المسرح الرحال وتجاوز المسافات 

 
الإعلامية غادة كمال – الحدث – مجلة الفنون المسرحية 
 
ضمن برامج مجموعة المسرح ثقافة اختير موضوع شيق يحمل أبعادًا فنية ونقدية مهمه شارك فيه مجموعة متميزة من المسرحيين العرب كلًا في مجاله ولكن من خلال تجربتي كإعلامية تعمل في مجال المسرح حيث قدمت مع زميلي وائل الدمنهوري برنامج “مسرح الشباب” الذي استعرض على مدار سنتين العديد من التجارب المسرحية في وطننا العربي بالإضافة إلى تجربه رائدة في مجال “مسرح الفرجه ” أو المسرح الرحال والذي تمنيت كثيرًا أن أشاهده وعندما شاهدته وجدت أنه فاق كل توقعاتي “سأموت في المنفى” للفنان والكاتب والمخرج الفلسطيني غنام غنام المسرحية التي جابت عواصم العالم وفي كل عاصمة تترك أثرًا يختلف عن سابقتها وأذكر عندما عرضت في سلطنة عمان أن أحد المشاهدين ترك مقعده وتوجه إلى أستاذ غنام مشاركًا إياه في الوقوف على أرض العرض.
أكتب رأيي هنا كمشاهدة وأنا أعلم أن العديد من النقاد كتبوا عنها ولكن بالتأكيد ستكون كلماتي مختلفه لأني هنا كمشاهدة و لست بناقدة.
“سأموت بالمنفى ” جاءت تتويجًا للعديد من الأعمال التي تنتمي إلى المسرح الرحال ومنها “عائد إلى حيفا” وغيرها ولكن هذا العمل استوقفني كثيرًا ودفعني إلى أن أتأمل ما أحاط به من عناصر فنية بداية من مكان العرض وهو حجرة مربعة لا يوجد بها أي ديكورات سوى مصباح معلق في سقف الغرفة البيضاء وكراسي المشاهدين والتي وضعت في شكل مربع يتناسب مع طبيعة الحجرة كما لم يكن هناك أي شكل من أشكال الإضاءة ولا الديكور مما دفعني للتساؤل ؟؟ كيف يمكن لفنان أن يحمل على عاتقه أداء عمل يختزل كل العناصر الفنية في شخصه فقط مهمه صعبة.
جاء أستاذ غنام حاملًا كل أدواته في حقيبة صغيرة يحملها على كتفة وواضعًا كوفية على عنقه وهناك وكرسي وحيد في منتصف الغرفة وكان هو كل أدوات العرض المستخدمة.
بدأ العرض وسط سكون الجمهور الذي تحول بعد لحظات إلى إنبهار يزداد تدريجيًا مع كل لحظة تمر علينا ونحن نتابع العرض.
بطل العرض استخدم كل إمكانيات الفنان الشامل من صوت رخيمًا يحمل عده طبقات تارة يأخذك إلى ماضي مؤلم وطفولة في الذاكرة الحية تباين في الصوت يحمل الألم كل مرحلة على حدة ومرونة في الأداء تجعلك منبهرًا بالمتابعة لأنها لم تنفصل عنه ولو لحظة ولم يترك لنا مجالًا طوال العرض للخروج من دائرة المتابعة.
أنت تنفصل تمامًا عن العالم الخارجي وتنغمس في هذه الدائرة التي أصبحت جزءًا منها ومنتميًا إليها.
الحكي هذا هو سر هذا العمل والذي تفوق فيه الفنان غنام غنام ببراعة يحسد عليها.
أصبحت أنت جزءًا لا يتجزأ من هذه الحكاية التي تربطك بخيوط الخيال إلى الفنان الإنسان الذي يقف امامك تعيش معه التجربة تقفز من مرحلة تاريخية إلى أخرى دون أن تشعر ويظل صوته يترد في ذهنك بكل ما يحمل من ألم ومعاناة.
قضيت وقتًا تمنيت أن يتكرر عشرات المرات رغم ما شعرت به من حزن لمعاناة الأب والابن والوطن وأنا واثقه بأنني في كل مره سأكتشف بعدًا جديدًا وإضافة جديدة في هذا العمل الذي أدعوكم لمشاهدته نقلت لكم بعيون المشاهد جزءًا بسيطًا من رؤيتي التي ستكتمل مؤكدًا ولكن بعيونكم.

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *