مهرجان المسرح العربي في دورته 12 تواصل الندوات الإعلامية الخاصة بالعروض المسرحية -بــقـلـم : عـبـاسـيـة مـدونــي- الـجـزائــر

ما تزال فعاليات مهرجان المسرح العربي في دورته الثانية عشر ( 12) والذي تنظمه الهيئة العربية للمسرح ، والذي يستمر إلى غاية 16 يناير 2020  تحت شعار “المسرح معمل الأسئلة ومشغل التجديد”، استمرت لليوم الثاني على التوالي وعلى مستوى مركز المؤتمرات الصحفية على مستوى فندق ” ريجنسي”  الجلسات الإعلامية الخاصة  بالعروض المسرحية .

وقد كانت البداية يوم 11 يناير 2020 مع عرض ” كيميا” للمسرح القومي من دمشق ، سوريا ، تأليف ” ألكسندر ابرازتسوف” إعداد وإخراج ” عجاج سليم ” وأدار الجلسة الأستاذ ” رسمي محاسنة” والذي بدوره افتتح جلسة النقاش بإضاءة أبعاد رسالة الحب التي يحملها الإنسان القادر على الحب ، والذي به يستطيع أن يصنع الكثير من الأمور ، فالحب مصطلح كوني .، كما استعرض أعمال الدكتور” عجاج سليم” .

وبعدها أتيحت الكلمة للمخرج ” عجاج” الذي قدم الامتنتان لكل القائمين على مهرجان المسرح العربي ، كما عرّف بالعمل الذي يحكي في مكنوناته عن الحب الذي لن يحققه إلا الفن الرابع ، وقد أكّد على رأيه نتاج الأثر الذي تركه العمل في المتلقي الذوّاق في كل زمان ومكان، والتغلب على كل الشوائب وأبشعها الحرب .

وقد استعرض التوجه الذي سلكه في إخراج عمله المسرحي بأنه استطاع تحويل الواقع اللامعقول  المعيش في المنطقة العربية إلى واقع ملموس نحاكيه ركحيا ، لأنه اتضح أن الحب الخلاص الذي ننشده فنيا .

وأن ” كيميا” ذات بعد إنساني محض وهته الأفعال والأحداث التي عرّاها العرض من خلال هته الصدفة بين ثنائيين هما المرأة والرجل الللذان يقعان في مساحة من التجاذب المغناطيس الذي استطاع أن يكشف الكثير من البوح الذاتي في آلية أن الحب قضية إنسانية شاهقة .

” سالي أحمد” ممثلة بالعرض من جهتها صرّحت أن الدور الذي تقمصته يحاكي دور الزوجة التي تنظر إلى الحب من زاوية أنه ملكية خاصة ، لذلك كانت رافضة لكل شئ له علاقة بمسمى الحب الإنساني  ، ولم تكن قابلة لأي نقاش في ضوء هذا الموضوع  ، كما فصّلت في العلاقة التي جمعتها بالمخرج من خلال هذا العمل والذي أكّتت فيه على ديمقراطية المخرج وتقبلّه للمقترحات وإخضاعها للحوار الذي من شأنه أن يخدم العرض والعمل المسرحي برمّته .

فيما صرّح الممثل ” وليد الدبس”  عن اللغة البصرية والسمعية التي تجلّت من خلال هذا النص ، والتي منحت العمل تواصلا جماهيريا ما بين الشخصيات والمتلقي .

أمّا ثاني الندوات الإعلامية من ذات اليوم ، فقد كانت مع العرض المسرحي من تونس والذي يحمل عنوان ” خرافة” للمؤلف ” علي عبد النبي الزيدي” من العراق والمخرج ” أيمن النخيلي” ، وقد أدار الندوة السيد ” رسمي محاسنة” مستعرضا عمل الفرقة والذي بيّن من خلال كلامه أنه لا يخضع للزمكنة وهو عبارة عن حكايات من الواقع متضمّنا كوميديا ساخرة تكرّس الفعل العملي أكثر منه فعلا أكاديميا .

ليفسح المجال للمخرج والذي بدوره وضّح أن هذا العمل يعدّ عملا دقيقا احتاج إلى خيار دقيق وإلى تنفيذ على الركح من خلال لفيف من الممثلين تمّ اختيارهم بدقة ، وأن العمل تمّ من خلال الحوار في موضوع الإعداد والاختيار والتواصل مع المؤلف ، لهذا كان الاختيار منذ سنة 2014 الذي احتاج إلى دراسة معمّقة في إطار مشروع الفقرة القائم على كسر ما هو نمطي وعادي وكلاسيكي في أبي الفنون .

لتكون الكلمة بعد ذلك للمؤلف والذي أوضح أن المسافات الجغرافية لم تكن عائقا أمام التواصل الفعلي مع الفرقة لإنجاز هذا العمل كمشروع ، بالرغم من وجود اختلافات خاصة بكل مكان ، وأن التيمة التي عمل عليها في نصّه والتي تعالج موضوع الافتراض هو أن الموت يعادل الحياة من خلال التجليات اليومية ذات الصلة الوطيدة بالواقع المعيش من دمار وتخريب حاصل ، وكيف لهذا الموت أن يتحوّل إلى حياة على الركح فنيا  برغم الألم والآه ثمة دوما كويديا لاذعة تعبّر عن القسوة والجديّة وهي السخرية من الواقع بآليات فنية ذات دلالات إيحائية .

آخر الندوات الإعلامية كانت مع عرض المغرب ” النمس” للمؤلف ” عبد الإله بن هدار” والمخرج ” أمين نسور” ، وقد أدار الجلسة الدكتورة ” مارغو حداد ” والتي بدورها قدّمت الفرقة مستعرضة عمل الفنان القائم على الموهبة المدعمة أكاديميا والتي تتشبّع فنيا لتكون قادرة على قراءة التراث وعصرنته بأمانة ، فاسحة المجال للمخرج للتحدث عن تجربته الجديدة بهذا العمل مع فريقه ، حيث أن المخرج استعرض هو الآخر مساره الفني في التعامل مسرحه منطلقه التغيرات التي تؤكد مقولة ” الآن وهنا ” من خلال فريق العمل الذي أخضع كل شئ للبحث والحوار نتاج تراكم خبرات نظرية وعملية تحقق هذا التواصل ما بين الركح والمتلقي ، بخاصة أن طاقمه يتكون من عديد الأجيال من مخضرمين وهواة ومبدعين اجتمعوا جميعهم للنحت من هذا العمل اتجاها فنيا ورؤية واعدة ، بخاصة أن العمل مأخوذ عن رواية للكاتب ” ياسين عدنان” الذي استطاع الكاتب ” بن هدار” من خلاله أن يعدّ نصّه ويشتغل عليه وفق خطّة تفاعلية .

بعدها تحدّث السينوغراف الذي استعرض هو الآخر التراكم على مستوى التجارب التي جمعته مع المخرج لتكريس عمل مغربي مميّز وذا إيحاءات مميّزة بخاصة وأن العمل المسرحي ينحت من الرواية ليقدّم دلالات ركحية بأسلوب حداثيّ.

من جهتها مصمّمة الأزياء ، تكلّمت عن قيمة تصميم الأزياء بأي عمل مسرحي والتي تراه من الضروري أن ينسجم مع طبيعة الاتجاه المسرحي والشخصيات لأنّ التصميم وانتقاء اللون هو الآخر يسهم بشكل فاعل في التعريف بالشخصية حسب كل دور ، وأنّ تصميم الأزياء تشكيل آخر لا يتجزّأ من السينوغرافيا والاتجاه الإخراجي .

ليكون الممثل ” حسن ” وهو من الممثلين المخضرمين  صاحب دور     ” النمس” بالعمل المسرحي والذي تحدث عن إسقاطات الدور وكيف تعامل مع الشخصية وتوجهات المخرج الذي كان ثقة مطلقة في تعامله مع الممثلين دونما سلطة بغية تحقيق الانسجام بكل مستوياته لضمان نجاح الشخصية وتحديدا ” النمس” المميّز بهدوئه الخبيث .

لتكون ” مونية ” من جيل الممثلين الشباب والهواة والتي كان لها الحظ أن تكون وسط مجموعة من الممثلين من الرعيل الأول ، وتعمل جاهدة بينهم لإثبات قدراتها الفنية ، الأمر الذي حققه طاقم العمل وتوجهات المخرج الذي يؤمن تماما بانسجام الشخصيات على الركح تحقيقا للمتعة والذائقة الفنية والجمالية ، حيث أسند لها دور زوجة النمس ، والتي تجسّد أنموذج الزوجة المتسلطة التي تلبس قناع الورع الديني وهي لا تمتّ بأدنى صلة إلى علاقة زوجية مثالية ، وأن في قاموسها اللغوي في تعاملها مع ” النمس” سوى الكلام اللاذع والجارح ، وهذا إسقاط على المرأة العربية التي تلتصق بها صفة المرأة الغير مثالية ، وهذا تقول ” مونيا” ما أرادت أن يكون إسقاطا لواقع لا مفرّ منه .

وعليه ، فإنّ الندوات الإعلامية الخاصة بالعروض المسرحية ضمن فعاليات مهرجان المسرح العربي في دورته الثانية عشر (12) بالأردن تظلّ قراءات أولية لتوجهات وبيانات فكرية خاصة بالعروض إلى أن تعرض ركحيا وتلامس جمهورا بمختلف توجهاته وتطلعاته .

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …