المسرح بدون رقابة وحرية الابداع للجميع – عصمان فارس

 

يانا روس” مخرجة أمريكية ولدت في جمهورية لاتفيا. حصلت على درجة الماجستير في الفنون الجميلة من كلية ييل للدراما في عام ٢٠٠٦.” وعملت على الصعيد العالمي مع الفريدة يلينيك الحائزة على جائزة نوبل، واخرجت العديد من المسرحيات في كوريا الجنوبية ، والمسرح الدرامي في لوكسمبورغ، وفي ألمانيا، وفي مسرح مدينة اوبسالا في السويد، والمسرح الوطني الليتواني ، والمسرح الوطني الفنلندي (فنلندا)، ومسرح بركاء (المجر، وفي بولندا، ومسرح مدينة ريكيافيك (آيسلندا). حصلت على جائزة جون غاسنر التذكارية لعملها في المسرح الروسي في القرن الواحد والعشرين ، وهو مشروع خاص في دورها كمدير تحرير في مجلة مسرح ييل. وقد حصلت على جائزة أفضل مخرجة في السويد وبولندا وليتوانيا ، وتقوم حاليا بجولة في فيينا ونيويورك والصين. هي مديرة مقيمة في المسرح الوطني  ليتوانيا. وفاقت شهرتها عالميآ اخرجت العديد من المسرحيات العم فانيا، ماكبث، قلب الكلب،  بيت الدمية،الشقيقات الثلاث، مملكة في الثلج، الجمال النائم،النورس،الفوضى ،الاربطة الحمراء،القاتل، صنفنا، حفل طلب، البحيرة، ويكون حديثنا عن أعمالها في السويد أخرجت مسرحية بيت الدمية للكاتب النرويجي هنريك أبسن في مدينة غوتنبرغ في السويد،ومسرحية العم فانيا للكاتب الروسي أنطوان تشيخوف في مسرح مدينة اوبسالا السويدية ومسرحية قلب كلب للكاتب الروسي بولغاكوف، ويانا روس تخاطب الجمهور كم يبلغ عدد الكلاب التي يمتلكها الإنسان داخل نفسه – وكم عدد الكلاب التي يمتلكها الكلب؟ كيف يرتبط الفرد بالقطيع والعكس بالعكس؟ كتب ميخائيل بولجاكوف رواية “قلب الكلب” في عام ١٩٢٥ عندما تأسست الثورة الروسية وكان العنف الأكثر حدة على وشك الاستقرار على الأرض السوفيتية ، كان النص مثيرا للجدل لدرجة أنه لم يسمح بطبعه حتى عام ١٩٦٩. كتب بولغاكوف عن القوانين الاجتماعية وماذا يفعل للفرد. الاحداث تدور في مدينة اوبسالا السويدية سنة ٢٠٢٤ يقوم الطبيب أيضًا بإجراء تجارب ، مثل فرانكشتاين آخر. على كلب الحرارة ، تعمل الغدة النخامية واثنين من الخصيتين البشريتين – ولكن مثلما تفعل مريم شيلي ، فأنت تستخدم أعضاء من مجرم ، والنتيجة هي نوع من الوحش. رجل شعر لا يستطيع السيطرة على رغباته ، الذي ينتحر في كل مكان ويتصارع ضد الجميع – والذي يسمح في النهاية بأن ينجذب إلى قطيع من القوميين.لقد اختارت المخرجة على الانتاج أن يجلبوا لها ٤٠ كلب على خشبة مسرح مدينة أوبسالا لكن شعبة الانتاج إختار ٤ كلاب، اخترنا كلاب تنسجم مع الناس والضوضاء وهي كلاب غير مدربة وتم تعيين مدرب خاص للكلاب على خشبة المسرح،تجربة ممتعة في مسرح مدينة أوبسالا! تبقى مسرحية قلب الكلب بولغاكوف
بسخرية لاذعة يمتشق ميخائيل بولفاكوف الكاتب الروائي والمسرحي الروسي قلمه راصداً ومنتقداً ومعرياً التجاوزات والأساليب الخاطئة التي مورست بعد الثورة الروسية، ووجه جل نقده للوصوليين والانتهازيين الذين يتعلقون بأذيال كل ثورة تحقيقاً لمصالحهم الشخصية ويقومون في النهاية بتشويه صورة هذه الثورة.
وهذه الرواية ت تتصدر كتب الادب الساخر بجمال أسلوبها وشفافية نقدياً وتناولها لأحداث وممارسات نعيشها دائماً وتتكرر في كل عصر وزمان.الرواية لغز سياسي… طبي… شيقة جداً،بل هي حلم خيالي يسفر عن نظرة ثاقبة ورؤى تحليلية تعبر عن ذكاء حاد في تحليل الأدران السياسية التي كانت قد حملتها ثورة ١٩١٧.
الرواية قراءة مبكرة لما آل إليه الإتحاد السوفيتي… اتخذ الكاتب من الكلب بطلاً للرواية وكيف تحول الكلب إلى إنسان بعد أن زرعوا فيه غدة نخامية لإنسان.
تحول الكلب إلى إنسان لكنه بقي بقلب كلب… من هذه الفجوة تبدأ الإسقاطات الرمزية والإشارات النقدية للمجتمع الروسي.
إنه عمل جريء إبداعي… يميز بين العالِمْ والجاهلْ… بين المنتج والمستهلك ويحث على أن يأخذ كل إنسان مكانه الصحيح.أنجزت الرواية منذ مطلع عام١٩٢٥ لكنها كانت بمثابة حراب في خاصرة السياسة ، لذا بقيت في الكتمان أكثر من ستين عاماً، وفي عام ١٩٨٧ أفرج عنها وظهرت للضوء وطبعت مرات عديدة.

 المخرج والرواية.. شحنة النص والرؤية علي الخشبة
البعض منا يخفق والبعض الاخر ينجح ,وتعود اسباب النجاح والفشل الي رؤية وتأويل وتفسير المخرج وفريق العمل مهما اتفق الجميع نظريآ علي تحويل النص الي واقع معاصر،ربما كتب النص قبل سنوات عديدة، وهذا الترابط المعنوي والفكري العميق، وليس الطريقة الخيالية المباشرة كما نشاهده هذه الايام في طريقة تحليل واخراج بعض المسرحيات والتركيز علي الشكل الخارجي وفهم الحالة السردية في جنس الرواية، واهمية الكلمة من اجل بلوغ حالة الصدق في تجسيد الرواية علي المسرح، شاهدت علي مسارح مدينة إستوكهولم روايات لكتاب مشهورين تحولت الي مسرحيات مثل رواية الابله والجريمة والعقاب لدوستوفيسكي، الحضيض لمكسيم غوركي،اوليفر تويست تشارلس ديكنز،رواية المعلم ومرغريتا والهروب ميخائيل بولغاكوف ورواية يومآ الساعة الثانية عشر ليلآ للكاتب الانكليزي أرتركوستلير المولود في هنغاريا.

فضاء الرواية
المعالجة المسرحية ينبغي من المخرج معرفة تفاصيل وتضاريس الرواية، لكي لاتضيع الفكرة عن المتفرج وهو يتلمس طريقه في فضاء الرواية علي سبيل المثال روايات ديستوفيسكي كل جملة فيها مشحونة بالصراع وللحفاظ علي الجوهر الدرامي يستوجب من المخرج تبسيط المادة الفنية من خلال التعليق ودور الممثل الروحي في تمثيل الشخصية والدخول الي تضاريس النص وتجاوز الذات. وفي مثل هذه العروض لايمكن ان يكون دور المتفرج مجرد مراقب وانما هو جزء من تفاصيل اللعبة، فروايات غوغول، دوستوفيسكي ركيزتها الاساسية هي عوالمها النفسية وافكار الكاتب وكذلك الحوار الذي يشكل حلقة الوصل بين الممثل وجمهوره، مع ذلك هناك مدارس واتجاهات لاتتقيد بالفن الدرامي التقليدي يتم تمزيق نسيج النص ممكن حذف جمل وحوارات طويلة والتركيزعلي الكلمة اوالمفردة المشحونة بالطاقة الصورية او البصرية وحالة الهارموني في النص تتطور من خلال ا صوات الشخصيات صحيح هو ان جمال الكلمة وايقاعها موسيقيآ ،يعطي مساحة وفضاء من الحرية لأيصالها وتطويرها علي خشبة المسرح ، وايصال نبرة وافكار المؤلف، فنص غوتة فاوست قدمتها فرقة مسرح برلين من المانيا علي خشبة المسرح الملكي السويدي دراماتن رغم حالة السرد في النص لكن المخرج اختصر من طول الاحداث المسرحية واعتمد علي معايير المضمون والمكان . مثل مسرحية من يخشي لفرجينيا وولف للكاتب إدوارد ألبي قدمتها فرقة مسرح برلين علي خشبة المسرح الملكي دراماتن في استوكهولم رغم ان النص يحتوي علي شعب مرجانية هائجة لكنها كانت مختصرة وممتعة وسهلة الوضوح بعيدآ عن حالة الغموض وتجسدعالم الكاتب، في المسرح يستوجب عدم اقحام العرض في متاهات. فدخول الميديا الي المسرح والسينوغراف البنائي وليس التشكيلي ساعدت علي تحرير النص في وضعه الجديد، وأصبحت العلاقة الجدلية بين النص الادبي علاقة شراكة واثراء، هذا هو هدف الفن في ايجاد وخلق دراما منفتحة ومكتملة.ان فن الاخراج تطور وتعمقت وظيفته عبر التطلع والاستلهام من الفنون الاخري، وبات المخرج يؤمن بالحاضر ومتطلبات عصره وهو عصر التجديد.وانشغل المخرجون بعملية مونتاج النصوص واع ادة فهمها حسب متغيرات الوعي الاجتماعي، رغم كل ذلك من المستحيل ان يتحرر المسرح من نبرةالمؤلف، ومهما كان تفسير وتأويل المخرج ومحاولة الخروج من وصايا المؤلف، ربما هناك مخرجين مولعين بالرواية والقصة بسبب مغناطيسية السرد . شاهدنا في السنوات الاخيرة مسرحيات تحذف اوتبدل جنس شخوصها وتبدلت قوانين المسرح والبحث المختبري تحتاج الي جرأة المخرج ومدي ايمانه بجدية مفهوم المسرح الجديد وقيمته الدلالية والجمالية.القراءة الواعية والمتأنية والمتعمقة تقود المخرج الي تكوين التصورات الاخراجيةمن خلال التسلل الي نوايا وافكار الكاتب،والتركيز علي العرض المسرحي لأنه يشكل الاحتفالية الحية والارتجالية مابين المتفرج والممثل،أي كما كان مفهوم المسرح عند أنتونان أرتو مسرح يحرك المتفرج اما اللغة فيمكن تشكيلها موسيقيآ وسينوغرافآ ورقصآ وايماء. علي خشبة مسرح مدينة استوكهولم شاهدت عرضين مختلفين لمسرحية المعلم ومرغريتا للكاتب الروسي ميخائيل بولغاكوف العرض الاول لفرقة اوسكار المسرحية من ليتوانيا ومن اخراج اوسكارس كورسونوفاس والعرض الثاني لفرقة مسرح مدينة استوكهوم السويدية،اما العرض السويدي لمسرحية المعلم ومرغريتا م دة العرض ثلاث ساعات يشعر المتلقي بمتعة العرض الاخاد والمدهش في تمثيل وتجسيد الادوار وحالة الشد والسحر وسرية العرض ،والفرقة لموسيقية والغناء الحي والجميل ورحلة الاصوات الغنائية مابين افريقيا واليونان القديمة،وسحر الالوان والسنوغراف البنائي والوان الملابس وحالة المعاصرة في تمثيل الاحداث وكان الممثل فيليب زاندين مذهلآ في تجسيد شخصية المعلم وخاصة في مشاهد لقائه بمرغريتا أجواء رومانسية رغم حالة الخناق والضيق التي يشعر بها الاثنان، لكن مرغريتا كانت السند والحب الدافي للمعلم لتكملة كتابة الرواية تضحي بكل شيئ من اجل الحفاظ عليه، ويالروعة الممثلة فريدا فيستردال في تجسيد شخصية مرغريتا جميلة حتي في بكائها وحزنها ،اما شخصية الساحر فولاند ونظرته الثاقبة والعميقة وصوته الجهوري جسد الشخصية الممثل ياكوب اكلوند ممثل يمتلك سحرالاقناع في تمثيله كان ظله جميلآ رغم قساوة شخصيته لكن المتلقي يحبه ويتعاطف معه وجعله المخرج يمتلك اكثر حرية الحركة وهو يخاطب الجمهور من خلال صوته وإيماءة الجسد
عصمان فارس مخرج وناقد مسرحي السويد

https://elaph.com/

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش