مهرجان روسي لمسارح الدمى بمشاركة فرق من 11 دولة #روسيا

 

موسكو: طه عبد الواحد

كثيرة ومتنوعة الانفعالات والانطباعات التي تتراكم خلال مشاهدة تفاصيل واحدة من الروايات المأخوذة عن «حكايات عالمية» من «قصص الشعوب»، أو من روايات الأدب العالمي، تقدمها فرقة فنية من خيرة الممثلين على خشبة المسرح في موسكو. ولا يختلف الأمر بالنسبة لمسرح الدمى، إلا أن التفاعل مع الدمى التي تؤدي الأدوار في تلك المسرحيات يساعد المشاهد على الغوص في عالم آخر، عالم في الوسط بين «المتخيل» والواقعي، يمنح النصوص المسرحية «مذاقاً» فنياً خاصاً بالنسبة للمشاهد، ويختلف فيه تفاعل المتلقي عن تفاعله مع النص ذاته حين يؤديه ممثلون عوضاً عن الدمى. وتصبح تلك الانطباعات غزيرة عندما يجد عشاق هذا النوع من الفن المسرحي فرصة لمتابعة جملة عروض في آنٍ واحد، يمثل كل واحد منها عرضاً لثقافة «الدمى» في المسرح لدى مختلف شعوب العالم، كما هي الحال في موسكو التي انطلقت فيها هذه الأيام فعاليات «مهرجان سيرغي أوبرازتسوف الدولي لمسرح الدمى»، بمشاركة فرق من 11 دولة.

ويُعد هذا المهرجان واحدة من أهم الفعاليات الثقافية التي تشهدها العاصمة الروسية كل عام. وتعود أهميته لجملة أسباب، ترتبط بتاريخ مسرح الدمى الروسي الذي ينظم المهرجان الدولي سنوياً، فضلاً عن المشاركة الدولية فيه والعروض التي تقدمها الفرق المشاركة. إذ تجري فعاليات المهرجان على خشبة واحد من أضخم مسارح الدمى في العالم، هو «مسرح الدمى الأكاديمي»، الذي يحمل اسم «مسرح أوبرازتسوف». وتعود بدايات تأسيسه إلى الثلاثينيات من القرن الماضي، حين قرر عدد من كبار المسرحيين السوفيات خلال اجتماع في مايو (أيار) عام 1930. تنظيم وتأسيس شبكة مسارح دمى، ودُعي الممثل والكاتب والمخرج المسرحي سيرغي أوبرزتسوف لإدارة المشروع وتم تعيينه مديراً فنياً ومخرجاً لمسرح الدمى.

انطلق المسرح بخمسة ممثلين فقط في البداية، وقدم خريف عام 1931 أول مسرحية بعنوان «السيرك على خشبة المسرح». وفي عام 1936 تم تخصيص واحد من المباني وسط موسكو ليصبح أول مسرح لفرقة «مسرح الدمى». وكان أول مسرح يخرج عن أسلوب «الدراما الطبيعية»، الذي يدعو إلى انعكاس أكثر موثوقية للواقع وتلاصق معه في الأعمال المسرحية. ويبدو أن هذا الأمر طبيعي بالنسبة لهذا النوع من الفن المسرحي، ذلك أن مسرح الدمى تاريخياً وسيلة تسلية يحكي الممثلون عبرها قصصاً ذات دلالات إنسانية وسياسية أحياناً، لكن دون احتكاك مباشر مع الواقع، خشية من «الحاكم».

منذ البدايات حصل مسرح الدمى السوفياتي – الروسي على شهرة واسعة. وكذلك الأمر بالنسبة لمخرجه ومديره الفني سيرغي أوبرازتسوف، الذي بات اسمه اليوم بمثابة رمز و«أيقونة» لفن مسرح الدمى محلياً وعالمياً، بعد 62 عاماً من عمره في ذلك المسرح، قدم خلالها أجمل العروض المسرحية، التي تبقى حية في الذاكرة الثقافية لعدة أجيال منذ الحقبة السوفياتية وحتى يومنا هذا.

في ذلك المسرح الذي يشكل تاريخه محطة مهمة في تاريخ مسارح الدمى عالمياً، قدمت فرقة «مسرح أوبرازتسوف» أول من أمس العرض الافتتاحي ضمن المهرجان الدولي لمسارح الدمى، واختارت لهذه المناسبة «توراندوت» للكاتب الإيطالي كارلو غوتسي. وجاء العرض وفق رؤية خاصة قدمها بوريس قسطنطينوف، مخرج مسرح أوبرازتسوف، جسدتها على خشبة المسرح 60 دمية، أدارها 16 ممثلاً. وخلال الأيام التالية من المهرجان ستقدم فرق من 11 دولة، بينها الصين والهند، مهد مسرح الدمى تاريخياً، مجموعة من العروض، بعضها مأخوذ من حكايات شعبية قديمة والبعض الآخر عن قصص عالمية شهيرة، مثل «جزيرة الكنز» للروائي روبرت لويس ستيفنسن، و«البارون مينهاوزن» للشاعر والروائي والمؤرخ الألماني رودولف إيريك راسبيه. وسيستخدم الممثلون مهاراتهم في تقديم تلك العروض عبر مختلف أشكال التحكم بالدمى، إن كان عبر خيوط من أعلى، أو عبر الدمى التي يرتدونها على أيديهم، فضلاً عن عروض دمى مسرح «الظل»، وغيره، وسيترافق كل عرض مع موسيقى تتناسب مع مضمونه وتضفي جمالاً فنياً على أداء الممثلين «الدمى».

وتم تنظيم مهرجان أوبرازتسوف الدولي لمسرح الدمى أول مرة في عام 2001. والذي صادف مرور 100 عام على ميلاد المخرج البارز أوبرازتسوف، ومرور 70 عاماً على تأسيس مسرح الدمى في روسيا. وتستمر عروض الدورة الحالية من المهرجان لغاية 20 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي.

https://aawsat.com

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني