مسرحية «البوابة رقم7» لسنان العزاوي في قاعة الفن الرابع: افتحوا بوابات الحياة فالإرهاب زائل / مفيدة خليل

نختلف، نتصارع نتناقش إلى حدّ التشتت أحيانا، نشّك بالآخروبأنفسنا، نرهب من ذواتنا ونخافها، نخاف الوقوف

امام مرآتنا واكتشاف حقائقنا خوف زرعه فينا النظام ، وجيعة زرعتها بداخلنا نشرات الاخبار وشطّ بات جزءا من حياة الانسان العربي، شطّ حدّ التلاشي أحيانا، شطّ تمّحي معه القيم و المبادئ واحترامنا للإنسان فيناشكّ يتولد عنه عنف واضطراب نقله الممثلون الى جمهور مسرحية «البوابة رقم 7» للفرقة الوطنية العراقية للتمثيل.
وهي مسرحية للمخرج سنان عزاوي وكتابة لعواطف نعيم و تمثيل نظير جواد وحيدر خالد وعلاء قحطان ووسام عدنان وياسر قاسم واسراء العبيدي وآشتي حديد عمل باشراف وزارة الثقافة والسياحة والاثار ودائرة السينما و المسرح ومديرية المسارح، عمل يطرح هاجس الإرهاب والخوف والشط الذي اصبخ يعيشه الانسان العربي.

التلميح والرمزية لصنع حبكة درامية
ازيز الطائرات يصمّ الاذان، ضوء احمر كانه عنوان لصفارات الإنذار، حركة واضطراب على شاشة كبيرة تعرض صورا لنشرات اخبار بلغات مختلفة، سبعة اشخاص، خمسة رجال وامرأتين يجلسون على كراس مع حدود الى الجانبين، المكان قطار ما، أو محطة في مكان ما وهم مسافرون الى مكان افضل، كلّ صامت يفكر لا يعرف عن الاخر شيئا صمت له رمزية الانكفاء على الذات في حالات الهلع.

ولانّ العنوان هو مفتاح العمل جاءت المسرحية العراقية مكونة من كلمتين الأولى «بوّابة» ومعناها الباب او المنفذ الذي يخرج الانسان دائما من مكان الى اخر، البوابة دائما معناها الامل الذي يسكننا لنغادر فضاء ما الى اخر ارحب، والجزء الثاني الرقم «7»، رقم له العديد من الدلالات عن العرب فهو عدد السماوات وهو عند المسلمين عدد الأيام التي خلق فيها الله الأرض والسماء، الرقم «7» عند اليهود هو يوم الراحة «شبّاط» قد يكون للرقم رمزيته فعدد الديانات في دولة العراق سبعة وهي الإسلام واليهودية والمسيحية والايزيدية وشيعة العراق وسنة العراق والمندانية، فللرقم سبعة العديد من الرمزيات التي تختلف من شعب الى اخر وفي المسرحية يكون «7» رقم البوابة التي ينتظر داخلها المسافرون القطار.

في الرمزية أيضا تحضر السينوغرافيا بقوة من خلال الضوء، فالضوء هو الناقل لخلجات الروح فمتى كان أشخاص المسرحية خائفين أصبح الضوء احمر وفي لحظات الهدوء يعود ابيض عادي أما وقت الشطّ فتشتعل كلّ الأضواء بوضوح وكانها تعكس غليانا داخليا لمعرفة حقيقة ما.

المسرح ترميز، تلميح لمحاولة معرفة الحكاية، مسرحية «البوابة رقم7» قامت على التلميح لا التصريح، منذ الجمل الأولى يضعك المخرج امام شخصيات دون اسم وانما اللهجات هي دليلك لتعرفها، في ذلك المكان وعلى تلك الكراسي اجتمع كلّ من صحفية فرنسية تخاف «الإرهاب والإسلاميين» ومصري اتهم بانتمائه للاخوان وتونسي علماني وسورية منهكة من الاغتصاب والظلم ومغربي مهرب للأسلحة وعراقيين اثنين الأول داعشي و الثاني من مجندي الجيش السابق، اختلفت ملامحهم وافكارهم وتشاركوا في وجودهم في مكان واحد.

جمعتهم الصدفة ربّما، جمعهم الخوف، يخافون من ذواتهم ومن «وجود حزام ناسف» شكّ واضطراب يدفعهم إلى التنازع وتعرية ونزع ملابس كلّ شخص للتأكد من عدم وجود حزام ناسف او قنبلة، تعرية الأجساد تكشف كيف يكون اللباس عائقا أمامنا للتواصل أحيانا فللمظهر الخارجي تاثيره فالمصري يخافونه بسبب لحيته و الفرنسية ترغب برسم السورية ولكن بمجرد وضعها للحجاب تخاف منها، كلّ تلك التناقضات التي تسكننا، خوفنا من الاخر وخوفنا من انفسنا يجسّده الممثلون على الركح ليصرخوا عاليا ان تصالحوا مع ذواتكم تأمّلوا أنفسكم قليلا لماذا نحن مسكونون بالخوف من الآخر والأنظمة هي التي تصنع التطرف لا الأشخاص.

السينوغرافيا مقوم أساسي للعرض
تمازجت الموسيقى و المؤثرات السمعية التي صنعها محمد الربيعي مع الضوء الذي صنع تفاصيله محمود علي السوداني ونفذه محمد فؤاد وعلي مسلم ولؤي نافع سطّروا بدقة المسار الدرامي للمسرحية، عمل وظّف تقنيات الفيديو والمابينغ التي اشرف عليها ياسر عمران لايصال حكايا الشخصيات وتناقضاتها.

تدرجات الضوء واختلاف الوانه حاكى أعماق الشخصية نقل الخوف والشكّ، صوت الموسيقى القوية كانت انعكاسا لاضطراب داخلي يسكنهم وخوف من الآخر يحيط بهم، الحركات المتسارعة على الركح مع استعمال الكراسي ذات الازيز المزعج ساهم بشدّ انتباه المتفرج ليظل متابعا للحكاية ويبحث مع الشخصيات عن حقيقة «الحزام الناسف».

بالضوء واللهجات المختلفة كتبوا حبكة مسرحية مختلفة أساسها صراع وتنافر بين الشخصيات، صراع جسدي وفكري مبني على مرجعيات اجتماعية و عرقية ولغوية ودينية أيضا، صراع بني على حقد دفين فالسورية ترى في التونسي مغتصبا وقاتلا حمل السلاح وشرّد أهلها، و التونسي يري في المصري اخوان مسلمين سرقوا ثورته وارادوا تحطيم أهدافها و العراقي يرى في الفرنسية بؤس القوات المحتلة التي دمرت وطنه، و المغربي يجد نفسه خارج السرب بعيدا عن مسار الثورات العربية، فكل في طاحونة هواء تطحن الحقد والخوف.

تتسارع الاحداث ويملأ الممثلون كامل الفضاء، اللعب الدرامي للشخصيات تميز بالسرعة و استعمال كامل الديكور وكلّ مكونات الفضاء الموجود وكانهم يبحثون عن حقيقة مخفية، بعد ساعة من البحث عن سر الخوف يكتشفون انّ ليس كل ما يذاع في نشرات الاخبار حقيقة، فاسهل تهمة هي «إرهاب» ويمكن ان تلصق بايّ شخص يعارض مصلحة ما، تهمة باتت متناولة ومتداولة في جلّ الدول العربية تماما، تهمة لو تصالحنا مع ذواتنا واقتربنا اكثر من الاخر كما فعلت الشخصيات في المسرحية لاتضح أننا جميعا انسان نختلف نعم، قد نتشابك لكننا نحب الحياة.

علاء قحطان يبدع
في اللهجة التونسية
في «البوابة رقم7» تميز الممثل علاء قحطاني في أدائه لشحصية الشاب التونسي فرغم صعوبة اللهجة التونسية بالنسبة للعراقيين لكن زيارات قحطان المتكررة لتونس اثناء أيام قرطاج المسرحية جعلته متقنا للهجة بارعا في التلاعب بالكلمات على الركح ونال أدائه ولهجته اعجاب جمهور المسرح الوطني.

___________________
المصدر / المغرب
موقع الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *