ورشات مسرحية غيرت من نظرة المتدربين إلى السينما والمسرح : نضال قوشحة

المصدر / العرب : نشر محمد سامي موقع الخشبة

  • يحفل الحراك الثقافي والفني في سوريا بالعديد من المواهب الشابة التي تتوق للاحتكاك بفن المسرح، معرفة وخبرة، وهذا ما يتطلب وجود منصات رسمية وأهلية تحتضن تلك المواهب الشابة وترعاها، وتصل بها إلى الأماكن الصحيحة فنيا التي تحقق لها النجاح المطلوب. فإلى جانب المعهد العالي للفنون المسرحية، توجد في سوريا العديد من الجهات التي تقدم فنون وعلوم المسرح للراغبين في ذلك، سواء كان منها الرسمي أو الأهلي، التي نشطت في السنوات العشر الأخيرة.

من ضمن الجهود الرامية إلى تطوير الفن المسرحي، قدمت مديرية المسارح والموسيقى، في وزارة الثقافة السورية، بالتعاون مع الدكتور محمد قارصلي الأكاديمي في فن السينما والمسرح، دورة إعداد مسرحي لمدة شهرين، لمجموعة من الطلبة، تلقوا خلال هذه الفترة مجموعة من التدريبات على إنجاز عرض مسرحي، بدءا من اختيار وصياغة الفكرة وصولا إلى تنفيذها كاملة على خشبة العرض. وقد انتهت هذه الدورة بإنجاز عرض مسرحي متكامل عرض على خشبة مسرح القباني لمدة ثلاثة أيام.

ورشات يومية

انتسب للدورة التكوينية المسرحية عدد من المهتمين بالفن المسرحي، بعضهم يقف للمرة الأولى على خشبة المسرح، والبعض الآخر يخوض التجربة مجددا من خلال أجواء جديدة. الهدف من الدورة كان تزويد هؤلاء بمعلومات يستطيعون بها التعرف على أجواء العمل المسرحي من بدايته إلى نهايته، بحيث يحتكون بكامل تفاصيل العملية الإبداعية المسرحية، ويمكن بالتالي أن يكونوا بصفة مساعد مخرج في العروض الاحترافية.

عن أهداف الدورة وطموحاتها التدريبية يقول المشرف العلمي عليها، محمد قارصلي “كان هدفنا في الدورة، التي مدتها شهران، تأهيل المتدربين معرفيا ليتعرفوا على كامل مفاصل العملية المسرحية، من كتابة النصوص إلى اختيار الممثلين وأيضا تصميم الديكور والإكسسوار وصولا إلى إتمام العرض كاملا.

الطلاب المتدربون تعرفوا من خلال المحاضرات والتمارين العملية والورشات اليومية، إلى الكثير من تفاصيل العمل المسرحي

كانت هنالك مجموعة من المحاضرات النظرية وكذلك الألعاب المسرحية، كانوا يقومون بها بالتوازي مع أفكارهم التي كانوا يكتبونها ويعملون عليها تطويرا حتى وصلت لحالة النص النهائي الذي قدمناه في عرض التخرج. المتدربون تعرفوا من خلال المحاضرات والتمارين العملية وورشات العمل اليومية على العرض، إلى الكثير من تفاصيل العمل المسرحي التي تحدثت عنها آنفا”.

وعن إمكانية أن تصنع هذه الدورة من المتدرب مخرجا مسرحيا، يبين قارصلي أنه “لا يمكن أن تكون فترة شهرين قادرة على تعليم شخص الإخراج المسرحي، وهذا ما يدرس في المعاهد العالمية بفترة خمس سنوات، ولم يكن هدفنا من الدورة الادعاء بتحقيق هذا الهدف، جل ما نستطيع قوله إننا أوجدنا مساعد مخرج مؤهلا تقنيا ومعرفيا، للتعاون المثمر في إنجاز عرض مسرحي متكامل، بحيث يمكنه أن يعرف كيف يتعامل مع كل مراحل العمل المسرحي، ويقدم في ذلك جهدا إيجابيا مثمرا. في الدورة دخل الطلاب في تمارين عملية، كنت من خلالها أعرفهم على طرق تنفيذها، وكذلك الأفكار النظرية المتعلقة بكيفية تنفيذ الأداء”.

معارف مسرحية

عن كيفية تنفيذ عرض التخرج وكيف وصل الطلاب العشرة الذين شاركوا في الدورة لإنجازه، يقول قارصلي “الطلاب هم الذين كتبوا النص، وهم من قاموا بإخراجه، وكذلك التمثيل فيه، بعض الطلاب يصعد للمرة الأولى على الخشبة، لم نهتم لذلك، لأنه لم يكن هدفنا إيجاد ممثل محترف، بل نريد طالبا محترفا يعرف كيف يتعامل مع المادة الموجودة والهدف المطلوب، وبالتالي أسلوب تعاطيه مع مفردات العمل (نص، ممثل، ديكور، صوت، موسيقى وإضاءة) هذه الطريقة جعلت مداركهم أكبر، وجعلت طريقة رؤيتهم وتذوقهم للفن مختلفة، سررت جدا عندما قال لي الطلاب إنهم باتوا يشاهدون الفيلم السينمائي والمسلسل التلفزيوني بطريقة مختلفة. من خلال كل هذا أوجد الطلاب عرضا رشيقا وجاذبا، الكثير من الذين حضروا العرض قالوا في نهايته إنهم كانوا يتمنون لو استمر أكثر”.

الدورة التكوينية المسرحية انتسب إليها عدد من المهتمين بالفن المسرحي، بعضهم يقف للمرة الأولى على خشبة المسرح

لؤي الحلبي، أحد الطلاب الذين تخرجوا من الدورة، يقول عنها “كانت فرصة هامة وجميلة للتعرف على أجواء إبداعية جديدة، قمنا فيها كطلاب باختيار أفكار ورسمها على خشبة المسرح تحت إشراف المدرب، استمتعنا بالمحاضرات عن الإضاءة وكذلك الخيال المسرحي، واستفدنا من ذلك في إيجاد تقاطعات بين فني المسرح والسينما، حيث لغة الصورة”.

ونذكر أن القائم على الورشة التدريبية محمد قارصلي فنان سوري ولد عام 1950، درس فنون السينما والمسرح في الاتحاد السوفييتي، وقام بتدريس مواد إعداد وتدريب الممثل في العديد من المراكز الفنية في سوريا وخارجها، أنجز خلال سنواته المهنية أكثر من مئة فيلم وثائقي قصير، حصل على أكثر من عشرين جائزة عالمية، كذلك قدم مسرحيات عرضت في العديد من دول العالم منها اليابان التي حاز فيها على عدد من الجوائز.

قدم مع منظمات عالمية أفلاما وثائقية عن البيئة، التي حازت بدورها على العديد من الجوائز. وأنجز عام 2009 سلسلة مقامات الشام وهي ثلاثون فيلما، تتحدث في موضوع واحد هو الحالة الحضارية في سوريا.

كتب للأطفال مسرحية “حصاة الصبر”، وكذلك قدم للناشئة رواية “حكاية الدرب الطويل” وكذلك مسرحية “حريق اللون حريق الروح”. كما قدم المئات من الدراسات والأبحاث في السينما والمسرح والتلفزيون.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *