الرقص والدراما

 

سامي عبد الحميد 

1-2
يمكن تعريف (الرقص) على أنه حركة مصممة ويمكن تعريف (الرقص الدرامي) كونه يستلزم نصاً منطوقاً وقصة تؤدى بالحركة، ويبدو أن الرقص والدراما جزءٌ أو وجهٌ من وجوه ثقافة الإنسان. ويحدث كلاهما في أوضاع شعبية واجتماعية وطقسية وعلاجية ومسرحية. ويمكن أن يوظف الرقص كألعاب للتسلية وألعاب رياضية وعراك وعلاج نفساني وجسماني أو كحدث اجتماعي أو ثقافي أو سياسي. يخص هذا المدخل الرقص والرقص الدرامي كونهما من فنون المسرح والأداء بالمعنى الواسع وليس جزءاً من الحياة اليومية غير المحدد كعرض.
لأن الرقص واسع الانتشار فمن غير الممكن كتابة نظرة شاملة لتاريخه وتطبيقاته ولكي نقدم مسحاً مختصراً لهذا الحقل الفني فلا بد أن نتفحص الرقص الازدواجي والدراما الراقصة بعدد الراقصين المضاعف. وفي طرف المعادلة هناك الرقص الصرف الرقص المجرد الذي يتضمن تتابع حركي فقط وبدون وسائل اتصالية أو تعبيرية أخرى ومنها الموسيقى وعلى سبيل المثال في (كاليكومينعلينغ) 1973 المقدم من قبل (لوجيندا جيلدز) الاميركية هناك أربعة راقصين يمشون بمقاطع ذات ست خطوات ومسار متشابه يحتوي دوائر وشبه دوائر وخطوط مستقيمة رغم بساطة تلك الحركات الأساسية فأن التنوع القليل في المسارات والأنساق يؤدي إلى نسق موحد من التركيبات البصرية والإيقاعية. وإلى انحرافات وتداخلات وتقاطعات وتؤدى جميعها بالصمت وتبدو الرقصة نفسها كما لو كانت موسيقى بصرية مثل رقصة الطبطة بالاقدام الانفرادية او الجماعية وبدون مرافقة الموسيقى مما يخلق مقطوعة فرعية تبدو وكأنها تحتل موضعاً في حقلي الرقص والموسيقى.
في الطرف الآخر من المعادلة هناك الرقص الدرامي أو المسرح الشامل وهما من الاستعراضات المسرحية التي تحتوي الحركة والكلام والأغنية في خدمة سرد الحبكة بواسطة الشخصيات والفعل وقد تستخدم عناصر إخراجية أخرى كالمنظر والأزياء والملحقات والإضاءة والمؤثرات الصوتية والبصرية الأخرى والموسيقى والأقنعة والدمى والحيوانات المؤدية والمكائن وتصميم الروائح العطرية. سواء في الغرب أم في الشرق وظّفت المسارح الكلاسيكية ذلك الجنس الفني الغني بتعدد المحسوسات والمتعدد الكفاءات. وعلى سبيل المثال يؤدي ممثلو (الكاتاكالي) في الهند أدواراً بالأقنعة والأزياء لملحمة في حكايات من الملاحم الهندية أو القصص التقليدية، ويستخدمون الرقص والتمثيل الصامت وايماءات اليدين المنضبطة والدالة واستخدام رمزي للمكان ويستخدمون الموسيقى والشعر الغنائي لتجسيد حكايات عن البطولة والبسالة العسكرية. بالمثل فأن مسرح (نو) الياباني و (أدبرا بكين) الصينية والرقص الباليني والمسرح الاغريقي القديم وكذلك الأوبرات الاوروبية الكلاسيكية الجديدة المعتمدة على أساطير أغريقية قديمة فيها رقص وغناء وشعر وتمثيل صامت وعناصر أخرى لتحقيق تأثير مسرحي كامل. واستمرت تلك الصيغ في عالمنا المعاصر وأضيفت اليها صيغ جديدة مثل (المسرح الموسيقي) الذي يمتزج الأغنية والرقص والقصة.
وبين القطبين المذكورين أعلاه هناك مزيج متنوع من (الكوريوغرافي) والرقص والموسيقى والنصوص اللفظية والعناصر السردية ويتم معظم أداء الرقص في أنحاء العالم مع الموسيقى وعليه فأن الرقص المجرد غير السردي وغير الدرامي يقع في الطرف الأول للطيف. وهذا الرقص المجرد يؤديه الراقصون بدون أن يتقمصوا أدواراً معينة غير أنفسهم وقد يكون هناك تعبير ناتج عن الاستجابة للموسيقى أو لتصميم الرقصة (الكوريوغراف) ويتم تقييم الرقص المجرد وفقاً لجمالياته الشكلية ومحتواه الروحي.

 

 

https://almadapaper.net

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *