«مفتاح غايا» مسرحية فرنسية تتناول حنين المهاجرين!

مفتاح غايا la clé de Gaïa مفتاح الصداقة مع الاخر ! المسرحية من تأليف لينا لامارا وإخراج كريستوس ميتروبولوس وهي من بطولة لينا ومارك روشمان والموسيقي لبيير دولو ..  عرضت المسرحية على مسرح «اباس»  في باريس الدائرة الثامنة عشرة.

 المسرح عبارة عن خيمة تقاسمها الممثلون الثلاثة ..المرأة والتي تلعب أدوار عدة ، الجدة- الطفلة غايا- أم غايا . والرجل يؤدي أدوار مختلفة ، يظهر كراوي أو معلق على الحدث أو مبررا لما حدث من خلال مشهد تمثيلي آخر منفصل ومتصل في ان واحد.  فإذا أردنا أن نتحدث عن الألفة والمحبة بين شعبين مختلفين ثقافة وفكرا،على سبيل المثال، مثل الجزائر وفرنسا لا بد من المرور بالاحتلال الفرنسي والحرب الجزائرية والعثور على الشخصيات التي كانت ترفض تلك الحرب وخاصة في أوساط الجنود الفرنسيين لأنهم يشكلون، مع بقية الشرائح الرافضة للحرب والاحتلال، الأساس المادي الصحيح لإقامة علاقة سوية فيها كثير من المحبة والألفة . ثلاثة شخصيات يقومون بسفرة مشتركة ويتيهون في صحراء افتراضية..ينصبون خيمتهم وهي الديكور الذي يملك الفضاء ثم يبدأ الكشف عن شخصياتهم باستثناء الموسيقي الذي يشكل خلفية للشخصيتين عبر انشغاله بالعزف على الكيتار .. الجمهور يدخل صالة العرض فيجد أمامه الخيمة وفي داخلها الشخوص الثلاثة يلفهم صمت يشبه صمت الصحراء.  الرجل يرمي كلماته الاولى فتشكل العمود الفقري في العمل المسرحي حيث يقول : « قررنا أن نريح الزمن هنا.. بدأت قصتنا حين ترك لنا حمزة (حمزة تورية عن الشخص العربي بشكل عام ) مفتاحا ناصحا ايانا العثور على الباب المناسب .. قيل لنا أنه كان في القدس مفتاح واحد لكل الأبواب حيث مفتاح هذا القفل يفتح قفل اخر وبالعكس.. المسلمون يسهرون في الكنائس. المسيحيون يحمون معابد اليهود.واليهود يحرسون المساجد. مفتاح واحد يفتح كل الأبواب.  اليوم كل المفاتيح سحبت من أصحابها والأبواب اقفلت بعناية كبيرة..» غايا طفلة من أصول جزائرية ولدت في فرنسا، وتحديدا في مدينة ليون، لا تظهر على المسرح، بل تتضح ملامحها من خلال الراوية – الجدة للحدث، وهي تكبر وينمو عودها في المشاهد المتتالية من خلال العودة بذاكرة الجدة، لتروي لنا كل تأريخ العائلة وشخوصها سواء خلال سنوات الاحتلال أم بعد الاستقلال. كتبت المسرحية بلغة فرنسية يومية بسيطة وبعيدة عن تعقيدات اللغة القاموسية.  كما اضفت المفردات العربية داخل النص نكهة جزائرية محببة وجو كوميدي ساخر وساحر . لينا لامارا شابة موهوبة بحق فهي بالإضافة كونها مؤلفة للنص (ولا ننسى هنا اضافات وتشذيبات المخرج للنص ) فإنها كانت تمثل باجادة متألقة للشخصيات المختلفة، وهي تتمتع بصوت جميل اخاذ ومعبر ، وكأنها تجسد رغبة الطفلة غايا التي تمنت أن تصبح مغنية، إذ تغني على المسرح بحرفية عالية، ويمكن أن تكون مشروع مغنية جديدة تضفي على الغناء الفرانكفوني نكهة القهوة والهيل والزيتون وعطور ساحل البحر المتوسط بضفتيه المتقابلتين!

تُسال غايا في عيد ميلادها العاشر،  ماذا تريدين ؟ غايا : أريد صليب من ذهب . ماذا؟  تعرفين الصليب مال المسيح جميل جدا كل صديقاتي يلبسنه ..ويوم السبت سأعمل حفلة كبيرة . ماذا تفعلين؟ غايا: ماما أريد صليب. لماذا صليب؟  كلش حلو . الام: احسن أن لا تحملين أي شيء ، الصليب للمسيحيين وانت مسلمة تستطعين أن تضعين كف فاطمة أو عين من الحسد . غايا: ما أحب يزعجني.. لانه عربي جدا ! انت مجنونة تقول الأم : اسمعي بنتي اذا تريدين ان تضعين الصليب كرمز ديني عليك أن تضعين كل الرموز الدينية ،اشتري لك معضد فيه كل الرموز الدينية.  غايا: اذا ساحمل بيدي المعضد الأكثر ثقلا. 

الام : بعدين اختاري ما يعجبك. غايا :حبيتهم كلهم. الام :اذا دعيهم جميعا في يدك!  الملاحظة الأخيرة التي أود أن أذكرها وهي ان المسرحية قد كتبت في الأصل على شكل منودراما» شخصية واحدة» إلا أن تعاون المخرج مع الكاتبة – الممثلة قد أضاف شخصيات أخر ليقدموا لنا عملا مسرحيا متكاملا حاملا رسالة إنسانية واضحة مفادها «لا بد من التعايش مع الاخر!».

————————————————————-
المصدر : مجلة الفنون المسرحية –  طه رشيد – الصياح

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *