رحيل مفاجئ للمسرحي العراقي شفيق مهدي : وارد بدر السالم

وفاة المسرحي العراقي عن عمر ناهز الثانية والستين عاما، وهو أحد رواد المسرح التجريبي أخرج عددا من المسرحيات الراسخة في ذاكرة المسرح العراقي إلى جانب تأليفه عددا من الكتب.

رحل فجر الثلاثاء المسرحي المعروف الأكاديمي شفيق مهدي إثر سكتة قلبية مفاجئة لينضم إلى قافلة المبدعين الراحلين بعد عمر ناهز الثانية والستين عاما، حفل بالكثير من العطاءات الثقافية والأكاديمية والفنية، لا سيما في المسرح العراقي الذي كان فيه فنانا متمكنا تمثيلا وإخراجا وتأليفا وهو أحد رواد المسرح التجريبي الذي تقدم به مع الكثير من المسرحيين المبدعين، ليكون أحد الأصوات الفنية التي تركت بصماتها على المسرح العراقي لا سيما في تجسيد أدوار عالمية مهمة في مسرحيات “ماكبث” و”العاصفة” لشكسبير و”المعطف” لغوغول كأطول عرض مسرحي صامت يعرفه المسرح العراقي.

أخرج الراحل عددا من المسرحيات التي بقيت في ذاكرة المسرح العراقي وقدم 18 عملا مسرحيا، ومن أهمها “لعبة الحلم” للسويدي سترينبرغ، وعُدّ هذا العرض الثالث عالميا لتوفره على عناصر بناء مُحكمة وطاقة تمثيلية متفردة، إضافة إلى تأليفه عددا من الكتب التي تابعت مسيرة المسرح العراقي منها “الموجز في تاريخ المسرح العراقي” و”الموجز في تاريخ المسرح الفرنسي الحديث” و”أزمنة المسرح” و”الشفرة والصورة في مسرح الطفل” وغيرها.

في كتابه “كراسة سارتر” اهتم الراحل كثيرا في بحثه عن الزمن عبر بوابات المسرح والفكر والفن، كما في الزمن الوجودي عند سارتر في تشكيل ثنائية وجودية أبدية بين الزمن والإنسان. وهو يتقصى زمنية المسرح العالمي عبر رؤية سارتر الفكرية ليخلص إلى التأكيد على أن الإنسانية كلما توغلت في مسيرتها نحو المستقبل كلما زادت حاجتها الفعلية إلى المسرح.

شغل بعد 2003 منصب عميد أكاديمية الفنون الجميلة ثم مديرا عاما في وزارة الثقافة في دار ثقافة الطفل 2003 والسينما والمسرح 2008 ودار الثقافة الكردية، وأخيرا في دائرة الفنون التشكيلية التي غادرها الثلاثاء إلى دار البقاء.

أقصي من دائرة السينما والمسرح إثر عرض لممثلة ألمانية على خشبة المسرح الوطني في بغداد ظهرت فيه شبه عارية، الأمر الذي تدخل فيه السلفيون وحملة رايات التخلف فأبعدوه عن دائرة السينما والمسرح وقُدّم إلى القضاء وتم سحب يده من الوظيفة مع توجيه عقوبة الإنذار بسبب ذلك العرض، الأمر الذي ولّد احتجاجات كثيرة في أقطار عربية وعالمية لهذا الفعل الذي يقمع الحريات ويتقصد إبعاد المسرح العراقي عن تجارب المسرح العالمية الحديثة، وشهد هذا الإجراء بحقه موجة تظاهرات تضامنية معه تعبيرا عن مساندته ومساندة حرية الرأي في مسرح يريد أن ينهض ويدفع بتجاربه إلى الأمام بعيدا عن سلطة التخلف الجديدة. وفي هذا الصدد قال إنه إذا ما شعر يوما بأن هناك حزبا يتدخل في عمله أو يأمره فسيغادر الوظيفة ويعود أستاذا جامعيا.

أكاديميا ناقش شفيق وأشرف على عدد غير قليل من رسائل الماجستير والدكتوراه، وشارك في مؤتمرات عربية وعالمية، وهو الحاصل على جائزة أفضل مخرج مسرحي لعام 1989، ونال عددا من الجوائز المحلية والعربية في الإخراج والتمثيل.

وفي سيرته الشخصية العلمية نجد الكثير من الفقرات والملامح الجدية في توصيفاته الأكاديمية والجمالية والإبداعية، فبعد أن كان محاضرا في كلية الفنون الجميلة في ثمانينات القرن الماضي وحصوله على شهادتي الماجستير والدكتوراه، عُيّن عميدا لكلية الفنون الجميلة بالانتخاب المباشر بعد عام 2003 ثم رأس تحرير مجلتي “المزمار” و”مجلتي” ورأس مجلس إدارة جريدة فنون، وهو أحد مؤسسي المعهد العالي في طرابلس لمادة النظريات والآداب، وعضو الهيئة التأسيسية العليا للجامعة العربية المفتوحة في الدنمارك، وعضو مؤسس لمؤسسة عراق للإبداع، ورئيس لجنة اختبار طلبة البكالوريوس والدكتوراه في جامعة اليرموك بالأردن. وعضو اتحاد المسرحيين العرب، ومراقب في مؤتمر البحر المتوسط في المغرب.

__________________

المصدر : العرب

موقع الخشبة

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *