المـــــلامــح الجماليــــة ومضمونيـــة التجريب المســــرحي

” كل معرفة لا تتنوع ، لا يعول عليها ” هي مقولة لمحيي الدين بن عربي، تأتي  ضمن السياق الذي نريد أن نصل إليه بالاستنتاجات المعرفية التي يصلها عالم  المسرح، في الكشف عن مكونات مشتبكة بالمعرفة ومدعومة بالتقصي إلى عالم يطرح  مشكلات منقولة من مجتمعات تمثل ثيمة عالم المسرح، لتمنحنا تجارب مرت بنا  ولكننا ندركها عندما في السر عندما نشاهدها على خشبة اسمها المسرح.. انه  عالمنا!

 

 

المسرح قيمة جمالية سامية في مسيرة الإبداع الإنساني، ولد تعبيرا عن مجتمع المدينة الذي احتضن الصراع محركا لخطوات تقدمه إلى أمام، ولأن التعبير الإنساني يبقى مرتبطا جينيا بمنتجه وتجسيدا لبصمته الخاصة، يبدو هذا التعبير انعكاسا حقيقيا لشخصية بهوية ملموسة، وكلما التصق هذا التعبير، هنا المسرحي تحديدا، بهويته المخصوصة اتسع بميدان إنسانيته أو عالميته ، فعالمية العمل المسرحي لا تأتي من نهلسيته او كوزموبوليته، بل تأتي من مصداقية الانتماء المحلي وتجلي المخصوص فيه ..
ومن هنا فإن التجربة المسرحية بقدر ما تحاكي التجسيد الحي للشخصية الوطنية أو القومية أو بكلمة أخرى المحلية وبصمتها الخاصة، بذات القدر ستكون إنسانية الانتشار، عالمية التفاعل، وفي ضوء ذلك يكون المؤمل في بحث أي ناقد أو دارس أن يتبين الملامح الجمالية المضمونية لتجربة مسرحية وما تمتلكه من عطاء أو إضافة لمسيرة الإبداع المسرحي إنسانيا أو امنيا …
إن احمد شرجي هو صاحب ابتكارات متنوعة في قراءة الممثل وفنونه وأداته على الركح.. وسيكون مهما ومفيدا التذكير بقراءة موسعة عن أعمال نقدية ونظرية له، مشيرين هنا إلى بحثه المتصل بمفهوم العمق للممثل الباحث وهو البحث الأكبر أهمية في جهده الأدائي والتنظيري، الأمر الذي نأمل أن يصدر في مؤلف مستقل لأهمية الجهد المعرفي المسرحي فيه ولحجم الإضافة المنتظرة من وراء وجوده بين أيدي المتخصصين والقراء ..
في كتابه المسرح العربي من الاستعارة إلى التقليد يمهد لجهده النظري بدراسة في الرمزية والمسرح وهدفه لا يكتفي بسردية حيادية للفكرة بل يطوع المادة مروضاً إياها لما يريد أن يكون أرضية مناسبة للتالي من قراءته وموقفه من الواقعي السطحي في المسرح محاولا إبعاد هذا الغث عن سمين المسرح العربي من تجاريب مهمة تعمدت بخصوصية الإبداع لأساطين باتت تجاريبها اليوم أوضح في معالمها وانضج في سمات وجودها وتطورها ..
وهو ما سنلمس مغزاه في انتقاله إلى البحث في قلق الهوية المسرحية عربيا .. وتساؤلات أصحاب التجاريب الأولى عما يريدون فعله : أهو تقديم مسخ مسرحي لأصول أجنبية المصدر، بكل مفردات هذا المصدر من موضوعات واتجاهات ومن قيم جمالية وتجري بنيوي وأساليب أداء وعمل؟ أم هو اقتباس لبعض مفردات البناء الجمالي للتعبير المسرحي بخصوصية محلية؟
إن الإجابة عن هذا السؤال حاول فيها باحثون قبل احمد شرجي .. ولم يكن أمر الإجابة مقصورا بمزاج أو تفاعل ذاتي لهذا الباحث او ذاك بل كانت الإجابة دائما وستبقى بيد العوامل الموضوعية التي تمثل أرضية فعلية حقة لولادة هذا الفن او ذاك .. فكل تعبير جمالي وكل فن يرتبط بتأثيرات مرحلة ولادته وبيئتها المباشرة، والمسرح احد هذه الفنون الجمالية يعبر عن استعداد البيئة لولادة هذا الجنس المسرحي أو ذاك على وفق درجة النضج ومستوى الكفايات الموضوعية المحيطة كيما تجري الولادة طبيعية غير مشوهة.

 

http://www.almadapaper.net


شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *