مسرح الشباب

غيث خوري
 
تأتي الدورة العاشرة من مهرجان دبي لمسرح الشباب، لتؤكد الالتزام الكبير لدولة الإمارات في دعمها للفعل الثقافي الإبداعي بمختلف صوره وأشكاله، عبر فتح القنوات للشباب لطرح رؤاهم وأفكارهم عبر منتجهم الإبداعي ، وتطوير هذا المنتج وصقل ثقافتهم ومراكمة خبراتهم الفنية.
تأتي أهمية مهرجانات المسرح الشبابي أو ما يشابهها في المسرح المدرسي والجامعي، من خلال قدرتها على تشكيل وجدان الشباب في مرحلة دقيقة من حياتهم، ومن خلال السعي إلى إيجاد استراتيجية واضحة لدور المسرح الشبابي، باعتباره ليس مجرد ترف يقدم إلى الشباب من أجل المتعة والترفيه، بل تكمن أهميته في تنمية الوعي بالقضايا الاجتماعية والسياسية على الصعيدين المحلي والعالمي، إضافة لكونه النواة الحقيقية لتطور الحركة المسرحية بصفة عامة، وخلق جيل جديد قادر على صياغة المشهد الإبداعي، مما يؤسس لضمان استمرارية الاحترافية للمسرح.
إن الحديث عن أزمة المسرح والمسرحيين لا يكاد ينقطع في أي مهرجان عربي، ولا تخلو أي من تلك المهرجانات من الأوراق التي تبحث في أسباب هذا التأزم ومعطياته، إلا أن المتابع للحركة المسرحية العربية يرى إلى جانب تلك الأزمات الاندفاع والحماسة الكبيرين اللذين يبديهما الشباب التوّاق للعمل المسرحي، ويرى الضرورة القصوى في التقاط هذا الحماس العالي ودفعه نحو الإبداع الحر والتجريب وطرح الرؤى الفنية الخاصة والأصيلة التي يمتلكها كل من هؤلاء الشباب.
 
إن ربط «مسرح الشباب» بالفئة العمرية، هو منظور يحصر إبداعات هؤلاء الشباب ويؤطرها، لذا فإن التعامل مع ما ينتج ويُقدّم يجب أن يكون جدياً، وأخذاً بالحسبان كل الظروف التي يتم فيها إنتاج هذه الأعمال، وهو ما يفرض بالمقابل على المسرحيين الشباب الالتزام الكامل تجاه ما يقدمونه، بدءاً بمسألة اختيار النصوص وأثرها في نجاح العرض المسرحي، والخبرة العملية لدى المخرجين الشباب في اختيار نصوص عالمية أو محلية أو عربية، ومقاربة هذه النصوص مع ما يعيشه المجتمع اليوم، إضافة إلى ضرورة حضور هؤلاء الشباب في جميع الندوات التطبيقية التي تلي عروضهم ومشاركتهم الفعالة فيما يطرح من نقد حول مسرحياتهم، فبهذا تتراكم معارفهم ويطورون من أدواتهم المعرفية.
في ظل الوهج والتأثير الكبير الذي تقدمه وسائل الإعلام والاتصال الحديثة، وما يتم الترويج له من ثقافة النجوم حول العالم، يترتب على الشباب المسرحي أن يبقى واعياً ومدركاً للنواحي السلبية التي تفرضها هذه الثقافة المعولمة، التي تنقل الشاب بين عشية وضحاها إلى نجم من دون أن يكون قد امتلك القدرات اللازمة للنجومية، أو التراكم المعرفي في مجاله، سواء كان مخرجاً أم كاتباً أم ممثلاً، كذلك حذر من استنزاف التلفزيون للمسرحيين، في ظل الإغراءات التي يقدمها لهم. في الوقت الذي يحتاج فيه المسرح إلى جهد ووقت وتضحية، وعمل جاد ودؤوب ورسوخ وتأصل للثقافة والتقاليد المسرحية.

————————————————
المصدر :مجلة الفنون المسرحية –  الخليج

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *