المسرح.. حاضنة إبداعية وموردا إقتصاديا

[wdi_feed id=”1″]

المسرح.. حاضنة إبداعية وموردا إقتصاديا

بقلم: هايل المذابي

تفترض نظرية التعددية كناموس كوني أن ثمة وجود فاعل لها في سياقات عصر المعرفة بالضرورة يغذي إتجاهات المعرفة الإنسانية ويعمل على تنميتها في كل أصقاع الأرض.

إن وجود شكل من أشكال الموارد الثمينة في بقعة ما في هذا الكوكب لا يعني عدم وجود موارد مماثلة في القيمة في البقع الأخرى وتبعا لمقتضيات عصر المعرفة فإن هذه الموارد ليس بالضرورة أن تكون مادية بل إنسانية تعتمد على الرأسمال البشري ومتطلبات المجتمعات الإنسانية ورغباتها بناء على الأشكال التقليدية لتلك المتطلبات التي سيكون مهمة الإقتصاد المعرفي البناء عليها وتطويرها بما يحقق القيمة الإنسانية في المنتج الذي يمثل موردا نفعيا حقيقيا للمستهلك والمنتج في آن.

ضمن ما تفرضه هذه السياقات من تنوعات سنجد أن ثمة دول تنتهج إقتصادا قائما على مورد مادي كالمعادن وغيرها وبالمقابل سنجد دولا أخرى تعتمد على إقتصاد رياضي وبعضها طبي وبعضها سياحي وبعضها زراعي وبعضها بحثي وغير ذلك كثير.

هذا التنوع وهذا التوجه نحو الاعتماد على أي شكل من هذه الموارد تفرضه طبيعة البيئة ومكوناتها في أي دولة. لكن ثمة بيئة وحيدة تمثل قاسما مشتركا بين كل البيئات في العالم وهي البيئة الفنية أو بيئة المسرح فيمكن أن نلمس وجودها في كل مكان في العالم بلا أي استثناء والتفاوت هو في مقدار الاهتمام بهذه البيئة وحجم الدعم الذي يمكنها الحصول عليه من الدولة.
ثمة دول لا تملك مواردا رئيسية وثمة من تملك موارد كثيرة والمسرح يمثل قاسما مشتركا بين النوعين.
إننا نعيش اليوم في عصر المعرفة واقتصادها وبلا شك فإن أهم أعمدة هذا العصر هو الحاضنات الإبتكارية والإبداعية والفنية.
ولقد كان المسرح دائما كذلك أي حاضنة إبداعية وفنية لولا أنه تم الفصل بين هذه الحاضنة وبين الاقتصاد بشكل أو بآخر فكان معظم الفنانين يعانون بقدر ما ينتجون ويبدعون.
تقوم فكرة الحاضنة الإبداعية على تبني الأفكار الإبداعية والإبتكارية وتحويلها إلى اقتصاد وعمل يساهم في الارتقاء بمستوى الدخل الوطني للأفراد ويعزز من ازدهار الاقتصاد الوطني.
ولقد كان المسرح أيضا موردا إقتصاديا لولا أنه لم يستوعب كمادة أساسية من مواد التعليم المدرسي ولم يتم الاهتمام به نظرا لعدم الجدية في الاعتبارات الاقتصادية وقياس أهمية المسرح من خلال التجارب القديمة.
يمكن لأي فكرة إبداعية أن تتحول إلى اقتصاد بشرط توفر أدوات ووسائل معينة تفرضها طبيعة الفكرة الإبداعية لتحويلها إلى اقتصاد. والمسرح ليس استثناء عن هذه الوسائل والأدوات.
ومثلما يوجد موارد تغذي اقتصاد الدولة وهي غير تقليدية مثل الرياضة والاستثمار فيها والطب والعلوم وغير ذلك فإن المورد الفني ممثلا بالمسرح والسينما وما إليه من فنون يمكنه الارتقاء بمعيشة الأفراد إلى أعلى مستوى.
تحقق هذا على الواقع يشترط الجدية كما أسلفت وتشترط الجدية توفير بنية تحتية فنية كبيرة ويمكن وضع مقارنة بين الاقتصاد الرياضي الذي تقوم عليه دولة أسبانيا وبين أي دولة تريد أن تتجه نحو المسرح كاقتصاد وسنجد حينها أن للمسرح شغف جماهيري لا يختلف عن شغف الجمهور بمتابعة الألعاب الرياضية بأنواعها.  كما أن هذا التوجه سيفرض ما تفرضه النوادي الرياضية الأسبانية من منافسة مستمرة على طول السنة وهذا التنافس يعود بريع وافر على الاقتصاد الوطني ومستوى دخل الفرد.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش