عين على المسرح -مهرجان فرحات يامون الدولي للمسرح افتتاح الدورة 27 وتنويه بجمهور جزيرة الأحلام الخوف للجعايبي بين منفى الذات وعاصفة الوجود-بقلم : عباسية مدوني-سيدي بلعباس-الجـزائـر

 

 

في دورته السابعة والعشرين ، مهرجان فرحات يامون يؤكد مرة أخرى بأحقية جزيرة الأحلام ” جربة” باحتضان هذا العرس المسرحي في حلته الدولية ، كما يكشف قدرات الشباب المجنّد لاحتضان هته الدورة تحت شعار ” المسرح والبعد العجائبي” ، تحت شرف المرحوم     “ المنصف بلحاج يحي” .

انطلاق فعاليات الدورة عرف العديد من الأنشطة والفقرات الاستعراضية إيذانا برفع ستاره ، حيث تمّ تنشيط المدارس الابتدائية والشوارع منها شارع الحبيب بورقيبة ، بطحاء حاجي وبطحاء سيدي ابراهيم بعروض فرجوية بما في ذلك عرض الحكواتي ” كمال بوزيدي” وانشاد ” عماد حناشي” ، تنشيط لصالح أطفال المدارس وعروض في فنون السيرك  لفريق ” جياني” من إيطاليا  هذا وتمّ استقبال الوفود المشاركة من دولة الجزائر ، المغرب ، فلسطين ، ليبيا ، ايطاليا ،  ووجوه فنية واعلامية منها الاعلامية ” شرين نبيل ” من دولة مصر ، وضيوف دورة المهرجان ومنهم ممثل الهيئة العربية للمسرح من لبنان الفنان ” فائق الحميصي” ، والفنان التونسي           ” كمال التواتي” وعديد الوجوه الفنية المعروفة على الساحة العربية والدولية ، والذين أكّدوا جميعهم على أهمية هذا المهرجان ودوره في مدّ جسور الابداع والتلاقح الفكري ، الفني والحضاري على أعلى المستويات .

هذا وتمّ افتتاح معرضي ” مسرح العرائس تاريخ وإبداع” للمركز الوطني لفن العرائس وإصدارات الهيئة العربية للمسرح ، ليكون اللقاء على مستوى قاعة دار الثقافة ” فريد غازي” حيث تفضّل الدكتور ” زهير بن تردايت” مدير المهرجان بالإعلان الرسمي عن افتتاح الدورة السابعة والعشرون لمهرجان فرحات يامون الدولي للمسرح ، بعد أن رحّب بكل الوفود المشاركة والتي تأبى كل سنة أن تحجّ الى جزيرة الأحلام جربة حتى تشارك جمهورها فعاليات المهرجان الذي يكتسي طبعة دولية بفضل كل الجهود المبذولة من كل الجهات المهتمة بالحراك المسرحي ، منوّها بالجمهور الذي يعدّ الورقة الرابحة لهذا المهرجان والذي بفضله حافظ على قيام الفعاليات كل سنة باعتباره جمهورا ذوّاقا ، مهتمّا وعاشقا للفعل المسرحي والذي لولاه ما عمّر المهرجان طويلا ، هذا وقد صرذح في كلمته بمساهمة الهيئة العربية للمسرح كشريك فعليّ ورسمي في هته الدورة ، كما ثمّن مجهودات وزارة الشؤون الثقافية ممثذلة في شخصها الدكتور الوزير ” زين العابدين ” الذي قدّم شتى التسهيلات لرفع فعاليات هته الدورة التي تشي بالكثير .

بعدها مباشرة فسح المجال لباب التكريمات ، أين كرّمت هيئة المهرجان ثلّة من الفنانين والفاعلين في الحقل الثقافي والفني منهم ” محمد علي بن جمعة “ الذي يجمع بين المسرح ، السينما والراب ، كما تمّ تكريم الوجه السينمائي والمسرحي والأكثر شعبية في الأوساط التونسية الفنان ” كمال التواتي” ، وفلسطين حاضرة بدورها ضمن دائرة التكريم وكان من نصيب الفنان المسرحي      ” عادل الترتير” المعروف بأبي العجب والذي يحافظ على صندوق إرث العجب وهو حارس الحكاية الفلسطينية وكل ما تكتنزه من تراق ومواعظ وحكم ، رائد التمثيل الايمائي من لبنان ، الممثل والمخرج المسرحي ” فائق الحميصي” تمّ تكريمه هو الآخر من لدنّ هيئة مهرجان فرحات يامون للمسرح في دورته السابعة والعشرين ، ومن المغرب الشقيق كان التكريم من نصيب الباحث ” سالم الاكويندي” صاحب انتاجات غزيرة تتراوح بين الكتابة القصصية والمسرحية وسوسيولوجيا التربية والتعليم  ، ولمّا تعذّر تشريف الوجه المسرحي ، السينمائي والتلفزيوني السوري ” رشيد عساف” ليكون ضمن المكرّمين بالمهرجان فقد بعث برسالة شكر وعرفان الى هيئة المهرجان والقائمين عليه ، معربا من خلالها عن فحوى سعادته وامتنانه بهذا التكريم ، متمنيا كل النجاح للمهرجان في دورته هته ودورات لاحقة ، مؤكّدا على أهمية الفن كجسر للتواصل ولتلاقح الأفكار ، الممثلة المسرحية والسينمائية ، والكاتبة الدرامية التونسية       ” جليلة بكار” كانت من بين الوجوه المكرّمة في هته الدورة أيضا ، الى جانب الممثل المسرحي التونسي ” رؤوف بن يغلان” .

ليكون الموعد مع عرض ” خوف” لــ” جليلة بكار” و” فاضل الجعايبي” من انتاج المسرح الوطني ، العرض الذي عكس عديد المرايا التي تعري الذوات البشرية ، وتطرح سلسلة من التساؤلات والاستفهامات العالقة ، لتلامس الواقع المعيش والمتأزّم للمجتمع التونسي والعربي على وجه العموم .

خوف الذي استفزّ الدواخل البشرية وعرى الأنا الباطن ، في محاولة البحث عن الخلاص ، خلاص من متاهة الزمن ، خلاص من دائرة المكان المغلق ، وخلاص من الأزمات التي تنخر الذات البشرية ، وتحملنا على التفكير الجديّ في مجموعة من المحطات التي لابدّ من اللحاق بها هروبا من مرارة الأوضاع بأسلوب رمزي لابدّ أن يكون نقطة الخلاص والأمل المنتظر .

خوف العرض الذي تساوق وعرض ” عنف ” لذات المخرج لم يخرج من دائرة ثورة الياسمين التي حملت الشباب التونسي على المطالبة بما يراه شرعيا في زمن تمّ تضييق الخناق فيه عليه من شتى الجوانب والزوايا ، وقد وظف ” الجعايبي” في عرضه ” خوف” أناشيد الكشافة والتي هي في الأصل تمثل مجموعة الأخلاق والقيم والمثل التي من شأنها أن تمتص غضب كل متمرّد في حالة من الهستيريا ، بحثا عن الحلول وعن انفراج للأزمات .

العرض المسرحي في خطّه الدرامي كشف عن صراع التناحر ، عن صراع البقاء والسعي الى الأفضل ، بخاصة بعد أن رسم ملامح العاصفة التي ألمّت بمجموعة من الأشخاص وسط الفراغ ، ولم يكن أمامهم سوى مستشفى مهجور يشي بالكثير من الدلالات الرمزية ، بعد التأزم المتصاعد وغياب الحلول تعرّت الذوات البشرية وكشفت عن قبحها ، عن التناحر وعن التشظّي الأخلاقي .

خوف برمزيته وعاصفته فتح عديد القراءات والتأويلات على مستوى الاخراج والمعالجة الفنية بسلسلة من التصورات والأبعاد ذات العمق الذي يستفز الوعي البشري ، ويعكس صراعات مشحونة بكثير من التناقضات ، للنحت في البقاء ، في الوجود ، في الانسانية ، في الحب ، وفي الحياة المجهولة المصير  حتى نعيد النظر بما فيها وما عليها .

 

وعليه ، فان مهرجان يامون الدولي للمسرح في دورته السابعة والعشرين سيعرف عديد العروض المسرحية الموجهة للصغار والكبير ، مع سلسلة من الدورات التدريبة والورشات التكوينية ، التي من شأنها ككل دورة أن تنفتح على آفاق واسعة .

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *