المسرح وعي و فن و سلوك حياة..

المسرح وعي و فن و سلوك حياة..
هايل المذابي

#المسرح كالحب و اللغة إن لم يكن ممارسة و سلوك معيشة فلا جدوى من التظاهر بحبه بل هو أكثر من ذلك عندما نطل على العالم من أعلى لنرى العالم بأسره يؤدي دوره على الخشبة العظيمة خشبة الحياة و سنبكي كثيراً أي نعم عندما نرى جماهيرا غفيرة مطرودة من قاعة الحياة.. لم تستوعبهم حتى ككومبارس..
المسرح شهوة و من لا يشتهي ميت و الموتى لا يصنعون الثورات.. لكن لماذا هذا الفهم القاصر و المغلوط حين تذكر كلمة كالثورة في سياق الحديث عن المسرح فتفهم على أنها تشير إلى الفكر الشيوعي لأنه استخدم المسرح كأداة لترويج أفكاره الثورية أو تفهم كلمة ثورة أنها اسقاط الزعامات و الكراسي الملكية…
إن القول بأن المسرح ثورة تعني في قاموسي على الأقل بأنها الثورة على الذات و الانتصار للحياة بالحياة و مثلما قال الأول “ليس من مات فاستراح بميتٍ… إنما الميت ميت الأحياءِ..”.
منذ مدة صنعت تنبيها على حسابي البريدي لكلمة مسرح و في كل يوم أجد سيلا عظيما من التنبيهات لكن أغلبها له علاقة بمسرح الحياة و ليس مسرح الرؤية الفنية. و اكتشفت من ذلك أن المسرح أكبر من اختزاله في ممارسة فنية تقدم عرضها على خشبة القاعة المخصصة ذلك نعم فهو يتعلق باللغة الإعلامية و الخطابات السياسية و الخطابات لثقافية و حتى الخطاب الشعبي بين العامة حين تستخدمه كتشبيه بلاغي لوصف موقف  فعل تراجيدي أو فعل هزلي كوميدي…
و لعل هذا يثبت أن المسرح حياة و  معيشة نمارسه كل يوم بوعي و بلا وعي..
عندما ألّف أحمد بن فارس كتابه “الصاحبي في اللغة” تحدث في بداياته أن الإسلام غير كلمات  أسماء  كثيرة من أسماء العرب و هذّب العرب أخلاقيا..
و في مقولة أخرى أن حضارة العرب قامت على الإسلام و النص القرآني…
إن مثل هذا القول ينطبق حين نُعمل وعينا  و تأملنا على المسرح..
إنه ينطبق على المسرح حين يجد فيه البشر غايتهم و ضالتهم من الحكمة ساعة يصاب الوعي بالتشوهات نتيجة الممارسات الخاطئة التي تزج بالأديان في متاهات و أغوار السياسة  و المصالح..
لكن لما لا يفهم المسرحيون ذلك أي لما لا يفهمون أن المسرح قدوة الناس و وعيهم الجمعي حين تموت الثقة و الاطمئنان إلى الكاتلوج الحياتي الديني تحديدا الذي تتوارثه المجتمعات منذ الأزل… ؟؟
المثالية رومانسية مريضة و مهمة مستحيلة حين نفكر أن يزول الصراع بين أهل الفن  الثقافة لأن الصراع لا متغير بنيوي يغذي أزليته طبائع البشر و غرائزهم  و رغباتهم لكن المتحول هو الثقافة التي تتغير فعل الزمن و أيضا ذلك التباين بين الشعوب لذلك التعنت في الصراع تطرف و الإصرار على التسامح و التشدد فيه تطرف أيضا.
و لا سبيل للنجاة سوى في الوسطية فلا نتقمص شخصية إبليس في الصراع و  لا نؤدي دور الإله فنغفر دائما و نتسامح دائما و في كل شيء..
ولعل أهم ما يمكن قوله في هذا اليوم المسرح و تعقيبا على ما جاء في مقالتي هو أن المسرح يحقق الوسطية في المبدأ فهو لا يدعو إلى فضائل أو يحارب رذائل فهذه مهمة رجل الدين لأن رسالة المسرح أكبر من كل هذا لأنها تحثنا على نفهم الحياة و ليس أن نحارب من يعيشونها..

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *