مهرجان الأردن المسرحي يراهن على الأفكار الجديدة – عواد علي -#الاردن

 

افتتحت فعاليات الدورة الـ26 لمهرجان الأردن المسرحي بعدد من التكريمات لأهم المسرحيين الأردنيين، وتتواصل فعاليات المهرجان بتقديم نظرة بانورامية على أبرز المسارح العربية من خلال استضافة أعمال من دول مختلفة.

انطلقت مساء الجمعة 8 نوفمبر الحالي فعاليات الدورة الـ26 من مهرجان الأردن المسرحي، الذي تقيمه مديرية الفنون والمسرح في وزارة الثقافة، بالتعاون مع نقابة الفنانين الأردنيين، بالعرض التونسي “راشومون” للمخرج لطفي العكرمي.

ويستمر المهرجان حتى الـ14 من نوفمبر الجاري على مسرحي المركز الثقافي الملكي، وبمشاركة عربية تمثلها عروض مسرحية من الإمارات وتونس والكويت والبحرين والسودان ومصر.

الحاجة إلى المسرح

قال المخرج محمد الضمور مدير مديرية الفنون والمسرح “إن هذه الدورة تؤكد من جديد أهمية المسرح وحضوره في المشهد الثقافي العربي والأردني، وإننا في وزارة الثقافة نقدم كل ما بوسعنا لإنجاح التجربة المسرحية الأردنية، ونقدم من خلال هذا المهرجان فرصة مهمة للتلاقي بين المسرحيين الأردنيين والعرب”.

وأضاف الضمور أن هذا المهرجان لم يعد مجرد مناسبة فنية عابرة، بل أصبح حدثا ثقافيا فنيا راسخا نحتفل به مثلما نحتفل بأعيادنا السنوية المتعددة، ونتطلع إليه من عام إلى عام وهو يتطور ويكتسب المزيد من الخبرة والسمعة الطيبة، خصوصا بعد أن التحمت الأجيال في ساحته، والتقى جيل الرواد بجيل الوسط وجيل الشباب من المسرحيين الذين قدموا إبداعاتهم في الكتابة والتمثيل والإخراج وسائر فنون المسرح.

4 عروض أردنية و6 عروض عربية يعقّب عليها نقاد ومسرحيون في ندوات تقييمية
4 عروض أردنية و6 عروض عربية يعقّب عليها نقاد ومسرحيون في ندوات تقييمية

وأكد الضمور أن الجسور تمتد كل يوم بيننا وبين العالم العربي، الذي هو أحوج ما يكون إلى المسرح، خاصة في هذه الظروف التي يمر بها، والتوسع في تقديمه ودعمه، وطرح مختلف المدارس والأفكار من خلاله، وتعويد المجتمع على الفن، والذائقة الجمالية الرفيعة، وطرح القضايا الملحة عبر أعمال مسرحية، حيث يأتي هذا المهرجان حاملا مشعل الإبداع في إطار من التجديد والحداثة، والاشتغال فنيا على الأفكار والرسائل الكبيرة.

من جهته قال نقيب الفنانين حسين الخطيب “إن النقابة تتعاون بشكل مباشر مع الوزارة من أجل إيجاد قاسم مشترك لإبراز وتجسيد إبداعات المبدعين من الفنانين الأردنيين، مستلهمين وهج كافة مراحل الحركة المسرحية، التي أنجبت مبدعين من جيل إلى جيل سعيا لملء الفضاء المسرحي”.

وتابع الخطيب “إن المهرجان يسهم في تشكيل وعي جيل كامل من المسرحيين على مدار دوراته الست والعشرين التي تابعنا من خلالها المسرحي الأردني كاتبا ومخرجا وممثلا وموسيقيا وتقنيا في عروض تطرح الأسئلة والمحاورات، وأحيانا الاشتباكات التي ترسخ دور المسرح في التفاعل المباشر مع الجمهور”.

عرض الافتتاح

انبنت مسرحية الافتتاح “راشومون”، التي افتتحت المهرجان، على تعدد الروايات حول مقتل رجل الساموراي، والبحث بينها عن الحقيقة في وجوهها الكثيرة، وهي حقيقة الإنسان وضعفه أمام الشهوة وأمام الخوف، تماما كما قدمها فيلم أكيرا كوروساوا في مفتتح خمسينات القرن الماضي، الذي اعتمد في جوهره على عدم وجود حكاية واحدة، ولا حقيقة يخبر المشاهد بها.

تتناول المسرحية جريمة قتل جرت في إحدى الغابات اليابانية؛ قاطع طريق يغتصب زوجة ساموراي، ويُعثر على جثة الزوج بعدها، وفي المحاكمة تقوم أطراف الحكاية (قاطع الطريق، الزوجة، روح الساموراي، والحطّاب الذي يُفترض أنه رأى كل شيء) بسرد نسخ شخصية متباينة مما حدث، فإذا بالمتلقي أمام شهادات مختلفة كل الاختلاف، قاطع الطريق يؤكّد أنّه القاتل، والزوجة تؤكّد أنها هي القاتلة، والحطّاب يشهد بأن الرجل قتل نفسَه بسيفه.

المسرحية البحرينية "سكان الطابق الأرضي" تشارك ضمن عروض مهرجان الأردن المسرحي
المسرحية البحرينية “سكان الطابق الأرضي” تشارك ضمن عروض مهرجان الأردن المسرحي

حاول مخرج المسرحية لطفي العكرمي أن يكون أمينا على طابعها الياباني الكلاسيكي (من خلال الأزياء والمكياج، والموسيقى)، مبتعدا عن مقاربتها برؤية معاصرة أو إسقاطها

على الواقع التونسي أو العربي، ومزج بين سرد الحكايات، التي تتخللها أفعال درامية، على خشبة المسرح، ومشاهد سينمائية صامتة في الغابة تعرض على شاشة خلفية. لكن أحداث المسرحية وفضاءها وبعض شخصياتها، مثل حادثة القتل، والاغتصاب، والغابة، ورجل الدين (الكاهن)، يمكن إسقاطها، عبر القراءة التأويلية، على الواقع العربي.

عروض المهرجان

 تشارك في فعاليات هذه الدورة مجموعة من المسرحيات العربية والأردنية هي: المسرحية الإماراتية «الساعة الرابعة» تأليف طلال محمود وإخراج إبراهيم سالم، المسرحية الكويتية «درس» تأليف لؤي عيادة وإخراج إبراهيم الشيخلي، المسرحية البحرينية «سكان الطابق الرابع» إعداد وإخراج هاشم العلوي، المسرحية التونسية «راشومون» للكاتب الياباني ريونوسوكي أكواتاجوا، المسرحية السودانية «مؤامرة شكسبيرية» إخراج ربيع يوسف الحسن، المسرحية المصرية «الحادثة» تأليف لينين الرملي وإخراج عمرو حسان.

أما المسرحيات الأردنية فهي «الكفالة» تأليف الكاتب العراقي عبدالكريم السوداني، وإعداد وإخراج مخلد الزيودي، «ملحمة السراب» تأليف سعدالله ونوس وإخراج نبيل الخطيب، «الآخر» تأليف ميجيل دي أونامونو وإخراج حسين نافع، و«الكراسي» تأليف أوجين يونسكو وإخراج علي الجراح. وكان برنامج المهرجان قد تضمن أيضا مسرحية من العراق للفرقة الوطنية للتمثيل بعنوان «أمكنة إسماعيل» تأليف هوشنك الوزيري وإخراج إبراهيم حنون، لكن الفرقة لم تتمكن من الحضور، وتعقب كل عرض من عروض المهرجان ندوة تقييمية يقدمها عدد من النقاد والمسرحيين.

المهرجان يسهم في تشكيل وعي جيل كامل من المسرحيين على مدار دوراته التي تأتي كل منها كإضافة جديدة

وكرّم المهرجان في حفل الافتتاح الفنانة الأردنية سهير فهد، ورئيس فرقة المسرح الحر ومصمم السينوغرافيا الفنان الأردني محمد المراشدة، ويستضيف مجموعة من المسرحيين العرب هم الأمين العام للهيئة العربية للمسرح إسماعيل عبدالله، ومدير إدارة المسرح في الشارقة أحمد بورحيمة، والمخرج والممثل العراقي محمود أبوالعباس، والممثلة
والمخرجة االتونسية سرين قنون، والمخرج السوري عجاج سليم، والناقد السوداني عصام أبوالقاسم، ورئيس فريق مناهج المسرح في الإمارات العربية شريفة موسى، ورئيس المسرح الوطني في السعودية عبدالعزيز السماعيل، والممثل والمخرج الفلسطيني إيهاب زاهدة، وأستاذة التربية والتكوين المغربية الزهرة إبراهيم. كما يقدم خبراء مسرحيون من الصين ورشة بعنوان “تقنيات خشبة المسرح”.

يُذكر أن المهرجان كان يحمل في دوراته الأولى اسم “مهرجان المسرح الأردني” لأن فعالياته كانت تقتصر على العروض الأردنية، مع استضافة عرض أو عرضين عربيين، ثم جرى تغيير اسمه إلى “مهرجان الأردن المسرحي” ابتداء من الدورة الـ22 عام 2015 كونه أصبح ذا طابع عربي. وكان يمنح جوائز مختلفة للمسرحيات المشاركة في المسابقة الرسمية، لكنه توقف عن ذلك أسوة بالعديد من المهرجانات المسرحية في العالم العربي.

 

عواد علي

https://alarab.co.uk/

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …