أرزاء التكفير ودحضه للتفكير بالمسرح الجزائري بين علولة ومجوبي / أ.د. جميلة مصطفى الزقاي*

التفكير والتكفير مصطلحان لا يصطلحان يتضادان ويتغالبان، لكنهما يتعايشان بحكم ما يشتملان عليه من دلالات متناقضة تخص كل واحد منهما، لكن لطالما يكون التكفير هو عقاب التفكير وهذا ما عمّ حدوثه في الكثير من الحقب التاريخية التي دفع فيها ثمن ذلك الكثير من الفلاسفة وذوي الفكر المتوهج الذين اتهموا بالتكفير والزندقة فبقي تكفيرهم وصمة عار في تاريخ البشرية.

هذا من جهة ومن جهة أخرى كثيرا ما استغل مصطلح التكفير بنوايا ودسائس مفضوحة على غرار أن يُسخر التكفير تهمة ليس للذود عن الدين الإسلامي وإنما ذريعة مبتذلة للحفاظ على كراسي مزورة ومصالح دنيوية بخسة. ويبقى التفكير بالرغم مما يحاك ضده من ألاعيب ومكائد من ذوي النفوس الضعيفة التي لا تقوى على إدراك مستواه أو أنها ولجت مكامنه وفتقت أكمامه وأدركت خطورته على مخططاتها الماكرة الهدامة، وعلى مصالحها المذعنة في الأنانية، فتسخر كل ما بوسعها من أجل تقويض هذا التفكير الذي يشكل خطرا على مصالحها الموضوعة بالمقدمة على الدوام، تنشد تجسيدها ولو بإراقة الدماء وحصد أرواح الأبرياء الذين لا ذنب لهم غير حملهم لفكر متقد يستشرف جرائمهم الشنعاء…

ستسعى هذه الورقة إلى معاينة مصطلحي “التفكير” و”التكفير” بصورة عامة مع إجلاء أنماط التفكير ثم رصد ظاهرة التكفير ومسارها وأثرها في المسرح الجزائري خلال العشرية السوداء، وما طال رجال المسرح الذين اتهموا بالتكفير والعلمانية والإلحاد لا لشيء إلا لكونهم اختلفوا بتفكيرهم وايديولوجياتهم فبدت هذه التغييرات والاختلافات بأعمالهم المسرحية فكانت وبالا عليهم على غرار عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي اللذين سيكونا نموذجين للمثقفين الذين صفتهم يد الإرهاب التكفيري على الرغم من التصاقهم بهموم المجتمع وأرزائه ومحاولتهم تجديد الوعي العام بجرأة واحترافية وجمالية انطلقت من التراث وفككت أبجدياته محاولة إضفاء مسحة تجديدية أزعجت ودلت، مقوضة الزيف والدجل الذي من شأنه أن يشد الفرد إلى ماض لا يبقي ولا يذر ما لم يستلهم لتأمين المستقبل، وعقيدة مؤدلجة ومُسيسة تُتخذ مطية لتحقيق المصالح الدنيوية لفئة مارست التكفير مجهرة سيفه في وجه التفكير النقدي الإبداعي البناء..

يبقى الفكر ملكة عظيمة كرم بها المولى نخبة من عباده فوسمهم بالعلماء وشرفهم بالآيات الرصينة التي تجعلهم في مراتب الأنبياء؛ ذلك أن الفكر من أعظم ما خص به الله الانسان دونا عن باقي المخلوقات كافة ليتصدى به للتكفير “كاشفا القناع عن وجهه القبيح؛ الجهل والخرافة والتزييف؛ إنه التفكير في زمن التكفير” [1] هذا ما صرح به نصر أبوزيد بعدما رصد أغوار المصطلحين بعين الباحث المستبصر بخباياهما في واقع عربي يزداد تأزما يوما بعد يوم.

وفي ذات المقام طرح نصر أو زيد ثلة من الأسئلة الجوهرية التي تجعل الباحث في هذه الاشكالية العسيرة المنال ماضيا وآنيا في الوقت نفسه، يدرك الإتجاه الذي ينبغي سلوكه ليؤتي بحثه أكله بعد حين، ومفاد تلك الأسئلة قوله:”هل من حق أحد تكفير أحد آخر؟ لمجرد الاختلاف معه في الفكر أو الرأي أو السياسة؟ وهل يجوز لأحد في مجال البحث العلمي التفتيش في عقيدة الباحث ومحاكمة ضميره وشق صدره لردع اجتهاده العلمي، أو إطلاق الرصاص؟”[2]

حيث أشار بالسؤال الأول إلى الحرية الفكرية التي ينبغي أن يتمتع بها الباحث وإلزامية احترام الآخر لهذه الحرية التي تدخل في أخص خصوصيات الفرد، لكن وللأسف الدعاية بوجودها تتشدق بها المنابر لكن تجسيدها في الواقع الديني والسياسي بخاصة تجعلها تكاد تنعدم أو أنها تجر وبالا على أصحابها تعذيبا وتنكيلا ونفيا فقط لانها فسرت تكفيرا، وما من حق أحد مهما أوتي من سلطة وغلبة أن يتهم آخر بالتكفير لمجرد تعبيره عن حريته الفكرية بطريقة مغايرة.

غالبا ما تلصق تهمة التكفير بمفكرين فقط لكونهم أتوا بجديد صادم، فاختلفوا مع ذويهم في الفكر أو الرأي أو السياسة، فينجم عن ذلك الصراعات والنزاعات التي لا تنتهي إلا بأفول نجم أصحابها، والأمثلة في تاريخ الفلسفة وتاريخ الأدب العالمي عامة والعربي على الخصوص كثيرة ولا حصر لها سواء في الشعر أو الفلسفة أو النقد وغيرها على غرار ما حدث لسقراط وأرسطو وابن رشد وطه حسين والقائمة طويلة جدا. أما آن الأوان لدحض شوكة التكفير وتقدير التفكير إيجابا؟ !!!

أما الشق الثاني من السؤال فله من الأهمية بمكان إذ يعمد إلى سبر أغوار فكر الباحث في مجال البحث العلمي والبحث في عقيدته لمحاكمة ضميره وأيديولوجيته لمصادرة فكره ودحض اجتهاده بغية تثبيط عزيمته. لكم يحدث ذلك بالأوساط الأكاديمية العلمية التي عوض أن يتم الأخذ بيد الباحث وتحفيزه على مواصلة درب بحوثه تلفيه محاطا بكل أنواع القهر والتثبيط الأمر الذي يؤثر على مردوديته العلمية. وعليه يُقيَّمُ عمله وفكره ليس بالموازاة مع ما يقدمه من بحوث علمية بل على العكس من ذلك يحاكم تبعا لعقيدته التي توسموها من خلال كتاباته ومساره العلمي عبر حقول التأويل التي خاضوها دون ضابط أو شرط أو قيد.

نمطا التفكير وخصائصهما عند نصر أبو زيد

استنادا إلى الأسئلة الجوهرية التي طرحها نصر أبو زيد، يمكن الوقوف عند أنماط التفكير التي أشار إليها بالمرجع نفسه، وقد حصرها في نمطين يعبران عن موقف صريح من الواقع الراهن السياسي والاجتماعي الاقتصادي، ومن ناحية أخرى ما يعبر عن موقف من التراث الديني والإسلامي بصفة خاصة، مع العلم أن هذين النمطين من التفكير تعايشا زيفا في حرب باردة تنفجر حينا وتخمد حينا آخر.

فتخلف وراءها تأثيرات متباينة توجه الوعي العام إيجابا وسلبا، فيمثل النمط الأول الذود عن الماضي و”التشبث بقيمه وأعرافه مهما كانت النتائج التي يفضي إليها ذلك من تزييف الحاضر وسد طريقنا أمام المستقبل..”[3] يعمد هذا النمط إلى مقاومة التغيير وينفر من النماء والتطور رغبة منه في الحفاظ على تفكير الأمس الذي يراه نموذجا يحتدى به وهو غير قابل للتبديل أو المقايضة متذرعين بالتراث الإسلامي أو بالأحري الإسلام عينه خدمة لمصالحهم يعمدون إلى تسييسه، فاستنطقوه خلال الستينيات بالاشتراكية والعدالة الاجتماعية – مع اختلاف في التسميات بحسب الحيز الجغرافي-كما تذرعوا أيضا بالجهاد ضد المستعمر والصهيونية وكان ذلك خلال الستينيات ليصبح أثناء السبعينيات هذا الإسلام نفسه دين السلام والدفاع عن الملكية الشخصية …وفي زحمة هذه التلوينات والتأويلات أضحى الإسلام مسيسا بأحزابه ومحتشداته العسكرية فانجرت عن ذلك ويلات دفع ثمنها الأبرياء.

أما النمط الثاني من أنماط التفكير الذي أشار إليه  نصر أبو زيد وقد بدا ضليعا في تحليل مصطلحي التكفير والتفكير منطلقا من واقعه الفكري والسياسي الذي شهدته مصر وهو في الحقيقة ما يحدث بباقي البلدان العربية بقليل من الاختلاف, يكمن النمط الثاني –بحسبه- في التركيز على “الفهم” مناشدا الدفاع عن التطور الذي يرفضه النمط الأول مستشرفا به المستقبل. مع أن أصحاب هذا التفكير لا يعادون الإسلام وليس بنيتهم استبعده مثلما يتهمهم المتشبثون بالتراث الإسلامي أو بالأحرى من يدعون ذلك، لكنهم لا يغفلون عن دسائس التفكير المعادي للتطور مع سعيهم إلى فهم التراث والدين معا فيتبنون عاى إثر ذلك خطابا نقديا إزاء التراث والدين ومدى قداستهما إلى جانب تدارس التاريخ بعين ناقدة متفحصة لما عرفه من اتجاهات فقهية وكلامية وفلسفية، وهذا ما لا يرضى عنه مريدو التفكير الأول وقد يصل بهم الأمر إلى تحريم هذا الخطاب النقدي وتكفير أصحابه ومعتنقيه خوفا من تلك الأضواء الكاشفة التي يسلطها النقد على تفكيرهم فيميط الغطاء عن نواياهم ومقاصدهم التي تنشد بالدرجة الأولى مصالحهم الدنيوية. بله أن نقد أصحاب التفكير المتبني للفهم نقد عقلاني حجاجي ينطلق من حقائق يستلها من دسائس النمط الآخر من التفكير ووسيلتهم الأساسية الحجة الدامغة التي لا تترك شكا ولا ريب في إثبات الحقيقة الجوهرية للوعي العام.

يسع القول بعد هذا الاستعراض المقتضب للنمطين من التفكير أن النمط الأول تحركه السياسة ويختفي وراء مظلة الدين الإسلامي هاضمين لفكرة “إذا أردت أن تملك شعبا وتتقرب منه لتكسب ثقته فاحرص على عقيدته” لأنها الوتر الحساس الذي يعزف عليه هؤلاء. ويبقى النمط الثاني وما يعتمد عليه من خطاب نقدي بناء؛ آلياته الحجج الدامغة مع احترام التراث والدين بعيدا عن التقديس المزيف الذي يختفي وراءه هؤلاء إلى جانب التزييف النفعي للتراث والاسلام ولذلك تفرغت طائفة من الباحثين النقاد ومن بينهم نصر أبو زيد لدراسة التراث دراسة نقدية مع تفكيك خطاب الإسلام السياسي والحيلولة دون كونه مجرد وقود في المعارك السياسية مع الحرص على تأصيل وعي علمي بدلالة النصوص الدينية قصد المشاركة في الدفاع عن الوطن والسعي لتأمين مستقبله.

 3-تكفير رجال المسرح والثقافة الجزائريين بالعشرية السوداء

3-1 إرهاصات التكفير وملابساته

بعد ما شهده المسرح الجزائري من تأميم سنة 1963 ونشأة الفرق المسرحية خارج القطاع العام أنشأت فرق وتعاونيات مسرحية خاصة، اصطلح على تسميتها بال”مستقلة”وذلك على إثر ولوج البلاد في مرحلة التعددية الحزبية سنة 1990 بموجب قانون تأسيس الجمعيات؛ هذا الذي سمح بظهور الكثير من المبادرات الخاصة، واضعا حدا لمرحلة القطاع العام التي دامت ما يناهز السابعة والعشرون سنة. وهذا ما جعل بعض رجال المسرح القدامى يقررون الاستقلالية والبحث عن فضاءات أرحب.

على إثر هذه الاستقلالية دخلت الجزائر في العشرية السوداء من 1990 إلى 2000؛ حيث انقسمت هذه المرحلة إلى قسمين؛ إذ أطلق على السنوات الخمس الأولى منها تسمية “الاندفاع الحماسي” ضمن ما تفشى بفعل الإرهاب الذي استشرى في البلاد فأدى إلى العصف بدفعة من رجال المسرح الكبار، فاغتيل عبد القادر علولة وعز الدين مجوبي ألى جانب وفاة أسماء كبيرة وهبت الكثير للمسرح الجزائري على غرار ولد عبد الرحمان كاكي وسيراط بومدين، كما تأسست تعاونيات وفرق مستقلة بمختلف بقاع البلاد مستفيدة من التغيير السياسي؛ فبرزت تعاونية مسرح القلعة* التي كونها مجموعة من الفنانين على نحو امحمد بن قطاف وزياني الشريف عياد وعز الدين مجوبي وصونيا مكيو..فقدموا مسرحية العيطة من تأليف بن قطاف وإخراج زياني الشريف عياد وتمثيل كل من الفقيد عز الدين مجوبي وبن قطاف وصونيا. هذا إلى جانب تقديم القلعة لمونولوغ “فاطمة” سنة 1990من أداء صونيا وتأليف بن قطاف وإخراج زياني الشريف عياد.[4]

تناسلت تعاونيات أخرى متأثرة بمبادرة القلعة على غرار التعاونية المسرحية “فاتح ماي” بالغرب الجزائري، علاوة على تعاونية المثلث المفتوح سنة 1993، وفرقة المسرح الجزائري برئاسة سيد علي كويرات وبمعية كل من فاتحة بربار ويحيى بن مبروك وبهية راشدي وليندة سلام وغيرهم وكان ذلك في سنة 1995. وناهيك عن فرقة “البليري”المسرحية بالشرق الجزائري “قسنطينة”…

إذا تعلق الأمر بالخمس السنوات الثانية من العشرية السوداء، فإن العديد من الذين استقلوا عن القطاع العام سرعان ما عادوا إليه بسبب معاناتهم المادية والمعنوية مثل انعدام المقر ونقص الهياكل المسرحية المجهزة بوسائل العرض كذا غياب التقاليد الثقافية التي تدفع بهذه التجارب إلى التأصيل والتطور وغيرها من الأسباب الجوهرية تقف على رأسها حالة الرعب والخوف التي اجتاحت الأوساط الفنية والثقافية التي تلقت التهديدات الصريحة بالقتل والموت والدمار. وما كان من بعض هؤلاء المنشقين عن القطاع العام إلا أن تقلدوا مناصب إدارية وعلى رأسهم الفنان المبدع عز الدين مجوبي –موضوع الدراسة- وبعده زياني الشريف عياد وبن قطاف. فعدت هذه المرحلة فترة الفتور والتراجع.[5]

3-2عز الدين مجوبي* ضحية التكفير

يعرف عز الدين مجوبي بكم الأعمال المسرحية وكيفيتها التي ساهم في إنجازها إما ممثلا أو مخرجا، وحيثما يتواجد يلقي بظله الأدائي المتميز عاى أقرانه بالخشبة على الرغم مما يتمتع به هؤلاء من حنكة أدائية احترافية مبهرة. كان هدفه الرئيس حين تقلد منصب مدير للمسرح الوطني محي الدين باشطارزي هو النهوض بالمسرح الجزائري الذي شل بنيانه بأهوال الظلاميين في هذه الفترة العصيبة من تاريخ الجزائر، يحدوه الأمل في تجسيد مشروع طموح لم تمهله يد الارهاب في تجسيده، بخاصة أنه كان مبدعا نموذجا في العطاء المسرحي، كان قادرا على أن يقتدي به الشباب فيغرفون من حسه الانساني وأخلاقه العالية. وبشهادة مقربيه وزملائه بمسرح القلعة بمجرد تنصيبه مديرا راح يجري اتصالاته بالرفاق والزملاء ليقفوا إلى جانبه في خوض غمار تفعيل المسرح الجزائري والخروج به من فترة الركود والفتور التي عرفها في تلك الحقبة الحالكة. لكن أيادي الغدر أجهضت مشروعة بالمهد برصاصة جبانة أردته قتيلا  بقرب المسرح الوطني محي الدين باشطارزي الذي عشقه وقبل بإدارته على الرغم مما كان متيقنا منه أنه كان مستهدفا من قبل القوى الظلامية التكفيرية.

نال منه الإسلامويون لأنه كان بكل الأدوار التي أداها وتقمصها، يتلبس كلماتها ويعتقد بأفكارها ليدين بها فيبدو وكأنه صاحبها من خلال أدائه المتفرد. وبما أن المسرح الجزائري تعود الالتصاق بالجانب السياسي والاجتماعي والاقتصادي، فإن المواضيع والأفكار المتناولة كانت تنضح بفكر اشتراكي يفسر من قبل هؤلاء بالإلحاد والعلمانية والعداء للعقيدة الاسلامية.

أسهم عز الدين مجوبي في تعرية الواقع اليومي الأليم للمواطن في مسرحية” حافلة تسير” أنى جسد الدور فأبدع حتى لكأنك تحس -لولا ما عرف به المخرج زيلني الشريف عياد من احترافية – أنه سيد نفسه وسيد الخشبة دون ان ينصاع لسلطة المخرج. فيفقد بنته “نوارة” فيصدح بصوته الشجي ألما على ما ألم بها من مرض أودى بحياتها قبل أن ترى النور. حافلة تسير التي التي عكست قدرة التكامل العربي ثقافيا فجمعت بين نص إحسان عبد القدوس من مصر وبين المبدع عز الدين مجوبي من الجزائر ليثبت بذلك مدى التشابه الكبير بين واقع الفرد  بين البلدين بل حتى بكل بلدان العالم العربي.

وسواء تعلق الأمر بمسرحية “حافلة تسير” أو بمسرحية الشهداء يعودون هذا الأسبوع أو بمسرحية غابوا الافكار أو قالوا العرب قالوا المقتبسة عن رواية المهرج للكاتب السوري محمد الماغوط وغيرها من الأعمال فمجوبي يبدع ونظرا لأدائه المبهر يبدو دائما هو صاحب الفكرة والتفكير والموضوع. وهذا ما جعل المتطرفين يتهمونه بالليبرالي الذي همه الأكبر الدفاع عن المجتمع المدني دون أن يعير العقيدة أدنى اهتمام. مع أنه قدم الكثير للمجتمع في مجال التوعية والتحسيس والتنوير مع التنبيه للكثير من المسائل الخطيرة التي قد تتربص بالبلاد بل حتى بالأمم.[6]

ومن الاقتباسات المستمدة من مسرحية”حافلة تسير” التي لربما اتخدت أدلة تدين الفنان عز الدين مجوبي ابن الشعب والمتيم بالمسرح الجزائري الذي يريده في خدمة البلاد والعباد من ذلك قوله: المرأة صوتها مسموع في كل المحافل-الناس اللي فوق تعجبو كيفاش قدرنا نكونو سعداء-تشفاوا في واحد الوقت قالوا لنا وقالوا لنا…لازم نطيع الأوامر…لكن كاين ناس شواوا وأنا والوا …وأنا طافرات في وأنا والوا..سجنوني على سكرة ..نسكروا ما فيها والوا- اللي ما يسكنوا فيها غير الفوقيون..هو شاف الفوق واحنا أصحاب تحت واش دانا لفوقا، حنا ناس لتحت ما لا زمش نزعجو ناس الفوق حتى في القانون كاينة…لغة مشفرة ومبطنة تتضاعف شحنتها ودلالاتها بالحركة والإيماءة والصوت…

حفلت مسرحية “العيطة” بالكثير من العبلرات التي قرأها الظلاميون قراءة عكسية فجة لكنها تحمل الكثير من الرسائل المشفرة التي كان الهدف منها هو شحذ الوعي لدى المتلقي الجزائري في فترة كان في مسيس الحاجة إلى ذلك؛ وهو يعايش تغييرا اشتراكيا لا عهد له به ومن تلك النماذج ما يلي: قادر نقوله هنا كاين الاشتراكية وهنا دايرة بي الديموقراطية..واش دانا للدكتاتورية العالمية.. الأقلية الساحقة أيها الأخ … ياو ..أيها الأخ وين راك طالع وحدك ومخلينا أيها الاخ… الاشتراكية درجات …حتى إلى متنا هنا نموتو همزة وصل بين الظلمات والنور…الخروج من الظلمات إلى وين بغيت …خوك دايما عريان يعرف القانون…لاإله إلا الله محمد رسول الله ,,هذا عمي بوعظمة حكم نتاع الاثنى عشر ورايح للجنة…هنا كل شيء مقدر …واش دخلهوم مابين العبد والمعبود ….أنا مع الطبقة الكادحة… كل شي ممنوع وكل شيء مباح،  سلم واستسلم…أن شاء الله ما يكونش الإمضاء نتاع عزرائيل…لخاطرش عنده الخدمة بزاف..نعرف الستين الأحاديث الأربعين …جبد قرعة ويسكي ..لوكتن نولي كابران في الثقافة نوكل الشعب التراث ونشبعو التراث ونعجن له التراث..ولوكان نولي وزير نقتل هذا الشعب بالضحك…ونقز على القرعة..ياك الجمعي انت تصلي قال ..الإمام يقول: يقول بن زعفان..وفقهيا لا يجوز المرور .. الإمام ولى يمشي عريان…يغفرو له قبل سيدي ربي..[7]

صفوة القول إن كل عبارة من عبارات الحوارات لها دلالاتها التي تنفتح على تأويلات وقراءات لا حصر لها، لكن أصحاب النمط الأول من التفكير الذين يتسترون تحت تقديس التراث والعقيدة والتمسك بحبال الماضي لا يؤولونها إلا شركا وزندقة وخروجا عن دين الآباء والأجداد؛ وهو بالتالي في عداد المتهمين بالتكفير الذي يستحق التصفية والتغييب، على الرغم من عطائه المستفيض لفنه وذويه…وما لحق عز الدين مجوبي من اغتيال يعود لا محالة كما قال رفيق دربه بوقفة تكريمية بروحه “لأنه كان يقدم فن التمثيل بحداثة واستشراف كما امتلك القدرات الصوتية الجهورية فكان حداثيا في تقمصه وابتكر شخصيات كان أول من جسدها ركحيا وإخراجيا”.[8] ولأجل شخصيته المتفردة وعطائه اللامحدود للخشبة اعتبره علولة واحدا من الأجواد…

3-3 التفكير المسرحي لعبد القادر علولة بكفة خطرفة التكفير

  عبد القادر علولة من رجال المسرح الجزائري الذين كان لهم الفضل في تمكينه من النماء والتطور والاستمرار عن طريق التجريب والتجديد مرتكزا على بعض أشكال ما قبل مسرحية ليذهب بها في مساقات لا عهد للمسرح الجزائري بها. واكب بإبداعه المسرحي كل ما عرفتها الساحة السياسية في تأثيرها على الجانب الاجتماعي والثقافي؛ فكان مسرحه يساير تلك التغييرات التي عرفها في ظل النظام الاشتراكي، فكان من مسرحياته المواكبة لذلك مسرحيتا العلق والخبزة. وناهيك عن مسرحياته التي كتبها بالعامية ثلاثيته الشهيرة” الاقوال واللثام والاجواد خلال الثمانينيات والتفاح وأرلوكان خادم السيدين خلال بداية التسعينيات.

عبد القادر علولة الذي آثر الخروج بالمسرح من أسمال العلبة الإيطالية وسمي مسرحه بالمسرح الشعبي الملحمي، حيث حاول أن يكسر كل ما هو مألوف ليلبسه خصوصية تميزه عن باقي أنواع المسرح، لذلك وظف “الحلقة” بشكل مختلف. كما استحضر الحوارية dialogisme  المثمرة في إنتاجه المسرحي والتي تتمثل في العلاقة التي تربط بينه وبين أصدقائه من ممثلين ومثقفين ومسرحيين، لانه أسم له مرجعيات وإحالات على حقول شتى في العطاء الفني لانه من ذلك الطراز الذي أخلص لقناعته فجسد النضال المنبعث من روحين لا تنفصلان وهما رح الإنسان والفنان.

أدرك عبد القادر علولة قيمة التراث الشعبيّ فاتخذه مدونة، لأنّه كان على يقين أن التراث هو ذاكرة الأمم والشعوب، وهو الماضي الذي لا يكون به الحاضر مشرقا، فكانت له القدرة والقوة على استلهامه في نصوصه المسرحية بطريقة مستجدة، وكان على يقين أن كنه التراث   يوحي بالاتصال والتواصل بين الأجيال ووجود الماضي في الحاضر يمنحه شرعيته التي تكمن فيما يحمله من رسالة تهدف في الأساس إلى خدمة المجتمع الجزائري عن طريق المحافظة على مقدساته. كان ينشد من ذلك الاستلهام الواعي التمثيل الحي للواقع الاجتماعي المعيش بإشكاليته المعقدة، يواجه فيه الممثل الجمهور ويفعمه بالأقوال والحركات ليصبح لكل شيء لغة دالة مادتها الأقوال والحركات. ولذلك يمكن القول إن عبد القادر علولة باعتماده على التراث الشّعبي وعودته للنهل منه يكون قد أكسب المسرح لغة أصيلة،” لغة ثرية بثراء الفكر الذّي يعبّر عنه فإذا ما استوعب هذا الكاتب معطيات اللغة، وفجر طاقاتها عند ذلك تفجرت لديه مكنونات الأفكار”.[9]

آثر علولة في كتاباته المسرحية استعمال لغة شعبية؛ لغة الأسواق والمقاهي وهذا ليس غريبا عنه وهو الذي أوصى باستلهام المواضيع من تلك الفضاءات الثرة المعطاءة التي تعبر عن أصالة المجتمع بعاداته وتقاليده وفكره ووجدانه، فكان لأعماله عظيم الأثر في جمهور المسرح الجزائري لانه يشاهد ما يمس وجدانه الشعبي بلغة تنضح شعبية وشعرية تستهوي المبدعين وهواة الفن الرابع على اختلاف مشاربهم ومستوياتهم بغية التجريب والتأصيل، رافضا الانغلاق التام على هذا التراث الذي قدمه بلغتين فصحى وعامية استطاع بها الخروج من الفضاء المغلق إلى الفضاءات المفتوحة عازما على تبليغ أفكاره الإبداعية إلى كافة الفئات الشعبية التي غزاها بعقر دارها فكان غزوا مستفزا جميلا.

لكن مع ذلك لم يشفع له هذا الغزو ولا هذه الرؤية المتجددة في استلهام التراث، ولا تلك اللغة التي يلهجها القوال فتعصف بألباب محترفي اللغة، كما لم تشفع له تلك التوأمة التي عقدها فيما بين الماضي والحاضر؛ إذ ألبس التراث وما يزخر به أفكارا آنية حملتها شخصيات لطالما عايشها المتلقي بواقعه المعيش ومن طبقته الشغيلة الكادحة في يومياتها التي تشبه يوميات الانسان في مثل هذه الطبقة التي تحيز لها علولة وفتق أوجاعها فأفصحت وعبرت ودلت بكل ما حرص عليه بإخراجه الذي كان يترجم ماهية الدراماتورج الوسيط الفني الذي يعاين كل صغيرة وكبيرة إلى درجة تجعل الممثلين العاملين معه يحسون بهذه العين الرقيبة؛ فكانوا يبدعون بمعيته فبرزت بصحبته أسماء كبيرة على غرار الفنان الكوميدي المتميز صيراط بوميدين والفنان الكبير آدار محمد وحيمور وغيرهم.

لم يشفع لعلولة خوضه مجال التجريب الذي تجسد بكل عناصر العمل المسرحي نصا وعرضا؛ فم والّي يقوم بتعريف الشخصيات في لوحات فنية كلوحة “عكلي ومنور”في الأجواد نجده على لسان القوال يعقد نوعا من المقارنة بين شخصيتي “عكلي” ومنور”فيرصد مظهرهما الخارجي وطبيعة العلاقة التي تجمعهما بحكم عملهما فيمسح سيرتهما ومصيرهما بطريقة تعبيرية لطالما صفق لها الجمهور مطولا.

ناهيك عن مظهر آخر من مظاهر التجريب، وهو الإشارة إلى دخول الشخصية وخروجها، التي كان يتكفل بهذه الوظيفة الشخصيات نفسها في إعلانها عن دخول شخصية أخرى أكثر أهمية. بله عن ميله إلى الاستثمار في المسرح عن طريق توظيف القوال والراوي معتمدا على المقاطع الغنائية القصيرة لشخصيات العمل فيجعل منها وسيلة وتقنية من اللحمة الدرامية للعمل للانتقال من لوحة درامية إلى أخرى بطريقة فنية جمالية غير مباشرة.

هذا علازة على احتفائه بمظهر آخر من مظاهر التجريب يتمثل في الوصف الصوتي، عن طريق ما تحفل به مسرحياته بمل في ذلك الثلاثية مجموعة هائلة من الإشارات من الجانب الصوتي للشخصيات ممثلة في النغمة والسرعة وحجم الصوت والإيقاع وضبط النطق التي كان لها أهمية بالغة في تأويل المواقف، وقد نجدها في مواضيع مختلفة مثل: رعشة في صوت العساس:” العساس: أوقف…أوقف…أحبس كيما راك…قلت لك أوقف و رفد يديك لسماء… غير بالسياسة… أرفد،أرفد”.[10]

كما كان التجريب في مسرحياته على مستوى العرض أيضا حين يصف جسم الشخصية من خلال الحركة  ولغة الجسد والإيماء، فنصوص علولة تضطر بالجمهور إلى التعامل مع الإيحاءات العامة التي يتضمنها الحوار والسياق لإدراك حركة وحيوية تنبئ عن تجاوب وتفاعل حي بين الجمهور والخشبة.

طال التجريب لدى علولة الإخراج، حتى اعترف له أنه من أهم المخرجين العرب الذين عملوا على تكثيف واختزال أفكار “برتولد بريختbrecht (1898م-1956م) الذي ثار على المسرح الأرسطو طاليسي  ليوجد بدلا عنه المسرح الملحمي الذي يعتمد على القالب السردي، لكن مستوى التجريب عند عبد القادر علولة  يكون بربط انجازات المسرح الملحمي بالمخزون التراثي الذي تتضمنه الثقافة الشعبية العربية عامة، معتمدا على وسائل الإيصال التي تحقق العلاقة الفعلية بين الممثل المسرحي و المشاهد، حيث عمد إلى تحقيق مسرح الحلقة شكلا و أداء و فرجة، بعد أن توصل إلى قناعة بأن المسرح الأرسطي لا يلائم الرسالة الاجتماعية التي يتعامل معها، فالمسرح الملحمي كما يراه بريخت ” يشبه الملحمة، وهي التي تتألف من الحوار و السرد معا، حيث تروي القصة من وجهة نظر الراوي”.[11]

هذا فضلا عن استعمال علولة لإحدى التقنيات التجريبية الأساسية في الإخراج المسرحي وتتمثل في تعدد الأماكن، مقوضا بذلك وحدة المكان المعمول بها في المسرح الكلاسيكي من خلال فضاء واحد، المكان عند علولة متعدد بتعدد طبيعة الشخصيات وتواجدهم فيه من شارع وحديقة ومستشفى وبيت متواضع وحي شعبي وغير ذلك، وهدفه من ذلك القيام برصد شامل للواقع الاجتماعي لتلك الشرائح الاجتماعية، وبخاصة الطبقة الفقيرة والشغيلة ليقدم مسرحا شعبيا يتكلم بلسان البسطاء في معترك حيلتهم اليومية وما يعانون من شظف العيش على الرغم من تفانيهم في إنجاز أعمالهم، ومع ذلك كان يصنع من المرارة ابتسامة تشيى بنشوة المتلقي وفهمه للكودات والرموز التي كانت تشحن بها لغة مسرحياته، فيصبح شريكا شرعيا في العمل المسرحي، ومنتجا للعرض إلى جانب الممثلين لأنه هيأه لاستقبال الحدث والمصانعة فيه. وهدفه من ذلك تهييء فكر المتلقي للتفكير والمناقشة البناءة لأنه ورطه بما يفهم ويحب فيصبح قادرا على الإدلاء برأيه فيما يشاهد.

ملرس علولة المسرح باستراتيجية ومشروع وبتفكير رصين وهو الذي أجاب المبدع والصحفي جروة علاوة وهبي حين طلب رأيه فيما يعتقد البعض أن المسرح إحدى وسائل التربية السياسية وأحد أدوات التوعية الاجتماعية، فكان جوابه على النحو الآتي: “الإجابة لابد أن تدخل في إطار حركة شاملة بحيث لا تكون نتيجة فرد بل نتيجة تفكير وتأمل جماعي واقتراحات حركة شاملة، وعموما أعتقد بأن المسرح بإمكانه أن يلعب دورا كبيرا في رفع المستوى الجمالي وكذا رفع الوعي لدى الطبقات الشعبية، ففن المسرح في مجتمعنا الجزائري بإمكانه أن يساهم في حالات اجتماعية واقتصادية وسياسية بوسائله الخاصة والفنية  بحيث يمكنه أن يسمح بتقديم وجهات نظر ومشاهد من الحياة الاجتماعية تسمح للمواطن بتكوين نظرة نقدية لهمومهم اليومية أي أن المسرح يمكنه أن يقدم صورا فنية توضح بعض المشاكل التي يعيشها الشعب وفي نفس الوقت دفعه لاتخاذ موقف نقدي من مشاكله اليومية ومن هنا يكون للمسرح دورا كبيرا خاصة وأن مجتمعنا يعيش تحولات اجتماعية عميقة. وفي هذه المرحلة مرحلة البناء الاشتراكي الثرية فان المسرح الذي هو فن اجتماعي أكثر من الفنون الأخرى يمكنه أن يلعب دورا في الحياة الثقافية للمجتمع…لكن بكل أسف المسرح عندنا مازال لا يملك الأسلحة الكافية واللازمة لتأدية هذا الدور الهام.”[12]

تحوصل هذه الإجابة معتقد وفكر عبد القادر علولة البنائي الذي هلل له الجمهور الجزائري لكن الظلاميين فسروه من وجهة ضيقة جدا هو الذي رأى المسرح حركة شاملة تنتج عن تفكير وتأمل جماعي ينبذ الفرقة والشتات والفردانية، وهو يؤمن بقدرة المسرح على تعبئة وصقل المستوى الجمالي وتحسينه مع رفع لمستوى الوعي لدى الطبقات الاجتماعية. المسرح -بحسبه – بإمكانه أن يضطلع بالدور المنوط به ليسلهم في حالات اجتماعية واقتصادية وسياسية بوسائله المشهدية والفنية الخاصة؛ إذ يستطيع اقتراح وجهات نظر ولوحات مقتطعة من الحياة الاجتماعية التي تيسر للمواطن تكوين نظرة نقدية لهمومه ومشاكله اليومية؛ أي أن المسرح بإمكانه أن يستغل جمالياته ولغته المشهدية ليميط الغطاء عن المعاناة التي يكابدها الشعب. كما أنه بإمكانه السماح للمتلقي باتخاذ موقف نقدي واع من تلك المشاكل التي تعكر صفو حياته الاجتماعية.

يرى علولة أن المسرح من شأنه أن يضطلع بدور هام بخاصة أثناء النقلة النوعية والتحولات الاجتماعية العميقة التي يعرفها المجتمع الجزائري في مرحلة البناء الاشتراكي التي يسمها بالثرية. واستنادا إلى ما سبق يعد المسرح فنا اجتماعيا بامتياز دونا عن باقي الفنون الأخرى نتيجة ما يؤدي من دور مفصلي في الحياة الثقافية للمجتمع. لكنه في الأخير يأسف على حالة المسرح ويراه غير مالك للأسلحة الكافية والضرورية لإنفاذ هذا الدور الهام الذي يعتبر لبنة أساس في تفكير علولة المسرحي المنفتح على الآخر.

يسع القول في الأخير أن كل ما قدمه علولة للمسرح الجزائري والعربي لم يشفع له ليحاكم محاكمة عادلة تلج بعمق التفكير المسرحي العلولي وتفككه لبناه الصغرى قبل أن تعدمه وفق أهوائها وأحكامها المسبقة. غيب الظلاميون التفكير واستبدلوه بتكفير لا يرحم محكمين خطرفتهم السطحية التي لا ترى من إبداعه وفكره المسرحي المتفرد غير كونه نهل المسرح من الضفة الأخرى فعاد محملا بالأفكار الشيوعية العلمانية التي يرونها داحضة للعقيدة ومحاربة للاسلام. نالت يد الارهاب من رجال المسرح الجزائري مكرسة فكرة “التكفير”الهمجي الهدام وتناسوا أن التفكير باق ما بقي صاحبه، لكن التكفير زائل بزوال مريديه ولا يحصد إلا الشر والحقد والكراهية التي تأتي على الأخضر واليابس وتقضي على أمارات الجمال حيثما وجد.

أرزاء التكفير لا تزال هادمة لفضائل التفكير، لكن على الرغم من آثارها الوخيمة لكنها تحصد عكس ما نوت وزرعت ألا وهو خلود التفكير وتشبث الأغلبية الساحقة من الأجيال اللاحقة بذلك التفكير الذي غيبه التكفير؛ إذ قوضه واغتاله مفردا فأضحى متعددا وهذا ما جعل أفكار وتفكير كل من عز الدين مجوبي وعبد القادر علولة المسرحية لا تزال بروح وخلد الأجيال المسرحية بالجزائر لما بعد العشرية السوداء التي على الرغم من وطأتها إلاّ أنها أنارت العقول والأفئدة وفضحت كل ألاعيب الظلاميين ودسائسهم الحقيرة…

أستاذة دكتورة باحثة في النقد المسرحي والسينمائي والترجمة، رئيس المجلس العلمي بمعهد اللغة والأدب العربي، المركز الجامعي عبد الله مرسلي –تيبازة-الجزائر.

*

 نصر حامد أبو زيد، التفكير في زمن التكفير ضد الجهل والزيف والخرافة، مكتبة مدبولي، القاهرة، ط 2، 1995، ص 13.[1]

 المرجع نفسه ص 13[2]

 نصر أبو زيد، المرجع نفسه ص 21 و22[3]

*  أول تجربة انشقت عن القطاع العام خلال سنتي 1989 و1990 وقد أكدت على ذلك الفنانة صونيا من خلال حوار أجريته معها بشهر مارس 2013. بمهرجان المسرح للانتاج النسوي بعنابة بمسرح عز الدين مجوبي.

 ينظر أحمد بيوض، المسرح الجزائري، نشاته وتطوره، دار هومة للطباعة والنشر والتوزيع، الجزائر 2011، ص 311 و312.[4]

 ينظر أحمد بيوض، مرجع سابق ص 316.[5]

 *  عز الدين مجوبي ممثل ومخرج مسرحي جزائري ولد في مدينة عزابة بولاية سكيكدة سنة 1945، كان أبوه محاميا من ضواحي ولاية سطيف اغتيل في فيفري 1995 بالجزائر العاصمة. بدأالتمثيل ببدية الستينيات والتحق بالكونسيرفاتوار بالعاصمة كما كانت بدايته الفنية بعتبة الإذاعة الوطية نظرا لصوته المميز ما بين 1965 و1968. واتجه إلى المسرح بعد تجربة مميزة شارك بأعمال من الريبرتوار المسرحي العالمي. خاض غمار العمل التلفزيوني وساهم في الكثير من الأعمال المسرحية مثل مسرحية حافلة تسير وغابوا الأفكار  وعالم البعوش وبابور غرق والعيطة وقالوا العرب قالوا و”لحوينتة”(بمعنى الدكان) سنة 1994، ونال عنها جائزة أحسن إخراج. إضافة إلى إسهامه في التكوين حيث كان أستاذا في الالقاء والأداء بالمعهد العالي للفنون الدرامية، كما تقلد منصب مدير للمسرح الجهوي بباتنة وبجاية وبعدها بمسشر محي الدين باشطارزي يالجزائر العاصمة سنة 1947.(ينظر ويكيبيديا)

[6]  الإذاعة الجزائرية، 20 سنة عن اغتياله..عز الدين مجوبي حي في قلوب الجزائريين، 13-02-2015، www.radioalgerie.dz

 الحوارت مستفرغة من مشاهدة العيطة في اليوتوب.[7]

 ينظر، آسيا شلبي “شهادات”.www.mahradjan/ com[8]

ينظر عبد الستار جواد، مهمات المسرح العربي، مجلة الأقلام، العدد 8، دار الجاحظ، بغداد 1979، ص 67.[9]

 الأجواد ص88.[10]

ينظر رشاد رشدي، نظرية الدراما من أرسطو إلى الآن، دار العودة، ط2، بيروت 1975، ص 151.[11]

[12]  جروة علاوة وهبي، المسرح في الجزائر، الأزمة والحلول، منشورات وزارة الثقتفة، الجزائر صص 122 و123

محمد سامي/ موقع الخشبة

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *