نوادى المسرح ..تجارب شابة وقدر كبير من التمرد / داليا همام

المصدر / محمد سامي موقع الخشبة

“أنا أتمرد،إذن نحن نوجد”تلك جملة يمكن أن نصف بها تجارب نوادى المسرح ،والتى تعد بمثابة معمل مسرحى يقدم مواهب شابة على مدار العام،مع الأخذ فى الإعتبار أنه من الضرورى أن يوجد التمرد على خلفية مرنة و محددة فى آن معا وذلك لمحاولة تحقيق الهدف،الأفكار التى ترتبط بالتمرد طرحها ” ألبير كامى “والذى يربط تلك الأفكار عن التمرد ب” فكرة الخلق” فنحن على مستويين الفردى والجمعى أشبه بالعمل الفنى الذى يوضع قيد الإنجاز ،أما من الناحية المثالية يحترم التمرد هذه اللحظة من الخلق الجمالى كما يرى كامى.                            .

تبدو فكرة التمرد أكثر إتساقا بكل ماهو شاب ،فالمتمردشخص يقول”لا”…فى حين لايتضمن رفضه نوع  من التنصل فهو عندما يقول لا ،ضمنيا يقول نعم ،بمعنى أنه يرفض الوضع القائم  مطالبا بحقوقه ،وفى جوهر رفضه يقول نعم أنا أطالب بالحقوق على المستوى العام ،فعندما يتمرد الفرد فإنه يشارك وجدانيا مع الآخرين  متجاوزا ذاته ،تلك الحالة من التمرد تجدها بشكل واضح فى التجارب الشبابية التى تقدمها نوادى المسرح .

تعد نوادى المسرح بمثابة “معمل مسرحى ” ونعنى بالمعمل المسرحى دار المسرح أو مايمثلها لتدريب الممثل والحرفيين المسرحيين ،كما تجرى فيها تجارب واختبارات تتعلق باستحداث أو تطوير المعارف المسرحية المختلفة كالإضاءة والديكور والتمثيل والإخراج “ذلك هو تعريف .د.إبراهيم حمادة فى معجم المصطلحات الدرامية عن المعمل المسرحى ،وتعد تجارب نوادى المسرح بمثابة ذلك المعمل المسرحى ، الذى يفرز كل عام تجارب شبابية جديدة،تتميز بقدر كبير من التمرد والتجدد ،تجارب هامة ،تقدم إبداع مختلف ،إبداع يسعى دائما إلى الجديد يتم العمل فيه بروح الهواة بما يعنى أن العمل هنا يكون بدافع حب المسرح ،وليسبدافع التكسب المادى ،فقليل من المادة وقدر كبير من الموهبة الشخصية والقدرة على الخلق الفنى ،يمكن تجاوز عثرات المادة .

فهى عروض قليلة التكلفة المادية ،ولكنها كثيرة الموهبة والتفرد الذى يعد جسر التواصل بين مبدعى تلك التجارب والجمهور .

المسرح فى الأساس “علاقة تواصل بين الممثل والمتفرج “يبرز فيها مايسمى” بأفق التوقع”وهو مفهوم جمالى يلعب دور مهم فى عملية بناء العمل الفنى والأدبى ونوعية الإستقبال ،التى يلقاها العمل انطلاقا من فكرة أن المتلقى يُقبل على العمل وهو يتوقع شئ ما .

فى المسرح يأخذ أفق التوقع منحيين”الأول”درامى أى أن يتوقع الجمهور تسلسل الأحداث ،و”الثانى”جمالى “أسلوب وشكل العرض .

فى تجربة نوادى المسرح ،العديد من العروض تعارض أفق التوقع لدى المتلقى ،فينتج عن ذلك نوع من الدهشة التى قد تضفى على العرض جمالا ،فهى تجارب تتخذ أفكار مُغايرة لما هو قائم ،حيث يقدم شباب المبدعين فيها أفكار تعبر عنهم ،بعناصر إبداعية شابة وطموحة ،متمردة تحاول خلق كل ماهو جديد.

 

تجربة نوادى المسرح منذ “المبدع /عادل العليمى ومن بعدة ،المبدع سامى طه “،حاولت أن  تقدم دماء جديدة للحركة المسرحية بإستمرار وبجهد كبير ومستمر إستطاعت نوادى المسرح أن تثبت وجودها وأهميتها بالنسبة للمشاركين فيها والمهتمين بها.                                              .

وفى إطار تجربة النوادىتقيم إدارة المسرح مجموعة من الورش المسرحية ،وذلك لإعتماد مخرجين جدد يضافوا إلى الحركة المسرحية ،حيث يتم إعتماد المخرجين الجدد بعد خوضهم ثلاث تجارب يتلقون خلالها ورش تدريبية ،وهى تجربة تستحق الإهتمام ،ذلك أنها تحاول إثقال موهبة هؤلاء المخرجين وتدعيمها بالمعرفة .

تقدم النوادى طاقات شبابية متجددة على الدوام ،فهى تجربة شابة تسعى على الدوام للتجدد ،وفى خضم الحراك المسرحى العام ،تحاولتلك الورش تدعيم مبدعى نوادى المسرح وإمدادهم بالخبرات والتقنيات المختلفة فى محاولة لتدعيم المواهب الشابة ،وتطوير أدوتهم.                                          .

المدهش والجميل فى تجربة نوادى المسرح ،أنها تستطيع جذب كل من يقترب إليها ،إنه سحر الطموح والمحاولة التى تبدو فى عيون مقدميها من شباب المبدعين .

والذين يسعون للأفضل محاولين تقديم تجارب متمردة جديدة ومختلفة تشعر تجاهها بالبهجة ،تلك الرغبة فى الوصول للأفضل والتى تتبدى فى العمل الفنى .

هذه الروح الجماعية التى تبدو بوضوح فى العروض المقدمة ،تجعل من يقترب من تجربة النوادى لايستطيع اهمالها،فهى تجارب شابة تستحق الدعم والإهتمام.                        .

تلك الطاقة التى تتسرب إلى متابعين نوادى المسرح ،تجعلهم يروا أن القادم أفضل إن تم تمكين هؤلاء الشباب ،والعاملين على تطوير وتدعيم تلك التجربة .

تجربة تستحق المساندة والدعم ،ترى فيها القادم أفضل وأبقى ،ثمة ملاحظة هامة فى الدورة السابقة من المهرجان الختامى لنوادى المسرح الدورة “26”والتى أُقيمت على مسرح السامر ،حيث تجد دور فعال للمرأة فى العروض المسرحية المقدمة سواء على مستوى التمثيل ،أو الإخراج ،تلك الحالة تؤكد إهتمام النوادى بأبنائها من الجنسين والفيصل هنا هو الموهبة لا النوع .

ستظل نوادى المسرح ذات نشاطات هامة ،تصنع حالة من التفاعل بين مبدعى المسرح الشباب على مستوى المحافظات ،وتطلعهم على تجارب بعضهم البعض والإستفادة منها.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *