مسرحيات مستلهمة من التاريخ والتراث الشعبى محمد بهجت

في ظل أزمة المسرح المصري الحالية وقلة العروض الفنية المتاحة والتي تعكس ندرة النصوص المعاصرة الجيدة والدليل على ذلك أن أهم عروض البيت الفني حاليا «ليلة من ألف ليلة» هو أوبريت قديم عمره أكثر من سبعين سنة للشاعر الكبير بيرم التونسي ..وباقى العروض المسرحية إما مترجمة ومعدة عن نصوص غير مصرية أو نتاج ورش الإبداع الجماعي التي تهتم غالبا بالتقنيات والتمثيل على حساب الفكرة والورق المكتوب ..

وليس عيبا أن نأخذ نصوصا أجنبية تعبر عن قضايا مهمة في مجتمعنا أو نحتفل بكتاب عرب نابغين من أمثال محمد الماغوط السوري أو عبد الكريم برشيد المغربي.. ولكن العيب أن نعتم الضوء على مؤلفينا ولا نحتفي بهم

ولعل فرحتنا جميعا بإعادة افتتاح المسرح القومي قبل أكثر من عام قد جعلتنا نغض الطرف عن نسيان جميع المؤلفين فى يوم التكريم ..ولم نذكر واحدا مثل الشاعر فاروق جويدة أو الأساتذة يسرى الجندى وأبو العلا السلامونى وجمال عبد المقصود ولينين الرملى وكرم النجار ومحمود الطوخى وغيرهم.. ولعلنا الآن بحاجة إلى الإحتفال بصدور مسرحيات مطبوعة ذات مستوى منها مسرحيات نادر خليفة أحد أهم مبدعى الهيئة العامة لقصور الثقافة حيث صدر له كتاب يضم ثلاث مسرحيات هى «على بابا من تانى» المستلهمة من حكايات ألف ليلة وليلة برؤية معاصرة .. و«حرفوش الفرحان» المأخوذة عن أحداث التاريخ و«شهادة رسمية» كوميديا تنتمي إلى أسلوب الفانتازيا وتسخر بمرارة من العقول الساذجة التي تعد تربة صالحة لنمو مختلف أنواع الدجل والخرافات .. وللكتاب دراسة نقدية لا تقل إبداعا عن النصوص المسرحية للدكتور حسن عطية الأستاذ بمعهد الفنون المسرحية ويقول فيه عن نادر خليفة: «هو ككاتب مسرحي لا يعيد كتابة ما حدث بالأمس بنظرة المؤرخ المحايد من أحداثه ووقائعه وشخصياته ..بل هو يتكىء على التاريخ ليقدم الحاضر رؤيته لهذا التاريخ والحاضر معا.. فالتاريخ ليس زمنا مضى وانتهى..بل هو عائش فينا وقابع في هويتنا.. ننساه أو نتناساه عندما تغفو عيوننا عن حاضرنا.. ونتذكره حينما يتأزم هذا الحاضر فنفتش فى تاريخنا علنا نجد ما يوجه حركتنا فى الواقع.. فالتاريخ لا يعيد نفسه وإنما البشر هم الذين يكررون أخطاءهم عندما ينسون تجارب تاريخهم.»

ولعل أعجب ما في الكتاب من دراما جاذبة قصة شخصية يحكيها المؤلف في مقدمته حيث حوكم والده الذي كان طبيبا جراحا في تهمة سياسية شديدة الطرافة وهى محاولة إغتيال الخديو ضمن جماعة محمد فريد !! والمعروف للكافة أن الزعيم محمد فريد المؤسس الفعلي للحزب الوطني القديم بعد رحيل الزعيم مصطفي كامل كان رجلا مسالما إلى أبعد قدر..ولم ينتهج العنف ولم يقره طوال حياته ..ومات في ألمانيا مريضا وهو يدافع عن قضية مصر ضد الإحتلال الإنجليزي بالقلم والخطابة والنشر في الصحف الأجنبية وبعد عشرات السنين من رحيله رثاه الشاعر الكبير صلاح جاهين في قصيدة على اسم مصر حيث يقول:

وفي أوضة بردانة فيها كل شىء بردان

رقد فريد وحده بالحمى وبالهذيان

وقام وقف عالسرير فى تلج المانيا

يصرخ يا مصر اسمعى اللى مفارق الدنيا

ماتغمضوش عن وحوش الغرب ولا ثانية

هاتروح وحوش الإنجليز تطلع وحوش تانية

وسقط.. ونطق الشهادة .. ونظرته الحانية

المصدر/ الاهرام

محمد سامي / مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *