سبع شخصيات عربية تعيش رهاب الإرهاب في محطة ميترو

العرب – مجلة الفنون المسرحية

 

المسرحية العراقية “بوابة 7” تفضح وقائع عملية إرهابية بقسوة لغوية وجسدية ونفسية، وإدانة شديدة للأفكار السلفية والرجعية والراديكالية.

في العرض المسرحي العراقي “بوابة 7” الذي كتبت نصه عواطف نعيم، وأخرجه سنان العزاوي، يحمل سبعة أشخاص أيديولوجيات مختلفة، وهم المنتمون إلى بلدان عديدة: عراقيان، مغربي، تونسي، فرنسية، سورية ومصري يلتقون في محطة مترو في بقعة ما من العالم، وتشير وسائل الإعلام المجسدة على شاشة خلفية (داتا شو) إلى وجود إرهابي يحمل حزاما ناسفا في البوابة رقم 7، الأمر الذي يبعث الهلع في نفوس هؤلاء الأشخاص، ويدفعهم إلى الشك والتساؤل عمّن يكون هذا الإرهابي.

ومن هنا يشرعون في فضح الوقائع بقسوة لغوية وجسدية ونفسية، وإدانة شديدة للأفكار السلفية والرجعية والراديكالية، كل من منطلق فهمه وأيديولوجيته، فالرسامة الفرنسية (أدت دورها آشتي حديد) ترى أن جميع العرب إرهابون، وتستعيد برسمها صورة للنبي محمد، على نحو كاريكاتيري، حادثة المجلة الفرنسية “شارلي إيبدو” التي نشرت رسوما كاريكاتيرية له، لكن المصري الإخواني (ياسر قاسم) يعتبرها مذنبة، ويلطخ بيده الحمراء رسمها الكاريكاتيري، وهو يردّد آيةً من سورة الكوثر “إن شانئك هو الأبتر”.

أما هي فتصرخ بلغتها الفرنسية، وتدين تخريب رسمها، لأنه من وجهة نظرها مجرد عمل فني لا يملك محمولا سياسيا، ولا يستوجب كل هذا الانفعال والغضب، لكن المخرج لم يترجم حوارها إلى العربية، وإنما أورد معناه الأشخاص الآخرون بردودهم على الفرنسية، وكذلك من خلال بعض التلميحات المكتوبة التي هي من ضمن الفعل المسرحي.

 وقد كتب أحد النقاد المسرحيين عن ذلك، مشيرا إلى الهيمنة اللغوية “الكولونيالية” التي كشف عنها العراقيان بلهجتهما الدارجة، حيث خبأت وراءها أسرارا ومواربات فضحت الابن الداعشي (وسام عدنان) الذي ارتكب جريمة قتل شباب “سبايكر” وشقيقه من مجندي الجيش السابق، والأب (نظير جواد) الذي هرّب ولده إلى منطقة نائية، إلاّ أنه لم يستطع أن يخلصه من رائحته النتنة التي بقيت لصيقة به، ويطلب الابن ماء لينظف نتانته العصية على المحو بفعل القتل، في استعارة ذكية لدلالة الرائحة في حوار الليدي مكبث، لينتهي منتحرا على مرأى من الأب.

وكشف عرض “بوابة 7” الذي قدّم مؤخرا على مسرح الرافدين في بغداد عن مضمرات وأسرار جميع شخوصه، فالإخواني المصري يحاول أن يتستر بصلاته وتلاوته لمقاطع من القرآن مُمجدا “ثورته” المسروقة، حسب زعمه، ولائما العلمانيين والليبراليين على وأدهم لتلك الثورة “الشرعية”.

والعلماني التونسي (علاء قحطان) يفضح تيار الإسلام السياسي الذي سرق الثورة في بلاده، والمرأة السورية القادمة من الرقة (إسراء العبيدي) تعرّي بجرأة مغتصبيها الدواعش، واستباحة جسدها وإنسانيتها تحت مسمى “جهاد النكاح”.

أما المغربي، مهرب السلاح (حيدر خالد)، فقد كان “داينمو” العرض، ورابطا بين أحداثه، وكأنه استعاضة عن الجوقة الغنائية الإغريقية، بأداء ذي نفحة صوفية تحتفي بفكرة التصالح بين العلماني والديني/السلفي، إنه المعادل الموضوعي للمكبوت والنقيض معا، يقدّم “الدف” للإخواني، ويدعو المرأة السورية المجروحة للرقص على جمر أوجاعها.

وارتهنت جمالية العرض باللعب في الفضاء الافتراضي، المشكّل من سينوغرافيا تعبيرية، عبر بنى مشهدية تكرارية، مراقبة من قوة علوية، وشخص متستر يتصل بالهاتف الأرضي بالمحطة تارة ليزيد من حالة الخوف، ويقذف حقيبة التنصت تارة أخرى.

وجميع الأشخاص في ذلك الفضاء يتنصت بعضهم على بعض، وأسرارهم تفضحها كاميرا المراقبة، بينما تدير اللعبة الروح العلوية الملتبسة، وتنهي العرض بنهاية دائرية، دون ستارة، واستغاثات من قاطرة مهجورة تنفتح على المجهول.

شاهد أيضاً

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء

صدور العدد (36) من مجلة (المسرح العربي) للهيئة العربية للمسرح  كتب – عبد العليم البناء …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *