دليل كيمبردج للمسرح والفجوة المعرفية في ثقافتنا / سباعي السيد

المصدر / مسرحنا / نشر محمد سامي موقع الخشبة

صدر حديثاً عن المركز القومي للترجمة المجلد الأول من دليل كيمبردج للمسرح التي قام بتحريره مارتن بانم Banham وصدر الكتاب في 388 صفحة من القطع المتوسط تحت عنوان مختلف هو (موسوعة المسرح) في مجلدين من ترجمة علي الغفاري ومحمود كامل.
وجاء في تقديم الناشر أن دليل كيمبردج للمسرح هو أكثر مراجع المسرح المتاحة اليوم اتساعاً في مجال تغطيته، كما يتسم بلغته السلسة ومكانته العلمية التي تمنحه مصداقية كبيرة. ويغطي الدليل المسرح في أنحاء العالم، ويحوي 3500 مدخل تتيح معلومات أساسية موجزة عن فنون الأداء منذ نشأتها الى يومنا هذا. فالدليل يقدم لكل من طلاب المسرح ورواده بصفة عامة معلومات عن المسرح وتقييماً لبعض موضوعاته وترفيها، والقاعدة التي قد ينطلقون منها ليستكشفوا العناصر التي تهم كلاً منهم. شملت اهتمامات الدليل – كما كتب المحرر – نظرية الدراما، النقد، الرقابة، الإضاءة، الصوت، التصميم، بنايات المسرح، إضافة الى الدمى والحيوانات المؤدية والألعاب النارية والتماثيل الشمعية والكرنفال والملهى، وقد وصف هذا الدليل عند صدوره في عام 1998  “أكثر ما كتب عن المسرح باللغة الانجليزية فائدة”.
والحقيقة ان صدور دليل كيمبريدج للمسرح الذي يتم تحديثه بصفة منتظمة ورفده بالمدخلات الجديدة (200 مدخلاً جديداً في هذه الطبعة) من المستجدات في عالم المسرح ، يثير لدى القاريء والباحث العربي أسئلة ذات شجون. وهي هذه الفجوة المعرفية التي نعاني منها جراء غياب الأدلة والموسوعات التي توثق لتاريخنا الثقافي بشكل عام، مما يضع الدارسين والمهتمين في أزمة حقيقية. فالمكتبة العربية تفتقر الى مثل هذه الأعمال الموسوعية في مجال المسرح، والتي لا يمكن أن تتصدى لها سوى المؤسسات الأكاديميات المعنية بهذا الفن ، لأنها عمل جماعي منظم يحتاج الى المتابعة والتحديث والتصحيح بشكل مستمر، مما يخرج عن نطاق الباحثين الأفراد أياً كانت جهودهم وتفانيهم في عملهم.
ولنتأمل هنا ما كتبه محرر الدليل/ الموسوعة التي بين يدينا ، وهو مارتن بانم   Banham  أستاذ دراسات الدراما والمسرح غير المتفرغ بجامعة ليدز: “ تحرير مرجع بهذا الحجم عمل لا ينتهي، فهناك دائماً حاجة الى الإضافة والتعديل، وما أن يكتمل العمل حتى يصبح من الضروري البدء من جديد. ويساعدني القراء الذين يجذبون انتباهي الى الأخطاء والى ما أغفلت مما كان يجب ادراجه، فنظل نقول دائماً مثل الملك لير: “من نال رضاء الحاكم، ومن خسر رضاه”.
وان كانت لنا ملاحظات على هذا العمل، فأهمها يتمثل في أن الموسوعة على الرغم من أهميتها وجودة مدخلاتها، والجهد المبذول في ترجمتها،  الا أنه مر اليوم على صدورها بلغتها الأصلية (عام 1998) عشرون عاماً بالتمام والكمال، وكان من الأجدر بالمترجمين وبالناشر (المركز القومي للترجمة)  أن يستثمروا هذا الجهد بشكل أفضل  في ترجمة موسوعة أحدث (أكسفورد على سبيل المثال)  ،  بدلاً من ترجمة كتاب تقادمت معلوماته الآن وتجاوزته موسوعات أخرى. وأشكر أحد زملائي الذي نبهني الى هذه النقطة شديدة الأهمية.
هناك أيضا ملاحظات شكلية يمكن تداركها في المجلد الثاني أو ربما في الطبعات التالية. وأولى هذه الملاحظات تغيير العنوان من دليل كمبريدج الى موسوعة المسرح مما لا نجد له مبرراً علمياً، ومما خلق خلافاً ما بين الغلاف ومتن الكتاب. الأمر الثاني هو تجاهل الصور الموجودة في الأصل الإنجليزي، على الرغم مما لهذه الصور من أهمية توضيحية لطلاب المسرح ودارسيه. أيضاً غياب فهرس بالمدخلات في المجلد الأول، مما يعتبر أساسياً ولا غنى عنه للتصفح أو البحث في مجلد ضخم كهذا.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *