ما فائدة تمرينات الممثل ؟ – سرمد السرمدي

 

في كتاب إعداد الممثل لستانسلافسكي في الفصل الأول منه وتحت عنوان الامتحان الأول وفي الصفحة 19 منه, يسترسل في شرح تحضيراته لشخصية عطيل, يقول: ( وشعرت بعد قيامي بالكثير من الحركات بأنني أحرزت درجة رفيعة من النجاح واشتغلت ما يقرب خمس ساعات دون أن اشعر بمرور الزمن وجعلني هذا أدرك إن ما ألهمته كان حقا شيئا واقعيا ).لم نعلم كم نام ستانسلافسكي في تلك اللية لأنه لم يوضح كم كانت الساعة لحظة ذهابه للنوم او ما كانت الساعة لحظة استفاق من النوم, بالتالي لم يكن واضحا كم قضى فعليا في النوم, لما له اثر كبير على مجرى هذا المثال الذي يفتتح به ستانسلافسكي كتابه ليؤكد لنا فكرته عن التمرين لدى الممثل, انما اكتفى بهذه الاشارة البسيطة وكأنه لم يولي اهتماما لها لانها ليست في صلب الموضوع المطروح, ولكن الذي يجعلها مهمة هنا ذلك التسلسل الذي تتخذ منه هذه الرواية من قبل ستانسلافسكي منطقها اساسا, بوصفها تصف عملية التكوين التي من شأنها بعد ذلك ان تمثل اساس اعداد الممثل لدوره ومن قبله اعداده

ليكون ممثلا بشكل عام, وهنا ايضا نلمس بعض الفراغ الذي قد لا يشكل جزءا من الاساس المراد بناءه لكي يكتمل عند القارىء الذي بالضرورة هو ممثل او مهتم بالتمثيل والمسرح فنا, فهذه التفاصيل وان كانت تبدوا بسيطة ويسهل الاستغناء عن ذكرها الا انها لم تكن بسيطة في جزء اختارهه ستانسلافسكي ليوضح مثلا ان الفترة كانت خمس ساعات, فكيف هي بسيطة للدرجة التي يمكن معها نسيانها واغفال كونها مرتبطة بوقت اقره هو بذاته من ناحية وكيف يمكن لها ان لا تشكل عقبة امام اكمال منطق الرواية او المثال المطلوب استيعابه من ناحية اخرى لو علمنا فيما بعد ان استيقاضه لم يكن محددا ايضا بالتالي يصعب ان يتحدد الاثر البالغ الذي يصر على تأكيد توقيته وهو خمس ساعات بالنسبة والمقارنة مع باقي تفاصيل اليوم الذي قضاه فيما بعد والذي تخلله النوم الغير محدد التوقيت والاستيقاظ الغير محدد بل وتوقيت الطريق المؤدي الى المكان التالي, ان هذا الوصف الذي يعد غير مكتمل نسبة الى وصف مكتمل ليعطي اشارة ان ستانسلافسكي يركز على ذاتية التجربة اكثر من كونها تحتمل ان تكون وفق مواصفات موضوعية يستطيع كل ممثل ان يمر بها دون ان يكون لستانسلافسكي نفسه تجربته الخاصة به والتي ليس شرطا ان يمر بها كل ممثل يواجه اسئلة يطرحها ستانسلافسكي على نفسه ويحاول اجابتها ومن ثم يأتي الرد اخيرا من مدير الفرقة كما يسميه, فهذا لا يعني الا ان ستانسلافسكي يرى التمثيل من وجهة نظره هو التي يفرضها دون أي سند حقيقي, وما نعني به بالحقيقي هو ان يكون لهذه التجربة اثبات, انما اتخذ من كلامه الشخصي زائدا وجوده هو اثباتا لفكرة لم تكن الا لغيره لأنه هو من تعايش معها بوصفها تجربة متخيلة تماما وبالكامل من قبله فقط, ولا يصلح هذا الاسلوب الا لكاتب النتاجات الادبية كالرواية والقصة والمسرحية وليس لكتاب يفترض ان يعلم الممثل كيف يعد نفسه كما يتضح من العنوان اعداد الممثل.( واستيقظت في الصباح متأخرا عن عادتي واندفعت أبدل ثيابي وأسرعت إلى المسرح وعندما دخلت حجرة التدريب حيث كان الجميع في انتظاري وشعرت بإحراج شديد وقلت في غير اكتراث يبدوا إنني تأخرت قليلا ).

 

سرمد السرمدي

https://kitabat.com

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *