“روميو وجولييت” عراقية.. الحب منصة الخلاص

مستفيدا من الرمزية التي تحظى بها مسرحية “روميو وجولييت” باعتبارها تجسيدا لفكرة الحب، للكاتب الإنجليزي الشهير وليم شكسبير قارب المخرج العراقي مناضل داود في مسرحيته “روميو وجولييت في بغداد” المأساة العراقية منذ احتلال البلاد عام 2003  متخذا من رمزي الحب العالميين مرتكزا لمعالجته المسرحية.

 

 

وبالقدر الذي تتقاطع فيه بعض خيوط القصة الشهيرة (الصراع بين عائلتي المتحابين) فإن تحويرات يجريها النص للتوافق مع البيئة العراقية، والصراع الدائر هناك “بين أمراء الطوائف المتناحرة” الذي يروح ضحيته الأبرياء، والذي تكون الأداة القاتلة فيه إرهاب متطرف يتسربل بالمقولات الدينية التي تحرم الحزن والفرح وتئد الحب أيضا، كما في تفجير كنيسة سيد النجاة التي يلجأ إليها روميو وجولييت العراقيان بحسب مقولات المسرحية.

شخصيات مغايرة
وفي العمل الذي قدم أول عروضه أمس على مسرح كتارا بالحي الثقافي بالعاصمة القطرية الدوحة، ينزاح بارس خصم روميو ومنافسه على قلب جولييت ليصبح رمزا للإرهابي القادم من الخارج لتدمير العراق وأهله، وفي تركيبة شخصية بارس، يظهر ملتحيا ومتدينا ومتطرفا يتقصد القتل والتدمير، مغايرا لصفته في نسخة شكسبير باعتباره تاجرا.

كما تظهر شخصية “القس” في عمل شكسبير مغايرة للعمل العراقي (أستاذ تاريخ) في أن الفضاء العام هو شعبي عراقي وفي الأصل صراع نبلاء وأرستقراط.

تبعث المسرحية التي يجسد فيها الممثل العراقي الشهير سامي عبد الحميد شخصية معلم التاريخ (القس في مسرحية شكسبير) رسالتها في لقطة أولى للمسرحية بالانحياز إلى الحب “أشتهي ليل المحبين وليل العاشقين، انتمائي في بغداد للحب لروميو وجولييت”.

وبين الرثاء للمشهد المأساوي، وتمجيد الحب  يتخلل العمل في إطار فرجوي، لوحات تستفيد من الطقسية الموسيقية الراقصة والدينية أيضا، في رسالة فرح لكسر رتابة أصوات الانفجارات ومشهد الجثث على المسرح، كما تتوالى مونولوغات طويلة، مدينة مشهد القتل المستمر منذ تسعة أعوام وهي مدة الحرب في العراق منذ احتلاله.

عرض فرجوي
جاء ديكور المسرحية متقشفا، معتمدا منصة تحتها نفق أشبه بالمجاري في إشارة إلى البؤس الذي يعانيه العراقيون، وفي أعلاه المنصة العالية التي تشير إلى الحب باعتباره منصة الخلاص.

أما موسيقى العرض التي ألفها علي خصاب حية التي تناوب فيها عازفون ثلاثة على العود والإيقاع والكمان على الخشبة فقد حاولت بعث حيوية في العمل، الذي سعى مخرجوه ومؤلفه لكسر رتابة الحزن وتوظيف عناصر جديدة في الشخصيات كلاعب كرة القدم الشهير “ميسي” كجزء من دلالة على حلم الأطفال العراقيين بالمجد والشهرة والمتعة أيضا.

كما اجتهد الممثلان صلاح مونيكا (روميو) وشام البياتي (جولييت) في إضفاء أبعاد على شخصية المتحابين باللهجة العراقية، وتقمصا شخصيتيهما بما يعطي نكهة خاصة وفرادة لبيئتهما العراقية، فكما في العراق حزن ومأساة ففيه أيضا عشق وحب هو ملاذ الباحثين عن الخلاص.

صلاح مونيكا:
العمل في خلاصته يقول “كفى حقدا ودمارا، وإن هذا البلد هو عراق الحب والتسامح”

درس في الجمال
وفي تصريح للجزيرة نت عقب العرض، قال المخرج مناضل داود إن المسرحية درس في الحب والجمال لمعاقبة أمراء الطوائف الذين يتحكمون في العراق منذ عام وهو رسالة أيضا إلى الإرهاب القادم من الخارج لقتل العراقيين.

واعتبر داود أن سر حيوية المسرح العراقي هو إصرار مبدعيه على صنع الحياة وصناعة مسرح يقدم الوجه الجميل لها في ظل الدمار الذي يعيشه العراق، لافتا إلى أن النص أعيدت كتابته بما يتلاءم مع الراهن العراقي.

من جهته قال الممثل صلاح مونيكا إنه قرأ النص مرات عديدة باحثا في البيئة العراقية بما يجعل روميو عراقيا، وقريبا من البيئة والمشكلات التي يواجهها الشاب العراقي، معتبرا أن العمل في خلاصته يقول “كفى حقدا ودمارا وإن هذا البلد هو عراق الحب والتسامح”.

يذكر أن عرض “روميو وجولييت في بغداد” أنتج خصيصا لافتتاح مهرجان شكسبير العالمي في مدينة ستراد فورد، ثم قدمت عروضه الأخرى في العاصمة لندن ضمن فعاليات أولمبياد لندن 2012، كما عرضت كذلك في بغداد.

 

أحمد الشريقي-الدوحة

http://www.aljazeera.net/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *