الإخراج مفتاح نجاح أو فشل العرض المسرحي

355

في الحديث عن المسرح، يلعب المخرج دوراً محورياً، في إدارة الممثلين على الخشبة، ليس ذلك فحسب، بل هو في الأخير دينامو العرض، المسؤول عن نجاحه من فشله، ابتداء من لحظة تسلم نص هذا العرض، مروراً باختيار الممثلين والطواقم الفنية، وإدارتهم على الخشبة.
تاريخياً، ظهرت لفظة مخرج للمرة الأولى، في حوالي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهو بحسب ما تترجم رحاب الخياط وجد بشكل أو آخر منذ عصر الإغريق، وكان يسمى «المعلم»، وكان مسؤولاً عن توجيه الممثلين على خشبة المسرح، فأسخيليوس على سبيل المثال، كان يكتب المسرحيات ويخرجها ويمثل فيها أحياناً، كما كان يدرب الكورس ويؤلف الموسيقى، ويشرف على كل جوانب الإنتاج.

في العصور الوسطى، برز دور المخرج في الإشراف على تصميم المناظر والديكورات، واختيار الممثلين وتوجيههم، ومخاطبة الجمهور في بداية كل عرض، في العصر الإليزابيثي، قاد شكسبير فرقته التي عرفت باسم فرقة الجلوب، وقد فعل موليير الشيء نفسه مع فرقته، كما ظهر تأثير المخرج كعنصر منفصل ومؤثر في المسرح عام 1874، حين قام الدوق جورج الثاني، دوق ساكس ميننجن (إحدى الدوقيات الساكسونية) بجولة في دول أوروبا مع فرقته المسرحية.

المختصون، يؤكدون على عمل المخرج الذي يبدأ مع اختياره للنص، الذي يعبر عن أفكاره، أو الذي يتضمن قضية يهتم هو بعرضها على الجمهور، مع مراعاة ملاءمة النص لعقائد المجتمع وأعرافه، وأن يلائم مستوى الممثلين (المؤدين والتقنيين) ليكون الأداء مقنعاً ومناسباً لمدة العرض.
بعد ذلك، تتحدد رؤية المخرج للعمل، مروراً بأول لقاء مع الفريق، وحتى آخر يوم عرض، وتحديد مهمة كل يوم تدريب وعدد ساعاته، وتحديد مواعيد تواجد الممثلين لوضع برنامج ملائم للجميع.
سجلت ذاكرة الإخراج المسرحي في الإمارات، الكثير من الأسماء والأعمال المسرحية الناجحة، التي نافست على المستويين العربي والخليجي، ومن الأسماء المهمة في هذا المجال يرد ذكر عبدالله المناعي، وهو من الرعيل الأول الذي بدأ العمل في الحركة المسرحية منذ انضمامه عام 1972 إلى جمعية الشارقة للفنون الشعبية ثمّ مسرح الشارقة، وبدأ التمثيل والتأليف والإخراج، ممثّلاً في مسرحية «أين الثقة» عام 1975، وهو بدأ الإخراج المسرحي عام 1980 ب«مسرحية دياية طيروها»، ومسرحية «الرجل الذي صار كلباً» عام 1981، واستمرّ في التمثيل والإخراج حتى عام 2007 حيث قدّم مسرحية «غلط».
وقد بلغ عدد الأعمال التي شارك فيها المناعي نحو (13) على صعيد التمثيل، ونحو 19 عملاً على مستوى الإخراج.
هناك أيضاً المخرج أحمد الأنصاري، عضو مؤسس في مسرح دبي الشعبي، وفي جمعية المسرحيين، بدأ مشواره الفني كممثل في العام 1976 في المسرح المدرسي، أولى تجاربه الإخراجية كانت في 1982 بمسرحية «مطلوب خدامة»، وفي الإخراج المسرحي يعتبر الأنصاري من أكثر المخرجين الإماراتيين إحرازاً للجوائز، ومن أبرز ما قدمه في هذا الجانب (عرج السواحل، الياثوم، حبة رمل، الملة، كل الناس يدرون، ناس وناس، مواويل، بيت القصيد، البقشة، ميادير).
ناجي الحاي هو الآخر، من الأسماء اللامعة في هذا المجال، ومعروف عنه اهتمامه بالممثل إعداداً وتدريباً، وفي سيرته الكثير من الأعمال: أبرزها: باب البراحة، «غصيت بيك يا ماي»، و«بقايا جروح» و«بايته» وغيرها، والحاي يعتبر من مخرجي الصف الأول المبرزين في الإمارات.
المخرج حسن رجب، واحد من المخرجين المجتهدين، تخرج في المعهد العالي للفنون المسرحية في الكويت عام 1986، شارك في العديد من الأعمال التلفزيونية والمسرحية، أسس مسرح الفجيرة القومي عام 1979، أخرج العديد من المسرحيات مثل: فالتوه، منحوس منحوس، البقشة، التراب الأحمر، سمنهرور، بين يومين، معاريس، آباء للبيع أو للإيجار، الطوفة، وغيرها.
وهناك المخرج المجدد محمد العامري الذي برزت له أعمال كثيرة من خلال مسرح الشارقة الوطني مثل: «حرب النعل» و«صهيل الطين»، «طقوس الأبيض» وغيرها.
وهناك أيضاً علي جمال ومن أعماله (الرهان)، وهو من المخرجين الذين حصلوا على جوائز في مهرجان أيام الشارقة المسرحية، وكانت الرهان نتاج ورشة مسرحية، بذل فيها الكثير من الوقت والتدريب العملي والنظري.
ومن الأسماء أيضاً: فيصل الدرمكي، وأعماله «عذبه» و«أصايل» و«حرب السوس» وغيرها.
ذاكرة المسرح الإماراتي غنية بالأعمال والأسماء التي ارتبطت بحرفة الإخراج، ومن ذلك على سبيل المثال: عمر غباش «مسرحية الإمبراطور جونز»، و«وظيفة لإيجار» و«عرسان عرايس» وهناك د. عبدالإله عبدالقادر، وأعماله الكثيرة في بدايات المسرح الإماراتي، سواء من خلال مسرح الشارقة الوطني، أو المسرح الحديث، مسرح خورفكان الشعبي، مسرح كلباء وغيرها.
وهناك جمال مطر «حلم السعادة»، و«غاب القطو»، ومن المخرجين الشباب هناك مسرحية عنبر لمروان عبدالله صالح، و«سر الصندوق» لعبدالله بن لندن، و«أنا والسندريلا» لطلال محمود.
الإخراج كعنصر أساسي من عناصر العمل المسرحي، يحظى بالكثير من الاهتمام على صعيد الورش والتدريبات المكثفة، التي تعقد في دبي والشارقة وكلباء وغيرها، كما يحضر في كثير من الندوات والمهرجانات المسرحية، وهو على رأس أولويات إدارة المسرح في دائرة الثقافة والإعلام في الشارقة، التي تستضيف من أجله في كل موسم مسرحي، وأيضاً في مهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، كبار المخرجين العرب، ليقدموا نتاج خبراتهم في هذا المجال، متتبعين مدارسه واتجاهاته من خلال تمارين عملية ونظرية.

الشارقة عثمان حسن:

http://www.alkhaleej.ae/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *