الأمين العام للهيئة الدولية للمسرح علي نوري: نعرض أعمالنا في السودان لنشر السلام (حوار)

 

تقديم العروض المسرحية بهدف نشر السلام والارتقاء بالإنسان، كان مهمة حرص على القيام بها، على مهدى نورى سفير اليونسكو والأمين العام للهيئة الدولية للمسرح، الذى دعا إلى توجه الأعمال المسرحية إلى الفضاء المفتوح بدلا من التقيد بتقديمها على خشبات المسارح المغلقة، والاكتفاء بآراء النقاد والإعلام فيها، وتحدث «نورى» لـ«المصرى اليوم» خلال مشاركته فى الدورة الـ26 لمهرجان المسرح التجريبى والمعاصر التى تتواصل فعالياتها حتى الخميس المقبل عن العروض المسرحية التى قدمها فى أماكن النزاعات بالسودان، ومساعدته كممثل ومخرج مسرحى، إلى جانب فريق من المسرحيين معه لإعادة بناء شخصيات الأطفال الناجين من تلك النزاعات والمساهمة فى تثقيفهم مسرحيا.. وإلى نص الحوار:

■ بداية.. كيف رأيت فعاليات الدورة الـ26 من المهرجان التجريبى والمعاصر؟

سعدت بأن أكون شاهدا على هذه الدورة على وجه الخصوص وقد تعلقت بالمهرجان لسنوات منذ بدايات التأسيس، وكنت واحدا من المخرجين الذين حظوا بتقديم ثلاث تجارب فى أوقات مختلفة، وتم تكريمى من إدارة المهرجان، وشاركت فى العديد من النقاشات والحوارات، هذه الدورة ما يميزها الاهتمام بالمسرح المعاصر الإفريقى ليس فقط على مستوى العروض ولكن الندوة المتخصصة والملتقى الفكرى حول المسرح المعاصر، وهو شراكة بين إدارة المهرجان والهيئة الدولية للمسرح ITI «اليونسكو» والتى أتشرف بكونى الأمين العام لها.

■ ما آلية وأهداف الشراكة بين إدارة المهرجان والهيئة الدولية للمسرح؟

– تعزيز الشراكات مع المنظمات الإقليمية والدولية من أجل النهوض بالكثير من المناحى فى إدارة المهرجان لذلك هذه الدورة تشهد عددا من الفرق المشاركة والحضور للمنظمات الدولية والإقليمية، وهذا يعنى أن المهرجان أسس علاقات أفقية ورأسية، ولم يعد هو ذاك النشاط القُطرى فحسب، ولكن أصبح منصة إقليمية ودولية تنطلق منها الأفكار والمستجدات ويستمر التعاون.

■ ما دور المسرح فى توصيل رسالته والوصول للجمهور البسيط؟

– واحد من الأدوار المهمة لفنون الآداب أن يتصل المسرح ويرتبط بالجمهور، واستخدام فنون الأداء فى تعزيز السلام الاجتماعى والتنوير بالمعرفة ومناهضة أشكال العنف، وأتساءل هل المسرح الذى يذهب إلى الناس؟ أقول إن المسرح يذهب إليهم ولا يدعوهم إليه، لكن هناك سوقا معروفة خلقت تاريخيا، هذا المسرح ما يسمى العلبة والفضاء المحاط، والذى يأتى إليه الناس بإرادتهم، ويقدم لهم العروض بكل أشكالها، لكننا تحدثنا عن نماذج وشكل الفنون المعاصرة فى إفريقيا، والذى يذهب للقرى والأسواق والميادين العامة والمدارس، ويستلهم منهم، خاصة عندما نشهد النزاعات الكثيرة، لذا أعتقد أن المسرح الذى تتحدثين عنه هو ما نحلم به ونسعى إليه، والمهرجان من قبل ساهم فى أننى قدمت عرضين فى فضاء الأوبرا ليس على الخشبة منهما «الرجل الطيب من سشوان»، وأتذكر أننى طلبت من إدارة المهرجان وقتها تقديم العرض داخل الأوبرا، ولم نحتج إلى عناصر إضاءة أو صوت فكان عرضا أسعدنى، لأنه حظى بجمهور كبير، وكان امتدادا لتجاربنا فى تقديم عروض فى دارفور أيام النزاعات، لدرجة أن بعض المواقع الفنية كتبت أن عرضى فى مدينة الجنينة غرب دارفور شهده أكثر من 12 ألف شخص، لذا لا يمكن أن تحيط بهم أى فضاء تختاره إلا أن يكون ذلك الفضاء المفتوح.

■ كيف يصل المسرح فى السودان وأى دولة تعانى من النزاعات والأجواء غير المستقرة إلى الجمهور؟

– لنا تجارب ناجحة جدا أشار إليها الجميع حول استخداماتنا لفنون الأداء، والمسرح فى مناطق النزاع قام على تساؤل: كيف يمكن لفنون الأداء من رقص وغناء وتمثيل صامت «بانتومايم» وكافة الاشكال واستخدامها فى تعزيز الحوار المجتمعى، وتخفيف حدة الصراع فى المنطقة، وعندما بدأنا هذا المشروع فى 2004 كان فى قرية بمدينة «مالاكالى» جنوب السودان حينما كانت الدولة واحدة، وبدأنا مع الأطفال المجندين الذين كانوا لدى الحركات المسلحة ودعوناهم وأقمنا معسكرا، وكانوا يمثلون قبائل مختلفة وحركات أيضا مختلفة، وكان هناك أمل فى التلاقى فكريا، والفن والرقص والغناء والحكايات التى كنت أحكيها هى ما ساهمت فى جمعهم من جديد، وهنا جاءت فكرة مسرح بين الحدود، فكل شخص لديه حدود وثقافة وتقاليد مختلفة خاصة به، فإذا استطاع المسرح التقارب والوصول إليهم فى ظل الصراعات فسينجح للوصول وهذا ما حدث معنا.

■ وماذا حدث بعد ذلك؟

– بعدها انتقلنا ودخلنا إلى دارفور ثم بلاد جبال النوبة فى السودان وأمريكا ومعظم دول العالم، وقدمت عرضا خارج الحدود بأكسفورد، واستطعنا إعادة جغرافية المسرح، وبعدها حصلنا فى مسرح «البقعة» على جائزة حرية الإبداع والتى تمنح لمن ساهموا فى التأثير على المجتمعات وساهموا فى إعادة بناء العلاقات الإنسانية، وبعدها حصلت مع شراكة شريف خازيندار بفرنسا على جائزة الشارقة، وقدمنا عروضنا فى أكثر من 31 عاصمة مختلفة، لذلك فكرة المسرح والسلام قمت بالعمل عليها.

■ كيف ترى المشهد المسرحى فى مصر؟

– مصر هى المركز الذى تنطلق منه كل الفتوحات الجديدة فى الإبداع والفنون بماهو متوفر من هالة إعلامية وقدرات على التواصل، فمصر قديمة فى مجال فنون الأداء سواء على المستوى الأكاديمى أو التنظيم، لذا المشهد يترك تأثيره على الآخرين، فنحن نهتم كثيرا به، ولعل المهرجان واستمراره ومهرجانات أخرى إلى جواره تهتم بالشأن المسرحى كل ذلك يؤكد أن هذه الحياة تعود إلى جوار المشهد المسرحى المصرى، ولكنه واحد من وسائل الجذب السياحى والإعلامى.

■ ما النماذج التى أعجبتك عند متابعتها فى مصر؟

– هناك آمال ونماذج شبابية منها على سبيل المثال مهرجان شرم الشيخ للمسرح الشبابى فهو إحدى التجارب الناجحة والمهمة، واستطاع خلال سنوات قليلة أن يمثل إضافة كبيرة، وكذلك مهرجان المونودراما والمسرح العربى، وقطعا المسرح الأكاديمى يخرج منه إشعاعات مسرحية، المهم أن تظل مصر فاتحة فى خلق كيان وشراكات جديدة.

■ ماذا عن التعارض مع التقاليد والمجتمعات أحيانا فى أعمال المسرح المعاصر؟

– أعتبر هذا مفهوما اجتماعيا، وليس فنيا، فالمجتمع المعاصر يهتم بالإنتاجات الصناعية والمجتمع الشعبى يعيش فى الطبيعة والصحراء، ويتمتع بنعمة الطبيعة، لكن العطاء للدنيا وللإنسان يجب أن تكون هدف فنون الأداء وأن تقدم إنتاجاتها ليس بعدد محصور داخل قاعة لا يستفيد منها إلا الإعلام أو النقاد، فالتأثير والعطاء الإنسانى وقت العرض أكبر من كتابة وسائل الإعلام، وحينما قدمت محاضرة داخل مكتبة الكونجرس الأمريكى كانت بعنوان «أثر التصوف» على المسرح المعاصر اعتمدت فى عروض فى بعض المشاهد على بعدها الصوفى باعتبار الأذكار والأجواء والبخور تصنع عرضا ممتعا لذلك، كما قدمت فى مناطق الصراع دارفور. وكذلك فى ألمانيا.

■ كيف ترى العلاقة بين السياسة والمسرح خاصة أن الأخير يعد بالنسبة للبعض فكاهة؟

– ما يحدث فى السياسة أكبر فكاهة لكن المسرح هو السياسة، ويعبر عنها، فهى الإدارة، وللسياسة مناحٍ أخرى، فهل يهتم أهل السياسة بالتنمية والتعليم والصحة واليونسكو؟ فنحن طرف، ولكننا أصبحنا متلقين والسياسة والمسرح يلتقيان، ولكن ما هو تأثير ذلك على لحظة الأداء؟ فمثلاً عرضى المسرحى فى معسكر النازحين امتد إلى 4 ساعات، وفى هذا الوقت يكفى أنه لم تنطلق رصاصة أو يقتل شخص، ولم يحدث أى شكل من العنف، وكان الجميع فى حالة تصالح، لأنهم تشاركوا فى الغناء والرقص وضحكوا وحزنوا، وكانت الـ4 ساعات إسهامات فى حركة السلام، وهذه قيم كان للفنون أن تلعب بها دورًا لمناهضة العنف والإرهاب.

■ ما هى أجندة الهيئة الدولية للمسرح المرحلة المقبلة؟

– يرأسها محمد سيف الأفخم، ، وأول عربى يترأس واحدة من أهم المنظمات الخاصة بالفنون على مستوى العالم، وتضم الهيئة كل دول العالم، ومصر مؤسسة تعنى بفنون الأداء وتهدف إلى الاهتمام بالشباب والورش والحوارات، وتعمل بشكل مشترك مع اليونسكو.

 هالة نور

https://www.albidda.net

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …