عبد المنعم إبراهيم… كروان الفن وبلبله

شديد التميز، رائع الأداء، أستاذ التمثيل الضاحك الباكي، «كروان الفن وبلبله» … هو عبد المنعم ابراهيم الذي وصفه الكاتب الراحل محمود السعدني قائلا: «موهبة ناعمة ورقيقة مثل حرير اليابان ومتعددة الألوان مثل يفط الإعلانات».

 

 

منذ طفولته تعلق عبد المنعم ابراهيم بالمسرح، ولم يكن قد تجاوز التاسعة من عمره عندما اصطحبه والده إلى مسارح القاهرة في شارع عماد الدين.
كان الوالد ريفياً بسيطاً من قرية ميت حلاوة في مركز سمنود بمحافظة الغربية، يعمل موظفاً في وزارة المالية ويزور القاهرة من حين إلى آخر، ويدخل المسارح عن طريق صديق له يعمل مفتشاً في ضريبة الملاهي.
ارتجال وتقليد
بعدما تعلم عبد المنعم القراءة والكتابة في الكتّاب، انتقلت الأسرة إلى القاهرة واستقرت في حي الحسين ثم انتقلت إلى حي عابدين، فالتحق الطفل عبد المنعم بمدرسة عابدين الابتدائية، ولما فشل في العثور على فريق تمثيل فيها شارك في فريق الموسيقى من دون أن يخبو حبه للتمثيل، وكان يرتجل مع أقرانه مشاهد تمثيلية ويقلّد ما يراه ليلا في المسارح.
على أثر نيله الابتدائية ألحقه والده بمدرسة الزراعة في مشتهر، إلا أنه رسب فيها بسبب ضعف نظره، ثم استقرّ به المقام في مدرسة الصناعات الميكانيكية، حيث وجد فريقاً للتمثيل يترأسه الطالب عدلي كاسب فالتحق به وجمعته الظروف بعبد المنعم مدبولي.
عُيّن عبد المنعم في وزارة المالية وفي العام نفسه افتتح معهد التمثيل فالتحق به مع احتفاظه بالوظيفة وباشر نشاطه التمثيلي في فرق الهواة المختلفة.
انطلاقة مسرحية
في السنة الثانية من دراسته في المعهد اشترك في مسرحية شعرية على مسرح طنطا فانتزع الضحكات، رغم أن دوره كان جاداً، وبعدما رآه زكي طليمات نقله إلى السنة الثالثة من دون أن يخوض الامتحان، ثم ضمه إلى «فرقة المسرح الحديث» فور تخرجه (1949).
بداية شهرة عبد المنعم ابراهيم كانت مع مسرحية «مسمار جحا» التي قدمها العام 1951 واستمر عرضها ثلاثة أشهر متتالية، في سابقة هي الأولى من نوعها، ما دفع أنور وجدي إلى إعادة إنتاجها سينمائياً مع استبدال إسماعيل ياسين بعبد المنعم ابراهيم، لكن الفيلم لم يحقق النجاح كما المسرحية.
التحق عبد المنعم بالمسرح القومي براتب شهري قدره ستة جنيهات فقدم مسرحيات منها: «حلاق بغداد»، «على جناح التبريزي»، «عسكر وحرامية».
… وسينمائية
أول أدوار عبد المنعم في السينما كانت في فيلم «ظهور الإسلام» (1951)، بعد ذلك قدمه حسن الإمام في فيلم «لواحظ» ثم «وداع في الفجر»، وشارك في «الوسادة الخالية» مع صلاح أبو سيف.
من ثم انطلق ليؤدي الأدوار كافة، من الجو الشعبي في «أحبك يا حسن» إلى الطالب الجامعي في «إجازة نص السنة»، الريفي في «بهية»، الأرستقراطي في «الزوجة 13»، الموظف البسيط في «الهاربة» و{هذا هو الحب».
أما أجمل أدواره على الإطلاق فكانت في ثلاثية «السكرية» مع حسن الإمام ودوره في فيلم «السفيرة عزيزة» مع سعاد حسني. كذلك تقمص أدوار المرأة أكثر من مرة، كان أبرزها دوره في «سكر هانم». أول بطولة مطلقة له كانت في فيلم «سر طاقية الإخفاء».
أشهر مسلسلاته التلفزيونية: «زينب والعرش»، «أولاد آدم»، «الشهد والدموع».
رحيل ممسرح
رغم أدواره المتميزة في السينما والتلفزيون ظل منعم عاشقا للمسرح، يشتاق إليه لدرجة أنه رحل أثناء بروفات مسرحية «5 نجوم».
وقبل رحيله كان انتهى من تصوير مسلسل «رحلة في نفوس البشر» مع هالة فؤاد، سهرة بعنوان «كومبارس» مع سناء يونس، فيلم «غابة من الرجال» مع محمود ياسين ونيللي.
نال منعم جوائز ووسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى (1983)، وكُرّم في احتفالية «المسرح القومي» باليوبيل الذهبي، وحصل على درع التميز.
تزوج عبد المنعم إبراهيم ثلاث مرات: الأولى من قريبة زميل له في المدرسة لكنها توفيت بمرض السرطان تاركة له أربعة أبناء أصغرهم في الثالثة من عمره، ثم من سيدة لبنانية أنجب منها ابنة واحدة، بعد ذلك تزوج الفنانة كوثر العسال التي عاش معها حتى يومه الأخير.
يوم رحيله 17 نوفمبر 1987 كان ابنه الوحيد طارق قد أكمل عامه العشرين، بناته الأربع: سمية وسلوى وسهير ونيفين قد تزوجن.
أول من تلقى خبر وفاته كان المخرج سيد راضي الذي اتصل بسميحة أيوب، مديرة «المسرح القومي» وتم الاتفاق على أن تشيع جنازته من «المسرح القومي» الذي عاش على خشبته أربعين عاماً وترك رصيداً قوامه 173 فيلماً و60 مسرحية و30 مسلسلا تلفزيونياً.

http://www.sotaliraq.com/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *