المسرح التجاري والكوميديا الموسيقية

 

 

 

المصدر : المدى : نشر محمد سامي موقع الخشبة

اعجب لماذا تأثرت كثيراً بتلك الدرامات التي تقدم بالدرجة الرئيسة في المسارح الكبيرة والمسماة (المسرح التجاري) مسرح (نو) و(كيرغن) و(بدنراكو) و(الكابوكي) امثلة للكلاسيكيات المسرحية اليابانية والتي مازالت على قيد الحياة عبر الأزمنة المتغيرة لقد كانت موضع تقدير فعلي مع المسارح الجديدة الأخرى الموجودة في اليابان. حقاً فإن تلك المسارح التقليدية هي مسارح جيدة ولكن من الصعب اعتبارها كونها تمثل زماننا هذا.

تقدم الدرامات التجارية وهدفها الأساس لتسلية الجماهير الواسعة تقدم في المسارح الكبيرة والتي تشجعنا على تسميتها درامات حديثة منذ أن سمينا (شينغيكي) والمسارح الصغيرة بالاسم نفسه، ويفترض أن (شينغيكي) قد تأصلت في الأدب واعتبرت المسارح الصغيرة وحركتها كونها باغية. لا استطيع أن انزع عن تفكيري أن المسرح التجاري يخسر كثيراً شخصيته التي تمثل التعبير عن العصر الحالي.
وحينما اعود الى الماضي تراودني الفكرة نفسها، موضوعات المسرح التجاري الحالي نادراً ما تتعرض للمجتمع الحديث نفسه، ويبدو ان هناك ميلاً متعاظماً لأن لا تمثل الدراما التجارية المصاعب الكامنة في المجتمع الحديث، ويبدو انها توقفت عن اعتمادها على الاخلاقيات الحديثة الواضحة واخذت مسارحها تمسرح نوعاً من القصص الدرامية تخص الماضي. هناك تحوّل متعاقب في جميع الحقب الزمنية. ويبدو أن زمننا بشكل خاص في مرحلة تحول، ولا يستطيع أحد منا ان يعبر دراماتيكياً عن الأوجه المختلفة للمجتمع الحديث وبفهم عميق.. ومن الأفضل كتابة قصة درامية تحيلك الى الماضي ولنا عنها وجهة نظر مقبولة سلفاً لأن مثل هكذا قصة ليس فيها الا القليل مما هو مرغوب فيه، وعندما نأخذ بنظر الاعتبار اتجاه صفة المسرح فإن المسرح التجاري الياباني يحاول نوعاً ما أن يتجاوز مصاعب المرحلة الانتقالية حيث يزيد ويراقب التغير الزمني.
عند إلقاء نظرة على السنة الماضية نستطيع القول ونحن بمأمن بأن (الممثلين القادة) وقلة من النجوم تم ترشيحهم للعمل وساندتهم الادارة المستقرة والمتعاقبة لتقديمهم في المسارح الكبيرة.. على سبيل المثال فقط ظهر (يا مادا أيسوزو) في مسرحية بعنوان (ذكريات بودو) فقط وهكذا غيره من اولئك الممثلين المعروفين.
وقد يكون حقيقة أن التقديم المتكرر أو التكرار intermittent  يحصل بسبب افتقار المسرح الياباني الى نظام العروض الطويلة الأمد (وهي من صفات المسرح التجاري).
ومن ناحية أخرى، ليس لدينا إلا القليل من الاعمال الجديدة والقليل من كتاب الدراما الذين يجهزون المسارح الكبيرة بالأعمال الجديدة، وعليه فإن المسارح التجارية تعاني من ذلك الافتقار.
وتعتمد قيمة المادة المسرحية على مدى تقديمها قيماً معتبرة مضافة على سبيل المثال فإن مسرحية (فتاة مضحكة) ادتها (موري) قد حققت تقدماً وتجاوزت عروضها الأولى الاصلية. وقد اظهرت الممثلة (موري) نموها عبر تمثيلها مع الممثل (اشيا غانوسوكي) حيث أدت دوراً انثوياً كوميدياً جاهزاً للبطلة التي توفيت في النصف الأول من مرحلة (شودا).
البعض من الدرامات المكررة تم اصلاحها واخذت شكلاً جديداً، وعلى سبيل المثال مسرحية مثل (صرفاً في الربيع) كانت من الروائع ومع ذلك فقد اعيدت صياغتها بشكل مسرحية تاريخية، كما تم تحديث نسخة من مقطوعة من مسرح الكابوكي التقليدي بعنوان (زهرة في الظلام) ولكنها لم تحدث ايّ تأثير درامي. بحسب تقديرات الجمهور، فإن القليل من الاعمال الجديدة نالت درجة عالية وذلك بسبب بلادة السنة الماضية وركودها.. مع ذلك فقد جذب كاتب جديد هو (هوريكوشي شين) انتباه الجمهور المسرحي بمسرحيته (جنون في مدينة قديمة) ومسرحيته الأخرى (حياة في قطار متفرقع) وعرضت المسرحيتان من غير ادعاء بكسر بلادة المسرح التجاري المتأصلة، وكانت هناك محاولات مماثلة استحقت الثناء واعتبارها محاولات لتقديم اعمال ناجحة في المسارح الكبيرة لجمهور واسع.
كانت الكوميديات الموسيقية هي العمود الفقري للمسرح التجاري (لم يطرق المسرح التجاري عندنا ذلك الباب إلا مع (سيدتي الجميلة) من مسرح النجاح من اخراج (محسن العلي). ومن الملاحظ أن عدداً من الكوميديات الموسيقية المترجمة عن الانكليزية أو المقتبسة من المسرح الاميركي قد نجحت تجارياً في اليابان بعد أن استمرت عروضها لمدة طويلة ومنها سأذكر ثلاثاً:
الأولى، مسرحية (قطط) قدمتها (فرقة شيكي المسرحية) في مسرح خاص من مدينة (فوغويا) لمدة سنة كاملة، وأعيد عرضها لألف وخمسمئة وتسعين مرة بعد أن قدمت في (طوكيو) لجمهور تعداده اكثر من مليون وستمائة الف متفرج، وقدمت مسرحية (التعساء) لمدة ثلاثة اشهر هذه السنة واعيد عرضها لخمسمئة واثنتين وتسعين مرة منذ عام 1987 واستذوقها نحو مليون متفرج، اما المسرحية الثالثة فهي (شبح الأوبرا) فقد اعيد عرضها لأربعمئة وتسع عشرة مرة منذ عام 1988 وبلغ تعداد جمهور ما يزيد على الأربعة والخمسين ألفاً.
هناك ايضاً عدد من الكوميديات الموسيقية قدمتها فرق اجنبية في اليابان تولى انتاجها مستثمرون وعرضت تلك المسرحيات لمدد طويلة ومنها (سيدتي الجميلة) و(كان كان) و(سيدات محبطات) ومن الجهة الأخرى هناك اتجاه متنامٍ لتقديم فنون العرض كأحداث مسرحية مثل اوبرا عايدة واوركارمن ومثل هذه الحقيقة تعكس رد فعل ضد انتعاش المسرحيات الاعتيادية في المسرح التجاري القديم.
أود ان اعطي أمثلة قليلة أخرى عن عروض مسرحية لمسرحيات كوميدية موسيقية مترجمة الى اليابانية، (رجل من لامانجا- دون كيشوت) و(الملك وانا) اخرجهما (توهو)، و(عيسى المسيح الأسمى) اخرجها (شبكي) ويبدو أن (توهو) يبحث عن حل وذلك بالعودة الى العصر الذهبي للمسرح التجاري. وكوميدياته في اليابان هناك بالطبع، حركة متنامية باتجاه كوميديا موسيقية يابانية ولكنها مازالت تقع في اخطاء، ومن الحلول التي توصل اليها (توهو) هو الجمع بين الكابوكي الياباني والاوبرا الصينية حيث ستكون فيها تسلية جيدة، ومن جهة أخرى وجد من الضروري العودة الى توظيف النجوم من الفنانين في المسرحيات التجارية لغرض جماهير اوسع من المعجبين بأولئك الفنانين، وذلك لمحاولة اقناعهم للظهور في الكوميديات الموسيقية بعد أن كانوا يرفضون ذلك.

شاهد أيضاً

نهضة المسرح العربي الجديدة والمتجددة مع الهيئة العربية للمسرح ومسؤولية المؤرخ المسرحي إعداد: أحمد طنيش

   

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *