عين على المسرح – الأيـام الوطنية للمسرح والفنون الدرامية بخميستي في طبعة رابعة راحلــة لـ” تـونـس آيـ عـلي ” على شرف اختتام الدورة عصارة ورشة اعداد الممثل في توصيات اللجنة إلزامية استحداث لجنة انتقاء للعروض مع التكثيف من الدورات التكوينية – بـقـلـم عـبـاسـيـة مـدونـي – سـيـدي بـلـعـبـاس- الـجـزائــر

 

جمعية االؤلؤة الثقافية خميستي ، وهي تسدل ستار الدورة الرابعة على فعاليات الأيام الوطنية للمسرح والفنون الدرامية ، كان ختامها مسكا ، أين استمتع الحضور بعرض المونودراما “راحــلـة” للفنانة ” تونس آيت علي” الذي فيه لمستها الاخراجية ، والنص لــ” مريم علاق” .

راحلة “ التي نقلت الجمهور الى محطات الأمومة ، الى الذاكرة ، الى كل ما يختلج بالذات البشرية ، الى كل العلاقات المتصدّعة في قالبها النفسي ، هي الأم التي تعيش في عوالم متباينة جميعها مرتبطة بالوحدة القاتلة غالبا ، بالبحث عن الانتماء ، بالانتقام من مجتمع ذكوريّ مريض منفصم الشخصية ، الأم وابنتها الباحثتين عن الخلاص وسط حمّى الصراع تصطدمان مجدّدا بواقع مرّ ، لتكون الأمّ أمام مواجهة واقع رحيل ” راحلة “ لتدخل مجدّدا قوقعة الاوهام والهوس ، كل هذا يترافق واللمسة الشاعرية في بعدها الموسيقي مع الفنان الشاب ” مختار” الذي يرسم لنا بايقاعاته معاناة راحلة ، يزامن كل مآسيها ، لنفكّ نحن كمتلقين شيفرات تلكم النوتات التي تزاحم مشاعرنا وتستفزّ عقولنا .

المتألقة ” تونس” أبدعت وهي تطرح باحساس خصب معاناة كل أنثى ، كل امرأة يتمّ اغتصابها قانونيا وتغتصب حريتها  قبيل أن يتم اغتصابها جسديا ، فالاغتصاب الجسديّ أهون بكثير من اغتصاب المجتمع للمرأة ، برجعيته ، بهوسه المرضيّ وبعاهته الذكورية ، بحرياته المغلوطه ومعتقداته المريضة والمختلّة التي تعمل على اقصائها وتهميشها وتكميم صوتها ، ” راحلة ” ببساطة صوت الأنثلى الذي يجب أن يغرّد بحرية ، بأمل ، بمصداقية ، بأناقة في عالم موبوء بالمرضى النفسيين والمشكّكين في مكانة وقدرة المرأة ، فتلكم الأخيرة هي الأم ، هي البنت ، هي الزوجة ، هي الأخت ، هي الحبيبة والقرينة ، وهي الحياة في أشمل معانيها

  ” راحلة” بخميستي أسرت الحضور ، أبقت القاعة في صمت وتمعّن ، فقد نبشت في قضية المرأة وعرّت معاناتها ، كشفت جرحها ولامست ذاكرتها المثقلة والتي أرهقتها ، لتكون بذلك تنقل لنا رسالة انسانية نبيلة لابدّ أن يتعاطى معها المجتمع بشكل واضح المعالم ، وبهذا نقلتنا الى عالم صادق مفعم بالجمال ، بالسحر وبجرأة الطرح .

بعدها مباشرة ، الفنانة ” تونس آيت علي ” عرضت لوحات من ورشة اعداد الممثل والتي أدارتها وأشرفت عليها خلال عملية التربص لصالح الشباب المشارك بفعاليات الأيام الوطنية للمسرح والفنون الدرامية ، فجاءت لوحاته تركيبة فنية  عكست عديد القضايا ، لامست تفاصيل الوجود وعرّت مكامن النفس البشرية الباحثة عن الخلاص .

تركيبة فنية قدّمها الشباب المتربص نتاج ورشة اعداد الممثل في اختتام العرس المسرحي ، لتكون ذاكرة لابدّ أن تستنطق ، وهوية لابدّ من التشبت بها وانتماء لابدّ من معانقته في ظل كل العفن الدائر ، وفي تلكم اللوحات استحضرت قامات الفن الجزائري ، وقدّموا اسقاطات درامية ، فرجوية هادفة تلامس الواقع في أبعاده المختلفة ، معتمدة معهم على شتى تقنيات الفرجة .

لتعتلي الركح مباشرة ، الدكتورة ” برمانة سامية ” رئيس لجنة التحكيم للدورة الرابعة للأيام ، مقدّمة التوصيات التي خرجت بها اللجنة والتي كانت مكونة من الفنان المخرج ” حليم زدام ” وكذلك المخرج والمكون المسرحي ” سمير زموري” وأهم ما جاء في تلكم التوصيات :

1- ملاحظة أكّدت عليها الدكتورة ” سامية ” في طبعات سابقة ، والمتمثلة في إلزامية استحداث لجنة انتقاء العروض وفق شروط القانون الداخلي للأيام الوطنية للمسرح والفنون الدرامية  ، وتلكم اللجنة من مهامها العمل على اختيار مستوى العروض المشاركة ، كون الهدف الأساس من هذه العروض تربية الذوق الجمالي للجمهور باعتبار جمهور خميستي جمهور وفي ومتميز .

2-  ضرورة اجراء وتنظيم دورات تكوينية على مدار السنة فيما يخص مجال إعداد الممثل ، بالتركيز على العنصر النسوي وادماجه في العروض المسرحية ن مع الحث على ضرورة تكوين الفرق المشاركة .

3-اعادة النظر في لغة العروض المسرحية والتمكن من استعمال اللغة والحوار ، لا سيّما اللغة العربية .

4- التحضير للطبعة الخامسة لابدّ أن يكون تحضيرا مسبقا من لحظة اسدال ستار الدورة الرابعة .

5-ضرورة تظافر جهود كل الجهات المعنية والسلطات العمومية ، والعمل على تسخير  شتى الوسائل والامدادات والامكانيات لتجاوز العقبات التي واجهت المنظمين و المشاركين في هته الطبعة  ، ضمانا لهذا التقليد السنوي والإبقاء ععلى ديمومته واستمراريته .

6- ضرورة تفادي الاستعمال العشوائي والمفرط  للموسيقى  المرافقة للعرض المسرحي بدون غائية وضبط .

7- ضرورة التركيز على احترام المدة الزمنية للعرض والتي يجب ألا تقل عن الخمسين ( 50 ) دقيقة .

8- وفي باب عروض المونودراما ، لكلّ مؤدي هذا الشكل من المسرح لابدّ من الالمام بأصولها ن شروطها وخصائصها ، مع احترام شتى المحطات الواجب المرور بها ، على أن يكون للممثل في مجال المونودراما رصيدا مسرحيا معتبرا ليغامر بكذا مجال ، وأن تتوفر فيه شروط الممثل الواحد.

9- ضرورة توفير كل الوسائل التقنية من إضاءة وصوت للعرض المسرحي ، تسهيلا لمهمة الفرق المتنافسة ، وضمان مشاركتها باحترافية ، فنيا ، جماليا وتقنيا .

   هذا ونوهت لجنة التحكيم بالجهود المبذولة من طرف المشرفة على ورشة ” اعداد الممثل” الفنانة ” تونس آيت علي” وهو مجهود بارز ومشرّف ، وكذا القائمين على التغطية الاعلامية للحدث ، والدكتورة المحاضرة ” كريم خيرة” ، وكل القائمين على هذا العرس المسرحي بخميستي مربط الخيل .

في ضوء كل هذا ، تمّ الاعلان عن نتائج الدورة الرابعة والتي كانت على الشكل التالي :

  • جائزة اللؤلؤة الذهبية ، مسرحية ” غدر امرأة” ، الجمعية الثقافية جيل الظهرة من غيليزان
  • جائزة اللؤلؤة الذهبية ، مونودراما ” أسعيــد…؟؟” لفرقة الصرخة ، جمعية الفنون الدرامية محفوظ طواهري ، مليانة عين الدفلى .
  • جائزة لجنة التحكيم ، فرقة قادمون للجمعية الثقافية الابداع بجليدة عين الدفلى ، عن مسرحية ” كلمات متقاطعة ”
  • جائزة تشجيعية ، فرقة أنوار المسرح من أدرار  ، عن مسرحية ” وقت مستقطع …”
  • جائزة أحسن أداء رجالي للممثل ” صالح مولوج” من للجمعية الثقافية الابداع بجليدة عين الدفلى ، عن مسرحية ” كلمات متقاطعة ”
  • جائزة تشجيعية لأحسن أداء نسوي للممثلة ” كريمة مختار” من الجمعية الثقافية جيل الظهرة من غيليزان .

        وعليه ، فان الطبعة الرابعة من فعاليات الأيام الوطنية للمسرح والفنون الدرامية ، كشفت عن  أحقية خميستي بكذا تظاهرة بالرغم من قلة الامكانيات  ما تزال ترفع التحدّي بتظافر جهود كل الجهات المعنية ، على أن يكون الفن الرابع دائما في الواجهة ، ولغة انسانية نبيلة تفتح مجالات الحوار البناء وتؤثث لنقد هادف من شأنه الرفع من المستوى ومعانقة التحديات الواعدة في ظل طبعات مستقبلية تكون في مستوى تطلعات جمهور خميستي ، وتؤسس لثقافة مسرحية ن جمالية وفنية ذات آفاق وأبعاد.

 

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *