ادوارد البي يعود إلى المسرح بلغة الإشارة

يشكل تقديم مسرحية من تأليف الكاتب المسرحي الشهير ادوارد البي تحدياً كبيراً للفرقة المسرحية التي تأخذ على عاتقها إنجاز مثل هذا العمل نظرا للغة السخرية اللاذعة التي تتميز بها مسرحيات هذا الكاتب ،فما بالك بمسرحية له تقدم بلغة الاشارة وهذا ما حدث مؤخرا على خشبة مسرح ديف ويست في لوس انجلوس الذي يقدّم عروضاً مسرحية خاصة بالاشخاص الذين يعانون من الصمم او لديهم مشاكل في السمع تأسس هذا المسرح عام 1989وبدأ في عام 1990 بتقديم مسرحيات قصيرة  ومؤخرا قدمت على خشبته مسرحية   “في المنزل  وفي حديقة الحيوان”، وهي مسرحية تجمع بين النص المسرحي الذي كتبه  ادوارد البي عام 1959 بعنوان  “قصة حديقة الحيوان” مع  المسرحية الموازية لها وهي مسرحية (حياة منزلية)”التي كتبها بعد أكثـر من أربعة عقود.

يبدأ هذا الإنتاج المسرحي الذي قام بإخراجه كوي ميدلبروك، ب “الحياة المنزلية.” وهو ترتيب منطقي من ناحية السرد ولكنه يُثير قضايا أخرى. فقد كان ادوارد البي يشعر أن بيتر بطل المسرحية ، ناشر الكتب المهذب الذي أخذ مقعده في الحديقة العامة بطل المسرحية الآخر الذي يدعى  جيري، في حاجة الى توضيح بعض الاشياء  عن  شعوره  بعدم التوازن بينه وبين جيري
المشكلة التي واجهها هذا العرض أن “قصة حديقة الحيوان”، واحدة من أعظم مسرحيات ألبي، وليست في حاجة إلى اعادة صياغة. والمواجهة  بين بيتر وجيري تتخذ مديات اوسع وفقا لطبيعتها الغامضة. وقد تم تصنيف  ألبي كونه ينتمي الى  مسرح العبث، الذي يضم اسماء  مسرحيين لامعين من امثال صموئيل بيكيت، ويوجين يونسكو وهارولد بينتر حيث أن الاستعارات التي تبنى عليها هذه  المسرحيات لا يمكن اختزالها في تفسير  واحد
“الحياة المنزلية” تضيق فهمنا لـ”قصة حديقة الحيوان” فمن خلال زيادة ادراكنا  لطبيعة بيتر المستأنسة بشكل مفرط، فان  ألبي حوّل جوهر مسرحيته  الى صراع واضح  بشكل كبير للغاية بين القمع المهذّب والسخط المهمّش.
الممثل تروي كوستر نجم المسرحية تحدث في مقابلة قصيرة عن أجواء هذا العمل مستذكراً أنه عندما  كان صغيرا، كان يعشق  مشاهدة “توم وجيري” على شاشات التلفزيون. وكيف تجعله معارك القط والفأر يستغرق في  الضحك. وجعلوه يدرك ايضا  انه لم يكن في حاجة إلى استخدام الكلمات ليكون مضحكا، وهو درس  قيماً للشخص الذي كان أصمّا وعنده أمل العثور على مستقبل له في مجال الترفيه.
ويقول “كانوا لا يتكلمون” “وعملوا كل شيء من خلال الحركات الكوميدية البدنية.”
كوتسر يبلغ من العمر 47 عاما وحاصل  على درجة الماجستير في التمثيل  الصامت. ومن خلال حركات  يديه والجسد والوجه، يستحضر المشاهد والمواقف العاطفية باستخدام لغة الإشارة الأمريكية. وخلال مشواره الفني الذي يمتد الى  ربع قرن، فانه حصل على الاطراء من عدد كبير من النقاد “.
وهذه المحادثة بالهاتف استخدم فيها مترجماً:
لماذا برأيك كتب ألبي هذه المسرحية ؟
“قصة حديقة الحيوان” هي حول اثنين من الغرباء، بيتر وجيري، يجتمعون في حديقة عامة. بعد فترة طويلة من كتابتها سأل ألبي نفسه، “مَن هذا الرجل بيتر؟” جيري أكثر وضوحاً، فكتب قصة بيتر وزوجته آن. اصبح لديهم قضايا مشتركة. هذا هو الجزء الاول. ثم يذهب بيتر إلى الحديقة.
تؤدي الآن دور بيتر وكنت قد أديته عندما قام مسرح ديف ويست بتقديم مسرحية “قصة حديقة الحيوان” في عام 2007.
لديّ فهم أفضل بكثير للدور الآن  . أرى الكثير من أوجه الشبه بين ما يحدث بين بيتر وجيري، وبيتر وآن، كلاهما يحاول  الحصول على معرفة من هو حقاً. انهم يحاولون القول، “أنت حيوان.” كل شخص هو  حيوان. ونحن جميعا في حديقة للحيوانات.
ولديكور المسرحية دور في فهم القصة تبدأ المسرحية في غرفة معيشة آن وبطرس ولكن بدلا من الجدران هناك  قضبان. الجمهور لديه الإحساس بمشاهدة شخصين في قفص. الابطال الصامتون في الداخل والمتكلمون  في الخارج. في الفصل الثاني، نكون في الحديقة الابطال الصامتون جالسون على احد المقاعد والمتكلمون على مقعد آخر.و القضبان لا تزال هناك.
كان من الصعب ترجمة عملٍ مسرحيٍّ لألبي إلى لغة الإشارة؟
بذلنا قصارى جهدنا لتوصيل المعنى . وهناك يجري  الكثير تحت السطح. وكاتب مثل ديفيد ماميت يمتلك  الإيقاع، والشعر، والصوت. وقد فعل ذلك ، بطريقة مبتكرة ولطيفة من خلال لغة الإشارة. يركز ادوارد ألبي بشكل  أقل على  إيقاع اللغة فتركيزه الاكبر حول عمق الشخصية. مسرحياته تدور حول كيف يمكن للناس ان لا يرى بعضهم البعض. حول العثور على الاتصال البشري.كان بيتر معزولا جدا. لقد ظل داخل مربعه الصغير.
وإدوارد ألبي (1928 – 2016) هو كاتب مسرحي أمريكي، فاز بجائزة البولتزر ثلاث مرات، وتُعد مَن يخاف فرجينيا وولف؟ أشهر مسرحياته. تميزت أعماله بأسلوب فكاهي، وتناولت الجوانب المظلمة للزواج والدين وتربية الاطفال والحياة الامريكية بشكل عام.
يعد ألبي واحدا من أفضل أربعة كتّاب مسرحيين في الولايات المتحدة خلال القرن العشرين، إلى جانب كل من أرثر ميلر، وتينيسي وليامز، وأوجين أونيل.
حيـاتـه
ولِدَ في واشنطن عام 1928، لإمرأة تدعى لويز هارفي، أبوه لم يكن معروفاً. تم تبنيه بعد ولادته بأسبوعين على يد إحدى العائلات الأرستقراطية لينشأ ويترعرع في مقاطعة ويستتشستر، نيويورك، وكانت تمتلك عائلته الجديدة مسارح عديدة في المدينة..
تلقى تعليمه في المدارس الخاصة، وبخلاف ما كان يتوقعه له والده أظهر ألبي تمرداً شديداً على التقاليد الاجتماعية السائدة. بعد أن أتم الثانوية، إلتحق بمدرسة رينسيفيل في نيو جيرسي، وتم طرده منها، بعدها تم إرساله إلى وادي فورج الأكاديمية العسكرية في واين، ولاية بنسلفانيا، حيث أقيل في أقل من عام. التحق عقبها بمدرسة روزماري هول في ينغفورد، كونيتيكت، وتخرّج أخيراً في عام 1946، وأكمل تعليمه الرسمي في كلية ترينيتي في هارتفورد، كونيتيكت، لكنه عاد وطرد منها بعد فترة قصيرة بسبب مشاكسته وتخليه عن الصلاة. لاحقاً. توجه إلى دراسة الفنون والأدب وعمل أستاذاً في جامعة هيوستن، حيث كان يدرس الكتابة المسرحية الخالصة ليتغلغل في الوسط الثقافي على نحو مصيري.
غادر ألبي منزل والديه وهو شاب في العشرين من العمر إلى حي غرينيتش فيلدج في نيويورك. وخلال تلك الفترة أصبح مقرباً من عديد الكتّاب والفنانين والموسيقيين كالكاتب ويليام إنج والملحنين وليام دايموند وآرون كوبلاند ووليام فلانغان، اضطر ألبي إلى العمل في بعض المهن المتواضعة في نيويورك، وبرز على خارطة المشهد الثقافي والمسرحي الاميركي على نحو قوي في الخمسينيات من خلال تقديمه لعدد من الأعمال المسرحية المتميزة التي تمتلئ بتفاصيل الصراع العنيف والمعاناة وخيبة الامل التي تميزت بها تلك المرحلة، والتي شهدت انتقالاً مفاجئاً في حياة المجتمع الاميركي من حالة الهدوء التي شهدتها خلال الفترة التي تولى فيها دوايت أيزنهاور الرئاسية إلى مرحلة الستينيات المضطربة.
قال ألبي في مقابلة لمجلة باريس ريفيو الأدبية إنه قرر أن يصبح كاتباً في سن السادسة، واختار أن يكتب المسرحيات بعد أن خلص إلى أنه ليس شاعراً أو روائياً بارعاً، خصوصاً عندما لم تلقَ أعماله الأولى، التي تكونت من القصص القصيرة والقصائد والروايات، أيَّ انتباه، حتى بدأ في كتابة المسرحيات. وكانت أولى أعماله قصة حديقة الحيوانات (1958)، التي كتبها باستخدام الآلة الكتابة في مكتب ويسترن يونيون الذي كان يعمل به، قد لاقت الرفض من قبل منتجي نيويورك ومسارح برودواي التي احتضنت لاحقاً معظم أعماله، وعرضت للمرة الأولى في برلين عام 1959، وكانت جاءت أجواؤها محملة بمناخات المسرح العبثي، واعتبرت الإنسان مجرد حيوان يعيش داخل قفص، متخذة من العنف إستعارة موازية لعزلة الإنسان الحديث عن طريق الصدمة. حواراته الطويلة المثقلة بسوداوية نفسية، عرّت العلاقات الزوجية كما مع الزوجين الأكاديميين في مسرحيته من يخاف فيرجينيا وولف؟، التي صنعت إسمه عندما عرضت في برودواي عام 1962، ونظراً لطول المسرحية الذي يتجاوز الثلاث ساعات، كان الممثلون الذين يشاركون في العرض الأول، يختلفون عن المشاركون في العرض الثاني. وفي عام 1966 نقل مايك نيكولز المسرحية إلى الشاشة الكبيرة، وأدت بطولتها إليزابيت تايلور مع ريتشارد برتون. كما وتناولت مسرحياته مواضيع الطبقية والعنصرية وتهميش الأفراد كما في مسرحية موت بيسي سميث (1959)، والحلم الأميركي (1960)، ومسرحياته الثلاث التي نال عنها جائزة بوليتزر للأدب: التوازن الهش (1967)، ومنظر البحر (1975)، وثلاث نساء طويلات (1991).
 عن: لوس انجلوس تايمز

ترجمة: احمد الزبيدي

https://www.almadapaper.net/

شاهد أيضاً

النشرة اليومية لمهرجان المسرح العربي الدورة 14 – بغداد – العدد الثاني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *