاطعات، والتي تسميها “الاحتكاك”، “السمات الإبداعية الغير متكافئة والغير مواتية والغير مستقرة، للتواصل الداخلي العابر للاختلاف” (Friction, 4).
وتماشيا مع مشروع ايريكا فيشر-ليشته، واستلهاما لمشروع التناسج، نحن نؤمن بامتصاص الثقافات المسرحية للمواد الأثرية والبقايا والأصداء والأطلال ووشوم التاريخ الصامت، التي لا يمكن الوصول إليها، حتى تخضع لحفريات في الصمت أو للترجمة وفك الشفرة. حتى الفترة التاريخية المعاصرة “لما بعد المستعمرة” تحتوي على فترات مختلفة (تقليدي، حديث، مابعد حديث)، كما لو أن المذاهب الماضية يمكن لها أن تستمر في الحاضر دون تغيير. يعيد مشروع تناسج ثقافات الفرجة تقييم هذا المشهد، ويسلط الضوء على تقاطعات الطرق وعلى هوامش الاتصال والاحتكاك.
استطاع المشروع -فيما مايقرب من عقد من الزمان- أن يفرز معجما غير مسبوق لـ “فكر عابر للحدود”، ويسلط الضوء على مناطق الاتصال والحراك الفرجوي/الأدائي والتلقي المنتج. تولدت مسارات بحثية تعاونية جديدة، من داخل مناطق التواصل والاحتكاك، كتجارب لاعادة كتابة تاريخ المسرح، والدعوة الى التعددية المتأصلة في التاريخ. يعتبر التلقي المنتج في هذه المناطق، انتاجا أدائيا/ فرجويا في ذاته، من داخل أشكال مختلفة للتفاوض الثقافي والتهجين واعادة الكتابة. يعتبر العرض والبحث أعمالا تاريخية وثقافية قيد التنفيذ أو بالأحرى أعمالا أثناء عمليات التنفيذ، وخطوة أولى في الإنتاج العالمي المعتمد للاختلاف. مفهوم ايريكا فيشر-ليشته عن التلقي المنتج، هو ممارسة مثالية لأخلاقيات الضيافة العالمية.

تناولت فيليبه إبينيه النماذج التطبيقية حول تناسج ثقافات الفرجة ببرلين وذلك تحت عنوان “تناسج ثقافات الفرجة فى المؤسسات الثقافية في برلين- نماذج تطبيقية”
وتقول إبينيه :” أن ورشة الثقافات هي مكان للعرض ولإعادة العرض، وهي مكان مفتوح للممارسات الفنية والثقافية التقليدية والمعاصرة، المحلية والعالمية. في عالم ترتبط فيه القضايا المحلية والعالمية بارتباط وثيق بقصص الهجرة الدولية. ورشة الثقافات هي مكان منتج للمهرجانات الفنية والثقافية من جميع أنحاء العالم. تقع ورشة الثقافات في قلب العاصمة الألمانية، وتعتمد فتح مساحات لمعالجة الأحوال المجتمعية المعاصرة، فضلا عن فتح مساحات لتقديم المنتجات الفنية والثقافية من مختلف الدوائر الفنية والثقافية للمدينة – مع إيلاء اعتبار خاص لإبداع المهاجرين والمغتربين من الأقليات العرقية أو غيرها من الأقليات.
ورشة الثقافات هي منصة للفن والثقافة والعمل، ومكان اجتماع للعديد من سكان برلين، من ذوي الأصول المختلفة، والوافدين من مناطق وثقافات متباينة من العالم ، أي منتدى للأوساط الثقافية المختلفة للمدينة.
تحت شعار “نحن نحتفي بالاختلافات الثقافية!”، تتجاوز ورشة الثقافات المؤسسة الثقافية التقليدية، من خلال برنامج متنوع من الأفلام (سلسلة)، المهرجانات، وحلقات النقاش ( السياسة والثقافة والهجرة)، احتفالات السنة الجديدة عند الأقليات (الكردية والصينية مثلا)، الأدب (ليالي)، والموسيقى (المهرجانات والمسابقات )، والعروض والرقص والمسرح، وغيرها من أشكال اللقاء والتبادل الفني والثقافي.
والهدف من الورقة هو تقديم مؤسسة ورشة الثقافات وأمثلة من إنتاجها، كنموذج للتناسج الثقافي داخل مدينة برلين، والتي تدعم التبادلات الثقافات المختلفة من خلال الأشكال الفنية المتنوعة.

كما تناول الباحث هشام بن الهاشمي موضوع “تناسج ثقافات الفرجة ، احتفاء بالفضاء البيني”
ويقول الهاشمي في ورقته البحثية: ” لا يعيش الفن المسرحي إلا في إطار الحوار الفني والتلاقح الثقافي بين الشعوب، وأي تصور انطوائي سيحكم عليه بالموت والانتحار البطيء. ومن هنا، فتعظيم الهوية يؤدي إلى الهاوية ولا ينتج سوى التناحر، والتنافر، والصراع بين العوالم. فالهويات لا ترتبط بمحدد عرقي أو اثني…. وهو ما يفسر مزالق المشاريع المسرحية المنغلقة والمنكفئة على ذاتها.ففي الفن عموما، والمسرح خصوصا لا مجال للحوار الأحادي والكلام النرجسي الذي قوامه الاستعلاء الثقافي، لأن ذلك لا ينتج تبادلا فنيا وتفاعلا ثقافيا،مما يستلزم اعتراف كل طرف بوجود الآخر.
وإزاء الالتباسات والنواقص التي أضحت سمة لازمة لمسرح المثاقفة، كان لزاما الانتقال إلى تناسج ثقافات الفرجة الذي شكل موضوعاً هاماً التأم حوله باحثون من بلدان مختلفة من قبيل: هومي بابا، واريكا فيشر، ورستم باروتشا، وخالد أمين، وربيع مروة.. وغيرهم. وذلك في إطار المركز الدولي لتناسج ثقافات الفرجة التابع للجامعة الحرة لبرلين.
ومن هنا، سنروم في هذه الورقة إلى إبراز الخلفيات الفكرية والنقدية المتحكمة في الاشتغال على “تناسج ثقافات الفرجة”، وهي خلفيات تتراوح بين النقد ما بعد الكولونيالي لدى اريكا فيشر والنقد المزدوج عند خالد أمين. كما سنسعى إلى تبيان الملامح الكبرى لتناسج ثقافات الفرجة وتحديد جوهره وتمظهراته، بوصفه تحولا جماليا يخضع الثقافات إلى عمليات التغيير والتبادل التي قد يصعب فصل عناصرها عن بعضها البعض،لتنزاح بذلك دراسات التناسج عن القطبية: (الغرب مقابل بقية العالم(
فعبر تناسج ثقافات الفرجة تتشابك الثقافات المسرحية فيما بينها، وتخضع لمنطق التحول التاريخي،والجمالي، والفضائي،ليصبح الانغلاق داخل إطار ثقافي ضيق تحجراللاوعي، وإنتاج الذات الثنائيات الموهومة والتقسيمات التراتبية التي يستحيل معها تصور واقع إنساني في ذاته ولذاته دون تعال. فأشكال المقاومة الأكثر نجاحا وذيوعا هي تلك التي استقبلت الخطاب المهيمن، وحولته إلى سبيل أسست معه الاختلاف الثقافي “.

كما تحدثت ماتجوريتساتا سواجيراه عن “أداء (إيريكا فيشر – ليشته) الخاص – اللغة وكتابة النظرية”
وتقول «سواجيراه» : ” تعتبر إيريكا فيشر ليشته من أهم الباحثين المسرحين، الذين كتبوا عن العرض والأدائية باللغة الألمانية. أثرت خبرتها في المسرح والتدريس -ليس فقط على اختيارها للأمثلة- في اثنين من أهم كتبها حول الأدائية (جماليات الأداء 2004، الأدائية- مقدمة 2012). قدما الكتابان اطارا متصلا، كما قدما هوية مميزة لنهجها المسرحي النظري الخاص بها.
وأوضحت “سواجيراه ” إن الهدف الرئيسي لمداخلتي هو من ناحية، توضيح كيفية انعكاس التقاليد المعرفية والفلسفية للغتها الأم،وأثرها الواضح على نظرية الأدائية عند ايريكا فيشر- ليشته. ومن ناحية أخرى، كيفية استفادة نظرية الأدائية– التي كتبت في أغلبها بالانجليزية من قبل باحثين ناطقين بالانجليزية- من وجهات نظرها، التي قد تبدو من منظور ما “أجنبية”.

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد العاشر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *