مسرحيون : إنسانية المسرح تحميه من الاندثار

 

 

محمد عبدالسميع (الشارقة)

يعتبر الفن من أهم الأشياء الجمالية في الحياة، أو التي تخلق الجمال في عالمنا، وتعزز القيم الجمالية والأخلاقية والدينية والاجتماعية، ولا شك أن الفن بحد ذاته هادف، ويعمل على توصيل رسالة أو فكرة ما من خلال طريقة إبداعية معينة، باستخدام وسائل عدة، مثل: الأدب، والمسرح والسينما، والرسم والموسيقى والغناء، ومنها ما يعتمد على اللغة، ومنها ما يعتمد على آلات معينة مثل الموسيقى، ومنها ما يعتمد على الإنسان واللغة والآلات معاً، مثل: المسرح أو السينما، ولكن هل المسرح والدراما يتعاضدان أم يفترقان؟ سؤال طرحته «الاتحاد» على مجموعة من المتخصصين في مجال المسرح، فماذا قالوا؟

أكد الدكتور فيصل القحطاني أستاذ الدراما في المعهد العالي للفنون المسرحية بدولة الكويت أن المسرح أصل الدراما السينمائية والتلفزيونية والإذاعية، وكل هذه الفنون خرجت من رحم المسرح، لذلك يعود الفضل في الأول والآخر إلى المسرح «أبو الفنون»، ولكن المسرح والدراما التلفزيونية يختلفان فكل فن يحتاج إلى كتابة مختلفة والمواصفات والاشتراطات الخاصة بالفنون تختلف عن بعضها، مضيفاً: عندما خرجت السينما قالوا المسرح سيموت، وعندما خرجت الدراما قالوا السينما ستموت، ولكن لا يوجد فن من الفنون يستطيع أن يقضي على الآخر ولكن يستفيد منه أو يأخذ من المساحة التي كانت مخصصة لهذا الفن.
وأضاف القحطاني أن الدراما التلفزيونية سحبت البساط من تحت المسرح، ولكن مازال المسرح نابضاً بالحياة ويقدم مبدعين، وهناك أجيال وراء أجيال تتعاقب للحفاظ على المسرح، كما أن المسرحيين الحقيقيين لم تستطع الدراما التلفزيونية أن تخطفهم، فالمال والشهرة لم يؤثرا عليهم ولا على حبهم للمسرح.
وأكد أن للتلفزيون مساحة أكبر من المشاهدين وانتشاراً أكثر ومردوداً مالياً أفضل ونجومية سريعة بخلاف المسرح الذي يعمل فيه لن يجد النجومية السريعة ولا المردود المادي مثل السينما، لذلك مجال الدراما يختلف اختلافاً كبيراً عن المسرح.
وأضاف الدكتور حبيب غلوم أن الدراما التلفزيونية تختلف اختلافاً كلياً عن المسرح، لأن التلفزيون أصبح لسان حال العصر، لأنه يصل إلى الجمهور في مكانه بعكس المسرح الذي لابد أن يذهب الجمهور إلى خشبة المسرح ومكان تواجد العرض المسرحي، فالدراما تتفوق بشكل كبير عن المسرح، فكما أن السينما تتفوق على الكل لأن الجمهور يأخذ جرعة مجردة في زمن محدد، فاليوم أصبح الجمهور يبحث عن الدراما «تيك اوي» الدراما السريعة، كما أن المشتغلين في مجال الدراما ينجزون أعمالهم بسرعة جداً ويكتسبون جمهوراً كبيراً، أما المسرح فيحتاج إلى بروفات كثيرة قد تصل إلى أكثر من شهرين، حتى يشاهدك جمهور لا يتجاوز 1000 شخص، وذلك بعكس السينما والدراما التلفزيونية.
وأضاف غلوم لا بد من أن نستفيد من تجربة الشارقة في الحفاظ على الثقافة والفن، التي صدر فيها قرار من صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، بالحفاظ علي الفنون والثقافة، باعتبار المسرح جزءاً من الثقافة والهوية، فالحركة الثقافية في الإمارات لا تتجاوز الـ(5 ‎%) وهي موجودة بشكل أكثر وأعمق وأكبر في الشارقة، ومن أجل الحفاظ على الهوية لابد أن يطبق نموذج الشارقة على كل إمارات الدولة.
وقالت المخرجة الإماراتية الهام محمد: إن الدراما التلفزيونية تختلف عن المسرح، في المسرح لا يوجد خصوصية كافية لدى الممثلين، من واقع أن المسرح يتسّم بالوضوح والعاميّة؛ لأنه يعمل على تصوير الأحداث بصدق أمام الناس، أما السينما فلها خصوصيتها في التعبير، على اعتبار أن الممثل لا يقوم بمواجهة الجمهور مثل المسرح وهذا بسبب أن محاكاة الحقيقة في السينما تختلف عن المسرح، كما إن الحقيقة في السينما التي يتم اصطناعها تختلف عنها في المسرح، ففي المسرح يكون الممثل واقفاً أمام الجمهور، ويتحرك على الخشبة، أما الممثل في السينما فهو صورة مطبوعة غير مباشرة، وهذا يعطيه الفرصة في الاندماج مع المكان، وتوحيد العناصر جميعها وهذا ما يجعل الفن السينمائي أكثر حقيقة من المسرح.
وأضافت: المسرح وسيلة للتعبير الفني عن ما يدور في حياة الإنسان من صراعات وأشياء تحدث معه، والمسرح يعتبر «أبو الفنون» فهو موجود منذ القدم، سواء من قبل الإغريق أو الرومان، وكان لديه القدرة على التأليف بين عناصر فنية متعددة في ذلك الحين، ولا أعتقد أن أي فن آخر يمكن أن يهدد بقاءه، واستمراره.
وقال الناقد والمخرج المغربي الدكتور يونس لوليدي: الدراما التلفزيونية تختلف عن المسرح، ورغم انتشار الدراما التلفزيونية سيظل المسرح حياً في قلوب محبي المسرح، مضيفاً أن المسرح رغم كل المنافسات ظل موجوداً وحياً، ربما ليس بنفس القوة، لكنه لم يمت. فقد ظهر المذياع وظل المسرح، وظهر التلفزيون وظل المسرح، وظهرت الفضائيات والسينما وظل المسرح، هذا المسرح الذي عاش خمسة وعشرين قرناً ولايزال قائماً إلى الآن، هو شيء لا يمكن أن يندثر، لأنه شيء إنساني، وبقي لنا فقط الآن أن نجد الطريقة التي يمكننا من خلالها إيصاله للأجيال الجديدة المهووسة بالتكنولوجيا. وأعتقد أنه آن الأوان أن نشتغل على المسرح بالوسائل التي تُغري هذا الجيل الجديد، أي توظيف التكنولوجيا وجعل المواضيع الأبدية والإنسانية والكونية في إطار يغري، وتوظيف الوسائطية، وتوظيف كل تقنيات الحاسوب، وكل ما يمكن أن يجعله قريباً من قلوب ومن مسامع ومن أعين الأجيال الجديدة.

 

https://www.alittihad.ae/

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …