المخرج المصري “هاني عفيفي”: الاقتبـاس ليس مجـازفة ولا هـروبًا / جلال مناد

يُقدم مركز الإبداع الفني لجمهورية مصر العربية، مساء اليوم، بركح قاعة السعادة في قلب الباهية وهران، مسرحية “زي الناس” التي تجمع كوكبة من الفنانين الشباب وهم “هشام إسماعيل”، “أحمد السلكـاوي”، “شادي عبد السلام”، “ماهر محمود”، “كريم يحيى”، “سارة عادل” و”سارة هريدي”. في مؤتمر صحافي سبق العرض المبرمج في الدورة التاسعة للمهرجان العربي، قال “عفيفي” إنّ اختياره النص المقتبس عن رائعة “القاعدة والاستثناء” للكاتب الألماني الكبير “برتولد بريشت”، يتناسب مع واقع الحال في المجتمع المصري على وجه التحديد رُغمَ أنّ النص المذكور كتبه “بريشت” عام 1930. وبحسب “عفيفي”، فإنّ المسرحية تستهدف فضح السياسات الرجعية وتنتقم من الفاشية وتثور على الصراعات الطبقية بدعوتها إلى تبني الخيار الاشتراكي حلاً مجتمعيًا، وتدور قصتها حول تاجر يدعى (كارل لونجمان) يقوم برحلة تجارية من النوع الذي يبدو معتاداً عليه في بلاد بعيدة وصحراء غامضة، فيستأجر لذلك دليلاً وحمالاً يرافقاه في الرحلة. يُهيمن هاجسُ الخوف على سفرية “لونجمان”، معتقدًا أنهما قد يتآمرا عليه وربما يقتلانه في إحدى المحطات ليستوليا على ثروته وتجارته خصوصًا أن الدليل يُجهر بتعاطفه مع الحمّال. تتفاعل الأحداث إلى غاية طرد الدليل من الخدمة فتتواصل الرحلة بمعية الحمّال فقط لكن الشكَ يستمر إلى غاية مقتل الأخير على أيدي البطل الذي يجسده رُكحيًّا هشام إسماعيل الملقب بــ “فزّاع”. أثناء محاكمة التاجر بتهمة قتل الحمّال، يحاول تبرير فعلته الشنيعة، زاعمًا أن المغدور حين حاول مناولته قربة الماء ليشرب منها، تخيّل إلى الجاني أنّ تلك الحركة كانت حجراً من الحمّال لضربه بُغية سرقة ماله وبضاعته، فيرسم بذلك نهاية مرافقه في الرحلة بقتله على أساس أن القاعدة هي دفاعه عن نفسه بينما الاستثناء هو أن يقتل “خصمه” في سياق تفضيله القاعدة عن الاستثناء. المرافعة في مرافعته عن جدوى الاختيار، شدّد “عفيفي” أنّ الاشتغال على عمل مقتبس من نص عالمي لا هو مجازفة ولا هروبًا من الواقع، مبرزًا دور الديكور في الترويج للفكرة العامة باستخدام عناصر ورسومات تناسب الأفكار، إذ حين تتابع اللقطات يشاهد الجمهور في الخلفية رسومات حية تعبر عن الجوانب المختلفة وتتفاعل معها، وتابع أنّ قطع الديكور نفسها تشبه الرسومات حيث الحقيبة والعصا والمقعد والطاولة وغيرها مشغولة بالأسلاك بشكل يدوي قبل رشّها باللون الفضي. واسترسل مخرج العمل الذي عُرض في عدة مسارح مصرية، ووقّع مشاركة نوعية في مهرجان صفاقس الدولي للمسرح 2016، فقال إنّ “العرض يتبع مدرسة بريشت الملحمية في كسر الإيهام ومخاطبة عقل المتفرج، لا عاطفته وتحليل النص مع المتفرج والوقوف على بعض التفاصيل لمراجعة الأفكار والسلبيات التي يحاول طرحها المؤلف، أسلوبنا على الركح هو أن يحكي العرض قصة للجمهور بغية التفاعل معها.. توجد مساحة لتجسيد القصة ومساحة جانبية مكشوفة يجلس فيها الممثلون غير المشاركين في المشهد، ونرى في الخلفية ملابس الشخصيات التي يرتديها الممثلون أمام الجمهور أيضا قبل دخول المشهد”. الرصيد يُشار إلى أنّ “هاني عفيفي” يحوز رصيدًا فنيًا معتبرًا، إذ قُدّمت أعماله بمسرح الهناجر ودار الأوبرا المصرية ومركز الإبداع الفني والمراكز الثقافية المحلية، علاوة على مشاركاته الدولية في مهرجانات وازنة. ومن أبرز إنتاجاته: “عن العشاق”، “أنا هاملت”، “أنا دلوقت ميت”، و”ولد وبنت وحاجات”. وهو من خريجي كلية دار العلوم بجامعة القاهرة سنة 2002، ودرس الإخراج والتمثيل والإضاءة في عدد من الورش المسرحية على أيدي مدربين من فرنسا وإسبانيا والسويد وتونس ومصر. وحصدت أعماله جوائز دولية ومحلية أبرزها أفضل ممثل من مهرجان القاهرة الدولي للمسرح التجريبي 2009، والجائزة الثانية لمصر من مهرجان الدراما اليونانية القديمة قبرص 2008، وجائزة لجنة التحكيم الخاصة للمهرجان القومي للمسرح 2006 وجوائز أفضل عرض وأفضل مخرج وأفضل ممثل من مهرجان الشباب المبدع لدورتين متتاليتين 2004 و2005 . “فزّاع” يحمل هذا العمل المسرحي كذلك بصمة الفنان المتألق هشام إسماعيل بما يُراكمه من تجربة في تمثيل أفلام سينمائية عديدة من أشهرها: (طير أنت) وقد حقق له شهرة واسعة، قبل توالي أعماله السينمائية بوتيرة متباينة على غرار (عسل أسود) سنة 2010، “على بابا” عامًا بعد ذلك، “الآنسة مامي” سنة 2012، إضافة إلى “كلبي دليلي” سنة 2013. ووقع “إسماعيل” مشاركات لافتة في عدة مسلسلات تليفزيونية، مثل: (مجنون ليلى) سنة 2009، (كابتن عفت) و(قصة حب) سنة 2010، (الزوجة الثانية) في 2013، (بنت اسمها ذات) عام 2013، علاوة على دوره في مسلسل (الكبير أوي) بأجزائه الأربعة في أعوام 2010، 2011، 2013، و2014. له كذلك مشاركة مع فريق العمل بمركز الإبداع الفني في مسرحية (قهوة سادة( سنة 2008. شعاع إبداع يعدّ مركز الإبداع الفني بالقاهرة من أنشط المؤسسات الثقافية بجمهورية مصر العربية منذ تأسيسه في 27 أوت 2002، وساهم في تخريج أجيال شابة من المبدعين ليصنعوا تجارب حداثية مبتكرة باستخدام أحدث التقنيات التكنولوجية لخدمة الإبداعات الجادة في مجالات المسرح والسينما والرقص المسرحي الحديث. ويتكئ المركز على مغامرة شباب مبدع يغامر في صياغة تجارب غير تقليدية لبلوغ أرقى درجات الإبداع.

المصدر/ محمد سامي مجلة الخشبة

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *