” الاقوى “عرض مسرحي على مسرح الرافدين  للمسرحيه نكهة خاصه بلغة الجسد  ..اعداد واخراج د. ياسين اسماعيل 

 

عاش الروائي والكاتب المسرحي (اوجست سترنبرج) 1912 /1849 حياة حافله بالانتاج الغزير والاحداث المثيره والعجيبه ,وهومن معاصري (ابسن,,وتشيكوف ) وبه يكتمل الثلاثي الرائد الذي قاد حركة المسرح الحديث واعطائه ملامح التجديد فيه ,,معظم تجاربه المتقلبه في الحياة ,,مريره مع المراة ,,حتى ان كتابه مجموعه من القصص هاجم فيها جنس النساء ,,يصور فيها المراة طاغيه وكائن شرس لايندم ,,وانها خلقت لتستغل الرجل وتعبث به ..هذا باختصار تصور الكاتب الذي اقدم المخرج ياسين اسماعيل لخوض التجربه التي اعتبُرها جريئه ولها مضامين ليس من السهوله حل رموزها من قبل المتلقي العادي وحتى بعض ممن لهم معرفه في المسرح وهذا ما حصل بعد مشاهدة العرض والافكار والاراء التي هي بالضد ما اراده المخرج وبعض الاراء التي تعطي قيمه اعتباريه ,ناهيك عن قيمتها الفنيه والجماليه ..يطالعنا المخرج في الفولدر قائلا ::…لاننا ندرك ان صيرورة الوجود ,تنوع وتباين واختلاف في الفكر ,والدين والمذهب ,والعرف وللثقافه والفن ,,سيما المسرح …………..حاول المخرج كما يقول : حاولت ان ابتعد عن خيانة الترجمه برؤية جماليه مسرحيه كي اقترب فلسفيا من سترنبرج في تحليل مبدأ ومفهوم القوه ,,وفنيا حاولت تفكيك بنية الحدث ) نفهم من ذلك ان المخرج بذكائه المعهود اعلن انتماؤه للكاتب ولكن من وجهة نظر اخرى وهذا ماتعامل به في تحقيق معادل بصري جميل رغم ضعف التقنيات ,واذا ما علمنا ان ستراندبرج كتب مسرحية الاقوى عام 1889 وهي ذات فصل واحد .وهي بالاصل ” تدور احداثها حول لقاء امرأتين في أحد المقاهي ومن خلال المواجهة بينهم نكتشف ان احداهن هي عشيقة زوج الأخرى وعبر هذا اللقاء العاصف تتكشف لنا حقائق كثيرة عن حياة هذا الثلاثي المعروف(الزوجة- الزوج- العشيق)وتنتهي المواجهة بأن تنتصر الزوجة في السجال الكلامي على العشيقة معلنة أنها قررت ان تواجه هذه العلاقة التي كانت تعرفها مسبقا لانها زوجة مخلصة وأم من الصعب عليها ان تترك زوجها لمجرد امراة عابرة في حياته..د. ياسين وحسنا فعل نقل الصراع داخل مصحه يكون الحكم فيها المضمد او الطبيب الذي ضاع ملامحه لدى المشاهد,, واخرون نقلوا ممن حاول اخراج المسرحيه الى حلبة صراع ويكون الحكم هو الشاهد وهو الحكم في النزاع ..ما يهمنا الفكره الفلسفيه التي حاول د. ياسين الاجتهاد بها ..خروجه عن مألوفية الاحداث الاساسيه في النص بأعداد لطيف سلط فيه مفردة (الخيانه)

العصب الرئيس في صراع المسرحيه المعده فالخيانه للزوجه والخيانه للواجب والخيانه للوطن والخيانه للمواثيق الشرعيه كلها تشكل معايير نختلف بها ونلتقي اذا ما عرفنا ,,ان

الحب هو الموضوع المثير للاهتمام والأكثر سحرا في الوجود، والأوثق ارتباطا في حياتنا، ولكنه الأقل بحثا واهتماما في مجتمعاتنا العربية. إلى جانب كونها من المسلمات التي توصل لها الإنسان العربي، فأدركها وعقلها ومن ثم حرمها على الآخرين. ونحن حين نتحدث عن الحب في الكثير من الأحيان فإننا نعني به الجنس وفي الأحيان الأخرى نعني به الصداقة، فهو بين الاثنين، ويشمل بعضا من مكوناتهما الأقرب له وليس الأبعد. ولكن يبقى العائق الأكبر أمام معرفة وفهم الحب هو عدم وجود توافق في الآراء بشأن وضع تعريف واضح للكلمة أو معنى لذلك المفهوم. ولسوء الحظ، فأن اغلب تعريفات الحب يمكن أن تصبح ذاتوية، يعبر كل تعريف عن فكرة الشخص وتوجهه وتخصصه، أي أصبح مفهوما شخصانيا على اقرب القول. كما يعبر عنه الكاتب (جودت شاكر )

أن سترندبرج يعلو من شأن المبادئ التي يؤمن بها عبر نصه من خلال صراع مكثف في موقف عادي بين زوجة وعشيقة يتقاسمان نفس الرجل.

لاحظنا , ان للأيقاع العام في حركة الممثلين وفي مساحات الصمت بينهم – اي صمت شخصية الزوجه – له اكبر اثر في اعطاء المتلقي فرصة كي يتابع هذه الجمل المتلاحقه على وجه شخصية العشيقة ويعرف أو يظن أنه يسمع ما يدور في ذهنها رغم أنه في الحقيقة لا يسمعه بالطبع.وهنا كان حضور السيده فائزه جاسم له الاثر الكبير في تحفيز الفنانه الرائعه( أن خالد) بلغة تعبيرها وضحكاتها الهستيريه الذي اضفى للغة الصمت تعبير متقن 

من خلال اداء حركي جيد ومتوازن نشاهد تلخيصا حركيا لمجمل حالة التناحر الكلامي والذهني بين الشخصيتين منذ بداية العرض ففي البداية تبدو العشيقة من خلال حركتها و توجهها إلى الزوجة وهو نفس موقف الزوجة الضعيف في بداية العرض قبل ان تشتد المواجهة وتُبلغ العشيقة بأنها لن تتخلى عن زوجها ابدا لصالح امرأة .

ثم يبدأ موقف الزوجة حركيا في التفوق تماما مثلما انتصر منطقها النفسي والعقلي عندما واجهت العشيقة بمدى تشبثها بزوجها, اي اننا امام إجمال حركي بعد تفصيل كلامي وهو تكثيف جيد من المخرج لمجمل ذهنيات وانفعالات العرض خاصة قبل الوصول إلى الذروه

واللوحه المعبره الرائعه التي تجسدت باجسام( أن خالد )العشيقه ورحمن مهدي التي اعطى للمسرحيه نكهة خاصه بلغة الجسد بحرفيه عاليه ,ولدور الفنان سرمد احمد حضور جميل . شخصيتين تتلاقيان في منظر واحد ويقدمها المخرج من خلال كتابة نثرية راقية، ملتزما بما يعرف بقوانين المسرحية لها اكثر من معنى وهنا أهمس باذن من حضر العرض من الاكاديميين (من يعمل يخطا .ولكنه الافضل والاشجع في تناوله موضوعه انشطرت ل اكثر من موضوع ..صحيح لم يستطع المشاهد العادي التقاطها بسهول كما اسلفت ..ولكن العبره ان طاقات رائعه ظهرت تتبختر بخيلاء جسدا وصوتا واحساس ومحبه تكفي لان نشد على ايديهم ونصفق لهم ..لاتفرضوا ارائكم على لغة العرض الذي تشاهدوه لطفا) الاضاءه وتنفيذها بسيط وغير معقد ضوئيا ’ساعد بقدر واخر على تسليط الضوء على احاسيس وحركة وغياب الممثل وهذا كافي باعتقادي .الموسيقى واختيارها كان موفقا جدا ,دعم من فعل الممثل ..اخيرا هي ملاحظات ترطيبيه للعرض لانني انحاز لمثل هذه المسرحيات التي تبرز قدرة وامكانيه الممثل وتفتح ذهنية مخرج لان هذا النص سبق وان اخرج في اكثر من مكان وفي العراق خصوصا لطلبة معهد واكاديمية الفنون قبل ان يغادروا هذه الاعمال الاكاديميه للاسف ..كنت سعيد وان ارى الفنانه فائزه جاسم بعد غياب طويل وهي تتالق كانها لبوة على خشبة المسرح ,ولاول مره اشاهد تلك الفنانه التي ملئت المسرح ضجيجا وصمتا ورقصا ولغة تعبيريه عالية المستوى(أن خالد) يشاركهم العرض الممتع رحمن مهدي الجميل وسرمد احمد.. ويبقى السؤال من هو الاقوى ؟؟في زمن اختلفت فيه المعايير والرؤى ؟؟ واراني منحازا لضربة المخرج الاخيره بتوجيه الاضاءه للجمهور ..تحية لك اخي د. ياسين اسماعيل كنت رائعا وانت تعزف لنا سيمفونية الاقوى لسترنبرج بهموم معاصره جدا .واخيرا .. كانت نصيحة المخرج الفرنسي بريسون دائما للمخرجين هي”احذف كل ما من شأنه أن يزيغ البصر فالفنان لا يبدع بالأضافة بل بالحذف, إفرغ البركة كي تحصل على السمك

.ننتظر منكم الجديد ..مع المحبه 

د.عزيز جبر الساعدي – مجلة الفنون المسرحية 

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *