ناصر عبدالمنعم : ليست لدى حساسية من حضور مهرجانات بالدوحة فلا يجب أن تغرق الشعوب فيما تفعله الحكومات

عاد مؤخرا المخرج المسرحى ناصر عبدالمنعم من الدوحة بعد مشاركته بالدورة الخامسة كعضو لجنة تحكيم بمهرجان الهيئة العربية للمسرح وأكد عبد المنعم أن دورة هذا العام كان لها طابع خاص حيث قررت إدارة المهرجان تكريم 10 مبدعات عربيات كنوع من الدعم للمرأة العربية خاصة التى تعمل بالحقل الفنى فعن المهرجان ومشاركته بتظاهرات يوم 25 يناير قال:

 

 

يقام مهرجان الهيئة العربية للمسرح يوم 10 يناير من كل عام بدولة عربية مختلفة وهذه المرة أقيمت فعالياته بالدوحة وسبق وأقيم بمصر ولبنان وعمان والأردن وقد تم اختيارى كعضو لجنة التحكيم برئاسة المخرج المسرحى عبد الرحمن المناعى من قطر  والمخرج عاطف اسماعيل من العراق والمخرج كامل الباشا فلسطين والمخرج عبد الله بايلوت من المغرب وجائزة المهرجان هى جائزة الشيخ سلطان محمد القاسمى لأفضل عرض فى عام 2012، شاهدت اللجنة عشرة عروض اخترنا منها العرض اللبنانى «الديكتاتور» للمخرجة لينا أبيض وهى فرقة «ثمانية ونص» المستقلة ، لكن أحب هنا أن أذكر أهم ما ميز المهرجان هذه الدورة  هو حرصه على تكريم المبدعات العربيات حيث كرم من مصر الكاتبة فتحية العسال والناقدة المسرحية نهاد صليحة و12 مبدعة عربية فى مجال المسرح لأن عام 2012 كان عام المرأة، أعتقد أن هذا التكريم كان أهم ما ميز المهرجان لأن الفنانة العربية تعمل فى ظروف شديدة الصعوبة فالمجتمعات العربية لا تزال تنظر نفس النظرة للفنانة إلى جانب أنها تقاوم الإنغلاق وضيق الأفق المجتمعى فعلى سبيل المثال كرم المهرجان من العراق الفنانة سمر محمد وهى ممثلة كبيرة هناك تبدع وتمارس دورها كأم مسئولة فى زمن حرب وهذه قيمة كبيرة نشكر الهيئة عليها لأن هذه الدفعة تشعر مبدعى المسرح أن هناك من يشجعهم ويقدرهم وهذا شىء مهم للغاية.

■ هل شعرت بأى حرج من إقامة المهرجان بالدوحة والمشاركة به؟

– الهيئة العربية للمسرح هى الداعية والراعية للمهرجان وليست الدوحة وسبق وكنت ضيف الهيئة فى عمان وتصادف هذا العام أنه فى قطر والعام  المقبل سيكون فى الإمارات ثم يعود لمصر من جديد هكذا هى طبيعة المهرجان فهو غير مرتبط بمكان محدد وبالتالى ليس هناك موضوع حتى نتحدث فى حساسيات سياسية واحتضان الدوحة لهذه الدورة مخطط له منذ وقت سابق فهو غير مقصود.

■ إذن هل كنت ستتردد فى المشاركة إذا كانت قطر هى المنظمة للمهرجان؟

– لابد أن نفرق بين الأنظمة والشعوب وللأسف الأنظمة البائدة كانت دائما تقحم الشعوب فى أزمات سياسية ليس لها أى ذنب بها فعندما عقد السادات اتفاقية السلام حدث وقتها شقوق وتصدع بين شعوب الدول العربية وأسفر ذلك عن أزمة فى العلاقات بينهم فلابد أن تتعلم الشعوب من هذه الأنظمة أنها على المستوى الإستراتيجى فى خطر واحد وفى خندق واحد وتنمية واحدة ومستقبل واحد والأنظمة السياسية فى النهاية متغيرة وأنا شخصيا ليست لدى هذه الحساسية لأننى أرى دائما أنه على المبدعين أن يلتقوا ولا يلتفتوا إلى ما تفعله حكوماتهم حتى لا يغرقون فيما تفعله بهم  لأن الأنظمة ستزول وستبقى الشعوب والتاريخ يقول ذلك دائما وحلمنا العربى المشترك ستفعله الشعوب معا وليست الحكومات.

■ كيف ترى مصر فى الذكرى الثانية لثورة 25 يناير؟

– الصورة أصبحت واضحة جدًا فهناك فصيل ينفرد بالقرار والإدارة ومصر دولة كبيرة لن يفلح معها فصيل واحد ولا يمكن أن يفرض عليها أجندته السياسية وأعتقد أن هذه هى الثورة المقبلة الإعلان عن رفضنا النهائى للشكل الذى تدار به البلد حاليا فلا يمكن أن يوضع دستور بلا توافق ولن نسمح بأخونة مؤسسات الدولة بهذه الطريقة فإما أن نصل إلى حل وتوافق وإما أن نعلن فشل هؤلاء فى إدارة الدولة فما يحدث حاليا خطأ يجب تصحيحه فالمسألة تحتاج إلى تصحيح مسار ونحن نسير بشكل خاطئ للغاية فإما يعوا الدرس ويتعاونوا معنا، أو سنستمر حتى نحقق ما نريد.

■ البعض غير متفائل بنتائج إيجابية بالدعوة لثورة ثانية فى الوقت الحالى فما رأيك؟

– تحليلى الشخصى أن الموضوع يتطلب وقتًا وجهدًا أكبر ويتطلب أثمانًا أكثر وأصعب والثورات تستمر فعلى سبيل المثال الثورة الفرنسية استمرت 10 سنوات حتى حققت أهدافها ومصر دولة كبيرة ولها مكانة مهمة بين دول العالم وبالطبع المسألة لن تنتهى بمجرد عامين فقط والتغيير لن يحدث فى أيام أو شهور التغيير الحقيقى سيكون على مدى أبعد وفى النهاية التاريخ علمنا أن إرادة الشعوب هى التى تنتصر فى  النهاية وأى ديكتوريات انفردت بكل شىء سقطت وكل من ينكر هذه الحقيقة يسقط لكن متى سيحدث وكيف وبأى آلية وارد أن ترتفع درجة الغليان وننجز كل شىء فى وقت أقل ومن الجائز ألا تصل حالة الغليان إلى الحد المطلوب فلا يحدث تغيير.

■ من قبل كان المسرح يعانى من أزمة كبيرة وحاليا أزمته أصبحت أصعب مما سبق ماذا تتوقع له الفترة القادمة؟

– حركة المسرح مرهونة بالواقع الاجتماعى لأنه جزء منه وما يحدث فى مصر سيؤثر بالتأكيد على الفن بشكل عام وعلى حركة المسرح بالطبع ونحن نعيش فى مرحلة الترقب لأن هذه المرحلة المستقبل بها مضبب وغير واضح المعالم ومن الصعب الحديث عن أى شىء فى مصر فكل أنشطة الدولة بها مشاكل والنهضة الثقافية متعلقة بالإطار العام والحركة السياسية، فهناك مجموعة من التوقعات فمن الوارد أن القيمة التاريخية والحضارية لمصر تكون هى الأعلى من كل الفصائل السياسية لأن ثقل مصر الحضارى والتاريخى والإبداعى أكبر من جماعة متشددة وهذا ما أراهن عليه دائما رغم صعوبة المهمة فالمؤسسات خربة لكن العجلة لابد أن تدور، والاحتمال الأضعف هو غلبة التيارات المتشددة وتحريمها للفن والإبداع ومصادرة المبدعين ومهاجمتهم وفى رأيى أن هذا التوقع الأبعد لأن ثقافة ومزاج وتركيبة الشعب المصرى النفسية تركيبة وسطية لن تقبل هذا التطرف والتاريخ لا يؤهل مصر أن تصبح فجأة أفغانستان أو غيرها من البلاد، فمن الصعب أن توضع مصر فى حالة من الحصار الفكرى والإبداعى.

■ اتخذ البيت الفنى للمسرح قرارا الفترة الماضية بإغلاق عدد من الأعمال الناجحة بحجة إنتاج عروض صغيرة لعدم وجود ميزاينة هل ترى أن هناك حالة من التعمد لكبت الإبداع حاليا؟

– هذا مرهون أيضا بالوضع العام ووارد أن يكون هناك اتجاه بهذا الشكل والعمل السياسى قد يتخذ اجراءات مختلفة سواء بشكل مباشر أو غير مباشر فبدلا من مصادرة الإبداع يعمل على تجفيف الينابيع بمعنى أنهم قد تكون هناك نية لسحب الدعم من المسرح فتصبح المؤسسة المسرحية فى أزمة وهذا جائز أن تكون هناك حالة من خنق الإبداع وإذا كان هذا الخنق هى حالة مخطط لها أو متعلقة بالوضع العام ليس لدى يقين بذلك لكن بالتأكيد أتمنى أن تكون الأزمة فى إطار الوضع الاقتصادى.

■ وماذا إذا كان مخطط لمصادرة الإبداع؟

– إذا دخل النظام الحالى فى مصادرة الفنون التى تعارضه هو يكرر تجربة ديكتاتورية أخرى وفى هذه الحالة لن نتوقف عن العمل بل سأفكر جديا فى إيجاد قنوات أخرى بعيدا عن الدولة مثل الكيانات المستقلة  لكن فكرة التوقف غير واردة.

■ هل تتوقع عودة المهرجان القومى للمسرح بعد توقفه عامين كاملين؟

من خلال عضويتى بلجنة المسرح اتفقنا على إقامة المهرجان القومى فى منتصف شهر فبراير المقبل وبالفعل جار التحضير له لأنه من المهم أن يعود فسبق وكنا نطالب بعودته منذ سنوات وحققنا إنجازًا كبيرًا بإعادته ولا يصح بعد هذا الإنجاز أن يسحب من جديد.

■ وماذا عن المهرجان الدولى الذى اقترح كبديل للتجريبى؟

– لابد أن نعترف بأن المهرجان التجريبى كان له أثر مهم جدا على المسرحيين فى الوطن العربى ووضع مصر على خريطة المهرجانات الدولية للمسرح ويجب ألا نخسر هذا الأثر وكان عمل اللجنة طوال الفترة الماضية هو محاولة الحفاظ على الأثر الدولى الجيد الذى حققه التجريبى رغم ما يمكن أن نوجهه للتجريبى من انتقادات وبالتالى رأت اللجنة أنه لابد أن يتم إقامة مهرجان دولى بالقاهرة وهذا الأمر فى طريقه للتنفيذ وهذا شىء مهم جدا خاصة ونحن طالبنا بتخفيض تكاليف إقامة المهرجان لأنه ليس هناك أى داع للبذخ وأذكر أننى كنت مع الدكتور سامح مهران فى الجامعة الأمريكية بمركز يوجين أونيل بالمسرح فى منحة أوفدنا لها من الوزارة أقمنا فى المدينة الجامعية بجامعة «يل» الأمريكية وهو مهرجان دولى داخل المدينة فالمهرجانات الدولية تقام فى مراكز شباب وما إلى ذلك فلما لا نتمثل بهذه التجارب لأن هذا حل جيد لتخفيض الإنفاق حتى لا تحدث حالة من البذخ فى ظل أوضاع اقتصادية غير جيدة وكل الفرق الأوروبية تتفهم ذلك للغاية وليس بالضرورة الاستعانة بفنادق الفيف ستارز إلى جانب ذلك ليس هناك داع لعدد من العروض الكبيرة لأنه من الممكن أن يتم اختيار 10 أو 15 عرضًا وينتقوا بعناية وبآلية معروفة فيجب أن يكون هناك مندوبون من المهرجانات العربية لمتابعة الفعاليات الموجودة بالأمكان المهمة الفعاليات واختيار أقوى وأهم العروض واستضافتها وذلك حتى لا تقيدنا السفارات بعروض معينة وأشكال محددة من الإبداع لأن هنا العروض تخضع للأفكار السياسية وبالتالى ينخفض مستوى العروض المشاركة.

 

 

إشراف : هند سلامة

http://rosaeveryday.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *